حصل "انفراد "على النسخة الكاملة من حيثيات الحكم على محمد نصر علام، وزير الرى الأسبق، حضوريا، وأحمد عبد السلام قورة، صاحب الشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضى، غيابيا، بالسجن المشدد 7 سنوات فى اتهامهما بإهدار 37 مليار جنيه من المال العام.
وتضمنت حيثيات المحكمة، التى عقدت برئاسة المستشار عبد الشافى السيد عثمان، وبعضوية المستشارين محمد رشدى أبو النجا، ومحمد ثروت عبد الله، وبحضور أحمد أبو الخير وكيل النيابة، وسكرتارية أشرف صلاح أسباب: المتهم الأول بصفته موظفا عاما حاول أن يحصل لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته، بأن استغل اختصاصه الوظيفى فى محاولة تحويل نشاط استغلال الأرض المملوكة للشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضى والإنتاج الحيوانى، الخاصة بالمتهم الثانى، بمساحة 26 ألف فدان بمنطقة العياط، من نشاط استصلاح زراعى إلى النشاط العمرانى دون وجه حق، وذلك بأن أصدر كتابه المؤرخ 19 ديسمبر 2010، ردا على كتاب وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، بتاريخ 7 نوفمبر 2010، بشأن الاستعلام عن مدى إمكانية توفير مقنن مائى لتلك المساحة، وأثبت به على خلاف الواقع صعوبة توفير مياه سطحية لتلك الأرض، زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة، على الرغم من سابقة قيامه بتقديم دراسة فنية عام 2002 بصفته فنى استشارى لتلك الشركة تضمنت إمكانية توفير وتوصيل المياه لهذه الأرض.
وأضافت المحكمة: رغم تنفيذ نسبة 49.47% من إنشاء محطة رى العياط المخصصة لرى هذه الأرض، وتوريد نسبة 100% من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيل المحطة فى تاريخ إصداره لخطابه، وبالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بقرار وكيل وزارة الرى، والذى علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة العياط محاولا بذلك إجبار وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى على تحويل الأرض إلى النشاط العمرانية، بما رتب أحقية الشركة الأرض للغرض العمرانى على غير الحقيقة، محاولا بذلك تظفيرها بربح دون وجه حق والمتمثل فى فارق قيمة الأرض، والبالغ قيمته 37 مليارا و128 مليون جنيه.
واستطردت المحكمة فى أسباب حكمها: بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا حيث إن المتهم الثانى أحمد محمد عبد السلام صديق، لم يمثل للجسلة ودون عذر مقبول، ومن ثم يجوز الحكم فى غيبته حسبما استقر فى يقين المحكمة واطمأن إليه ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة مطالعة سائر أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها فى جلسة المحاكمة، تتحصل فى أن المتهم أحمد محمد عبد السلام صديق، بصفته مالك ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضى والإنتاج الحيوانى والداجنى، تعاقد مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بموجب عقد البيع المؤرخ ١٦ /٢/ ٢٠٠٢ على شراء قطعة أرض صحراوية مساحتها ٢٦ ألف فدان بناحية طهما مركز العياط محافظة الجيزة بمواقع سعر الفدان ٢٠٠ جنيه فقط، على أن تتحمل الشركة تكلفة إنشاء محطة رفع المياه اللازمة لتوصيل المياه، وفق المقنن المائى المخصص من وزارة الموارد المائية والرى، ذلك بغرض استصلاحها وتحويلها إلى أرض قابلة للاستصلاح بعد تنفيذ المتهم المشترى لأعمال البنية الأساسية لها.
وأوضحت المحكمة أنه وبشأن ما قدمه المتهم الأول بجلسة المرافعة من حوافظ ومستندات طويت جميعها على صور من المستندات المرفقة بالدعوى بمعرفة النيابة العامة، وأخرى تضمنها دفاع المتهم وما يؤيده، وذلك على النحو السالف بيانه، وحيث إن المحكمة قد ثبت لها من الأدلة المقدمة فى الدعوى والتى اطمأنت إليها أن المتهم الأول محمد نصر الدين إبراهيم يوسف علام، بصفته وزيرا للموادر المائية والرى، تربطه بالمتهم الثانى أحمد محمد عبد السلام صديق علاقة عمل سابقة، حيث كان يعمل فنى استشارى للشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضى والإنتاج الحيوانى والداجنى، قبل شغله هذا المنصب الوزارى، وبموجب عقد البيع المؤرخ ١٦/٢/٢٠٠٢ باعت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية للمتهم الثانى بصفة رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لتلك الشركة قطعة أرض مساحتها ٢٦ ألف فدان بسعر الفدان ٢٠٠ جنيه، والتى تقع بناحية طهما مركز العياط محافظة الجيزة، وذلك بغرض استصلاحها للزراعة على أن تتحمل الشركة تكلفة إنشاء محطة رفع المياه اللازمة لذلك وفق المقنن المائى المخصص من وزارة الموارد المائية والرى، وقد تعهد المتهم فيه بعدم استخدام الأرض المبيعة فى غير الغرض المخصص من أجله، وقد تم هذا التعاقد بعد موافقة وزارة الموارد المائية والرى على توفير مصدر رى عن طريقة ترعة الجيزة بموجب كتاب وزير الموارد المائية والرى، وفى ذلك الحين ١٧/٤/٢٠٠١ وثابت ذلك باجتماع اللجنة الوزارية المؤرخ ٩/٦/٢٠٠١.
وقالت المحكمة فى أسباب حكمها: "المتهم الثانى لم يكن فى عقيدته استصلاح الأرض وتجهيزها للزراعة كما هو متفق عليه بالعقد المذكور سلفا، إنما كان بغيته الحصول عليها بهذا السعر الزهيد بثمن الأرض المبيعة له، بقصد استثمارها بالنشاط السكنى والعمرانى حتى يحقق من ورائها أموالا طائلة بدون وجه حق رغبة منه فى الثراء السريع وغير المشروع، وقد تلاقت إرادته مع إرادة المتهم الأول لتحقيق هذا الحلم، ولما انتوى المتهمان فعله فقد أصدر المتهم الأول كتابة المؤرخ بصفته موظفا عاما وزير الموارد المائية والرى، ردا على كتاب وزير الزراعة واستصلاح الأراضى بشأن الاستعلام عن مدى إمكانية توفير مقنن مائى لمساحة الأرض المباعة للمتهم الثانى أثبت فيه صعوبة توفير مياه نيلية لأرض الشركة، وكذلك فى المستقبل المنظور نظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة، وأن ما سيتم توفيره من خلال الترشيد مستقبلا سيتم استغلاله لاستكمال المشروعات القومية القائمة، والتى تعمل الدولة جاهدة على استكمالها، مشيرا إلى أنه بالنسبة للمياه الجوفية لتلك الأرض المبيعة، لا توجد أى دراسات متوفرة للوزارة عن إمكانات المخزون الجوفى فى منطقة الزمام الخاص بها وزيل هذا الكتاب بتوقيعة بمفرده، متناسيا سابقة قيامه بتقديم دراسة فنية عام ٢٠٠٢ بصفته فنى استشارى بالشركة الخاصة بالمتهم الثانى، أثبت فيه إمكانية توفير وتوصيل المياه لهذه الأرض والتى قدمها المتهم الثانى إلى الهيئة، مستندا إليها عند إبرام عقد البيع وبموافقة الجهة البائعة للأرض.
وأشارت المحكمة فى حيثياتها إلى أن ما جاء بكتاب المتهم المذكور، يتعارض مع ثبوت تمام تنفيذ نسبة ٤٧.٤٩٪ من إنشاء محطة العياط المخصصة لرى هذه الأرض وتوريد أجهزتها الكهروميكانيكة اللازمة لتشغيلها بنسبة ١٠٠٪، فى تاريخ إصدار خطابة، وكذلك تعارضه مع ما ثبت بتقرير اللجنة المشكلة بقرار كيل وزارة الرى والمؤرخ ٢/١١/٢٠١٠ والسابق على كتاب المتهم المذكور، والذى علق بتغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة العياط، محاولا بذلك إجبار وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى على تحويل الأرض للنشاط العمرانى، لعدم صلاحيتها للاستصلاح الزراعى، كما أثبت بذلك، خلاف الواقع، عجز وزارة المواد المائية والرى عن الوفاء بالتزاماتها الواردة بمحضر اللجنة الوزارية المنبثق عنها عقد بيع تلك الأرض، بما ترتب عليه أحقية الشركة فى تغيير نشاط الأرض للعرض العمرانى، على غير الحقيقة، محاولا بذلك تحقيق ربح ومنفعة للمتهم الثانى بغير حق، والمتمثل فى فارق قيمة الأرض بين تخصيصها للنشاط الزراعى والعمرانى والبالغ قيمته وفقا لما انتهى إليه تقريرى خبراء وزارة العدل المرفقين بملغ ٣٧ مليارا و128 مليون جنيه.
وأضافت المحكمة أن أركان جريمة التربح المنصوص عليها فى المادة ١١٥ من قانون العقوبات توافرت فى هذه الدعوى، لكون المتهم الأول كان يشغل منصب وزير المواد المائية والرى "موظف عام"، وأن ما أتاه من أفعال بموجب هذا الخطاب سالف البيان يدخل فى اختصاصه الوظيفى، وأنه بهذا السلوك الإجرامى حاول أن يحصل لغيره على ربح دون وجه حق، والبالغ قيمتة ٣٧ مليارا و128 مليون جنيه، إلا أنه تحقق فيها والذى تمثل فى ترتيب أحقية الشركة الخاصة بالمتهم الثانى فى تغيير النشاط المتفق عليه من زراعى لسكنى، بالإضافة إلى ثبوت عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها التعاقدية بعدم توفير مصدر مائى لرى الأرض المبيعة، مما ممكن المتهم الثانى للجوء إلى التحكيم الدولى، مطالبا الدولة بالتعويض، ومن جراء هذا السلوك الإجرامى للمتهمين، والمقرر أن حصول المتهم بوصفه موظفا عاما للغير "المتهم الثانى" على ربح أو منفعة أو محاولته ذلك بغير حق، هو أمر مفترض بالنسبة له بهذه الصفة.
وأوضحت المحكمة أن طبيعة العلاقة الخاصة بين المتهمين والسابق بيانها بالحكم هى السبب الذى دفع المتهم إلى التدخل وإثبات البيانات الواردة بخطابه المؤرخ ١٩/٢/٢٠١٠، محاولا بذلك تحقيق ربح أو منفعة للمتهم الثانى، فكانت أعمال وظيفته هى الأدوات التى يستخدمها لمحاولة تحقيق ذلك، وهو يعلم يقينا ما يبغيه من سلوكه الإجرامى، لذلك فإن ما أتاه المتهم الأول على النحو السالف بيانه يكون جريمة التزوير فى محرر رسمى، وبذلك تطرح المحكمة أية دفاع ودفوع يكون قد طرحها دفاع المتهم الأول إذ لم يقصد من ورائها سوى التشكيك فى الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة.
وانتهت المحكمة فى أسبابها إلى إدانة المتهمين، فترى إلزامهما بالمصاريف الجنائية.. ولهذه الأسباب حكمت المحكمة حضوريا للأول وغيابيا للثانى بمعاقبة كلا من 1- محمد نصر الدين إبراهيم يوسف علام، 2- أحمد محمد عبد السلام صديق، بالسجن المشدد 7 سنوات لكل منهما عما أسند إليه، ومصادرة المحرر المزور وإلزامهما بالمصاريف الجنائية.