الدكتورة يمن الحماقى تكتب: موقع مصر من الاقتصاد العالمى الفرص والتحديات.. لماذا لا نستفيد من التجارة العالمية.. 6 معوقات يجب حلها..عدم وجود رؤية وعدم الاستفادة من الاستثمارات فى نقل التكنولوجيا

يموج العالم حاليا بالعديد من التغيرات المؤثرة على الأوضاع الاقتصادية الدولية، حيث تشير العديد من الدراسات إلى أنه على الرغم من تحسن أداء الاقتصاد الدولى بعد الأزمة المالية العالمية إلا أنه ما زالت هناك العديد من التحديات، التى تهدد الاستقرار الاقتصادى العالمى، ولعل من أهمها تباطؤ التجارة الدولية، التى كانت تلعب دورا مؤثرا فى نمو الاقتصاد الدولى، وكذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وهو ما يؤثر على مستقبل التكتلات الاقتصادية الدولية، يضاف لذلك رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأمريكية واتجاهاته للحماية من خلال تهديده للمستثمرين الأمريكيين فى الصين حول الصادرات الصينية للولايات المتحدة، وكذلك تهديده لمنطقة التجارة الحرة مع كندا والمكسيك (النافتا) بوضع قيود على هذه التجارة، وفيما يتعلق بالأوزان النسبية للقوى الاقتصادية فى العالم، فقد أسهمت الأزمة المالية فى تغير هذه الأوزان قفزت الصين كثانى أكبر اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية وانخفضت الأهمية النسبية لدول الاتحاد الأوروبى مع أزمة المديونية لليونان، وهذا يضاعف من آثار التحديات الكبيرة، التى يمر بها الاتحاد الأوروبى حاليا خروج بريطانيا منه والخلافات الكبيرة فى الرؤى بينة وبين الولايات المتحدة، التى أعلن رئيسها مباركته لهذا الخروج، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بالنظام التجارى العالمى فإن هناك مخاطر من حزب العملات من قبل العملات الفاعلة فى هذا النظام وعلى رأسها الدولار واليوان، وكذلك دور النظام المصرفى العالمى فى التأثير على العلاقات الاقتصادية الدولية. كذلك يتطلب الأمر فى إطار العلاقات الاقتصادية الدولية الاهتمام بظاهرة التغير المناخى وتأثيرها عى الاقتصاد العالمى وما يصحب ذلك من فرص وتحديات فى تطبيق أهداف التنمية المستدامة. وإذا ما انتقلنا إلى الإطار الإقليمى، الذى يضم مصر فقد شهدت الدول العربية تحديات الربيع، التى تمخض عنها عدم الاستقرار الاقتصادى والسياسى للعديد من الدول العربية، وعلى رأسها سوريا واليمن والعراق وانتشار ظاهرة الإرهاب وماصحبها من هجرة أصابت الدول الأوروبية بشكل مؤثر وأسهمت فى زيادة الروح العدائية ضد الإسلام. وبالنسبة لمصر فقد عانى الاقتصاد المصرى بشكل كبير من ضعف القاعدة الإنتاجية وعدم تنافسية الإنتاج الصناعى وانخفاض عائد السياحة وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وكذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، مما أدى إلى تعويم الجنيه المصرى فى نوفمبر 2016 وماتبع ذلك من ارتفاع كبير فى الأسعار كانت له تداعيات سلبية على المستوى المعيشى للمواطن المصرى، وكذلك والأكثر خطورة على القدرات التنافسية للطاقات الإنتاجية المصرية فى كل المجالات. وبعد فإن العرض السابق إنما يتطلب أن نطرح العديد من التساؤلات المرتبطة بقدرة مصر على الاستفادة من الفرص القائمة فى الاقتصاد الدولى، كذلك مواجهة التحديات الناجحة عنه، وتتمثل هذه التساؤلات فيما يلى:- أولا: هل تستفيد مصر من الفرص المتاحة دوليا فى مجال التجارة؟ فإذا كانت نسبة التجارة الخارجية لمصر فى الإطار العالمى لا تصل إلى 1% فإن ذلك يعنى بكل وضوح أن استفادة مصر تكاد لا تذكر، وفى الحقيقة أن الآثار الإيجابية للتجارة الدولية لاتقتصر على عائد النقد الأجنبى من ذلك، بل تتخطاه إلى الآثار التراكمية لدعم القدرات التنافسية للصناعات التصديرية، وعلى رأسها نقل التكنولوجيا وتطويعها ورفع إنتاجية العمالة وتوسيع قاعدة الإنتاج لتشتمل الصناعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بمايسمح بتحقيق العدالة فى توزيع الدخل ومكافحة الفقر إذن ما المعوقات التى تحول دون تحقيق هذه الاستفادة؟ وفقا لمئات من الدراسات التطبيقية على الواقع العملى فى مصر فإن أهم المعوقات تتمثل فيما يلى: عدم وجود رؤية حول ماهية الصناعات، التى تتوجه للتصدير، وتلك التى يجب أن تتجه لإحلال الواردات، حيث يرتبط بكل اتجاه سياسة تجارية (جمارك) تدعمه وهذا غير واضح فى القرارات الأخيرة لكل من وزراتى المالية والتجارة والصناعة، حيث تم رفع الرسوم الجمركية على العديد من السلع دون الأخذ فى الاعتبار آثار هذه التعريفة فى دعم الصناعات المصرية لإحلال الواردات أو تشجيع الصادرات وهو مايعنى عدم وجود الرؤية لدى صانعى القرار حول ماهية السياسات، التى تترجم قرارات المجلس الأعلى للاستثمار قبيل تحرير العملة، التى ركزت بشكل رئيسى على تشجيع الصادرات وإنتاج سلع تحل محل الواردات. إذن نحن نحتاج إلى رؤية اقتصادية فى هذا المجال مع العلم أن الصناعات التى يمكن أن تنطلق للتصدير على رأسها الملابس الجاهزة تحتاج لقرارات جريئة فى منع التهريب ومساندة الصناعات الصغيرة بجانبه الكبيرة، وكذلك لدى مصر طاقات كبيرة فى الصناعات الغذائية والحرفية والجلدية وصناعة الأثاث ويتطلب الأمر حصر المصانع، التى تعمل فى هذه المجالات ومساندتها حتى تستطيع أن تحقق طفرة تصديرية فى وقت قصير من ناحية، ومن ناحية أخرى توسيع دائرة المستفيدين لمواجهة ارتفاع الأسعار 2- يتسق مع ماسبق عدم قدرة مصر حتى الآن للاستفادة من الاتفاقيات التجارية، حيث هناك منطقة التجارة الحرة العربية (التجارة العربية البينية لم تزد عن 10%)، وكذلك منطقة التجارة الحرة الأفريقية (26 دولة أفريقية)، وكذلك اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبى، حيث الآثار من هذه الاتفاقيات دائما ما تتمثل فى زيادة الواردات دون أثر يذكر على دعم الصادرات، وهذا يعنى أن الإدارات المسؤولة عن الاتفاقيات سواء كان ذلك فى وزارة التجارة والصناعة أو وزارة الخارجية غير قادرة على التواصل مع مجتمع الأعمال (اتحاد الصناعات والغرف التجارية) لدعم استفادة قطاع الأعمال من هذه الفرص. يضاف إلى ذلك قدرتنا على الاستفادة من فرص التجارة مع دول الـBrics وعلى رأسها الصين، وهنا يثار التساؤل حول دور وحدة الصين التابعة لمجلس الوزراء فى تعظيم الاستفادة من العلاقات الاقتصادية مع ثانى اقتصاد فى العالم، التى رصدت 4 تريليونات دولار للاستثمار فى طريق الحرير. ثانيا: الاستثمارات الأجنبية يمكن أن تلعب دورا مهما فى نقل التكنولجيا ودعم التصدير يجب الأخذ فى الاعتبار أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة يمكن أن تلعب دورا مهما لمصر فى نقل التكنولوجيا ودعم التصدير، كما حدث فى تجارب العديد من الدول الناجحة فى ذلك، وعلى رأسها الصين، وهنا فإن رصد الوضع القائم حاليا من حيث دور هذه الشركات فى مصر، إنما يشير أيضا إلى عدم وجود رؤية واضحة للاستفادة من دور هذه الشركات فى تحقيق الأهداف السابقة، حيث سيطر على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة مؤخرا التركيز فى قطاع الطاقة، وهناك آمال كبيرة معقودة على قانون الاستثمار الجديد، الذى يناقش الآن فى مجلس النواب وما يطلق عليه الرخصة الذهبية للاستثمارات المؤثرة إيجابيا فى زيادة فرص النمو فى مصر، ويتطلب الأمر أن يتم تحديد هذه المجالات بشكل واضح لتعظيم دور الاسثمارات الأجنبية المباشرة فى دعم فرص التنمية فى مصر، وكذلك فإنه يقع على عاتق وزيرة الاستثمار تهيئة البنية المؤسسية لتطبيق النافذة الاستثمارية وتطوير الأداء فى وزارة الاستثمار وتفعيل دور مكاتب الشكاوى ليتم تذليل المعوقات، التى تقف أمام المستثمرين جمعيا، سواء أجانب أو عربا أو مصريين أو مشروعات كبيرة أو صغيرة، وذلك بشكل متكافئ. ثالثا: يجب توسيع اتفاقيات تبادل العملة فيما يتعلق بقدرة مصر على الاستفادة من النظام النقدى العالمى فإن هناك العديد من المحاور، التى تتطلب العمل الجاد لتحقيق ذلك وعلى رأسها تفعيل اتفاقيات تبادل العملة، والتى تمت حتى الآن مع الصين ولا تجد حتى الآن وفقا لاستطلاعات رأى التجار والمستثمرين أثار ملموسة على أرض الواقع، حيث يفترض أن ينخفض الطلب على الدولار، وتعمل على زيادة الفرص التجارية والاسثمارية بين البلدين، وكذلك يتطلب الأمر استفادة مصر من بنك التسويات الدولية، الذى يضم محافظى البنوك المركزية للدول العظمى المؤثرة على النظام النقدى العالمى، وكذلك الاستفادة من زيادة القوة التصوتية للمملكة العربية السعودية فى صندوق النقد الدولى (التنسيق العربى)، ويبدو التنسيق العربى مهما أيضا فى مفاوضات التجارة الدولية من قبل منظمة التجارة الدولية، حيث يتطلب الأمر التنسيق العربى فى القضايا التجارية ذات الأهمية المشتركة، وإن كنت أشك أن الدول العربية تقوم بذلك فعلا، مما يجعلها دائما مفعولا بها بدلا أن تكون فاعلة على الساحة التجارية الدولية. رابعا: ضرورة تطوير القطاع المصرفى عندما نتحدث عن قدرة مصر على الاستفادة من النظام المالى العالمى فإن أول ما يثار هو مدى اندماج النظام المصرفى المصرى فى النظام المصرفى العالمى، الذى يبدو أضعف من فرص ومجالات تعظيم هذه الاستفادة، وذلك على الرغم من التطور الكبير، الذى يشهده النظام المصرفى المصرى، ولكنه يواجه خطرا كبيرا يتمثل فى زيادة اكتتابه فى أذون الخزانة المصرية، مما يستدعى أهمية وضع حد لذلك وتطوير أداء القطاع المصرفى المصرى لمواكبة المتغيرات الدولية وتعظيم فرص مصر فى الاستفادة منها. خامسا: تحويل اللاجئين الذين استقبلتهم مصر لفرص اقتصادية واعدة لقد أسفرت التقلبات الحادة، التى شهدتها منطقة الشرق الأوسط فى آثار جوهرية مرتبطة بالهجرة تستقبل مصر مايقرب من 5 ملايين لاجئ سورى، فضلا عن معاناة مجتمعات اللاجئين فى الأردن ولبنان، ويمكن تحويل هؤلاء اللاجئين إلى فرص اقتصادية واعدة تدعم وتساند قضايا التكامل الاقتصادى العربى، التى يجب أن تحظى باهتمام كبير فى هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا العربية. سادسا: التغير المناخى يوفر فرصا هائلة للاستثمار تحتل قضايا التغير المناخى أهمية كبيرة فى العلاقات الدولية، حيث بالإضافة إلى التحديات، التى تمثلها بالنسبة للدول النامية والعربية والأفريقية، ومصر فى قلب ذلك، فإنها أيضا توفر فرصا هائلة للاستثمار والتشغيل قى ضوء تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة أن تكلفة التغير المناخى تصل إلى 2.75 تريليون دولار سنويا، مما يتطلب أهمية تفعيل خطط التنمية المستدامة العربية والأفريقية، وتفعيل استفادة مصر من هذه الخطط، وهو ما لا يبدو واضحا، سواء من قبل المسؤولين فى وزارة البيئة، جامعة الدول العربية، وزارة الخارجية، التجارة والصناعة وبعد فإن العرض السابق، إنما يشير إلى فرص هائلة للاقتصاد المصرى لتعظيم الاستفادة من العلاقات الاقتصادية الدولية فى ظل عالم متغير يتطلب الرصد والتقييم والاستفادة من الفرص، ولا يتحقق ذلك لا باستخدام الكفاءات القادرة على تحقيق ذلك، والمتابعة سواء من قبل صانعى السياسة أو من المسؤولين عن متابعة الأداء، وعلى رأسهم مجلس النواب والإعلام. أتمنى أن يجد ذلك صدى لدى المسؤولين، وأثق إن شاء الله أن مصر ستنطلق إلى آفاق أرحب وأفضل بمشيئة الله وشعبها العظيم. الدكتورة يمن الحماقى.. أستاذ الاقتصاد جامعة عين شمس.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;