- اعتقالى داخل سجون الاحتلال ساعد فى بناء وعيى الوطنى
- قادة السجون مارسوا ضدى أبشع وسائل التعذيب الممنهج لقتل الذات الفلسطينية بداخلى
- بدأت رحلة النضال ضد الاحتلال بعد عمليات تهجير الفلسطينيين
- مصر حاضنة النضال الفلسطينى
قائمة طويلة من المناضلات الفلسطينيات لا تنتهى، بداية من فاطمة غزال، أول شهيدة فلسطينية، مروراً بفاطمة برناوى، أول أسيرة فلسطينية، وعبلة طه، ولطيفة الحوارى، وخديجة أبو عرن، وصولا إلى خولة الأزرق، التى عانت ظلم الأسر وشدة العذاب داخل السجون الإسرائيلية.
حفرت "خولة" اسمها وسط المناضلات منذ طفولتها؛ فتم اعتقالها 4 مرات، الأولى وهى فى سن الـ13 عاما، عندما كانت تعيش فى مخيم عايدة للاجئين مع أسرتها البسيطة الفقيرة والمكونة من 11 فردا، كبرت"خولة" وسط مجموعة من النساء المناضلات اجتماعياً وسياسياً، وتزوجت من مناضل مثلها ليكملا مسيرة الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلى سوياً، أنجبت 4 أولاد الأكبر خالد 28 عاماً يعمل محاميا، وأسيل 22 عاماً طالبة، وطارق 20 عاماً طالب، وحلا 14 عاماً .
"انفراد" التقت الأسيرة المحررة "خولة الأزرق" عضو المجلس الثورى فى حركة فتح وعضو الأمانة العامة فى الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، والتى بدأت حديثها برواية معاناة المرأة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلى، قائلة: "المرأة الفلسطينية مرتبطة بالاحتلال الفلسطينى منذ عام 1948 وحتى اليوم، هذه المعاناة مست كافة حياة الإنسان الفلسطينى، وخاصة المرأة التى تحملت أدوارا مختلفة وتتحمل مسئوليات مضاعفة فى ظل غياب الزوج بسبب الاعتقال أو الاستشهاد، فتكون هى الأم والأب، لذلك فهى تقوم بدور صعب ومعقد للحفاظ على العائلة".
وتكمل خولة الأزرق الحكاية قائلة: "كنت أعيش فى قرية جميلة جداً بفلسطين وفى عام 48 تم التهجير لأجد نفسى وسط مخيم مكتظ بالبشر فقير جداً، من هنا بدأت رحلة النضال ضد الاحتلال، وتم اعتقالى لأول مرة وأنا طفلة فى سن الـ13 عاما لبضعة أيام، ثم تم اعتقالى مرة أخرى وأنا بنت 18 عاماً، وكانت الفترة الأطول والأصعب بالنسبة لى، حيث اعتقلت 3 سنوات، ثم اعتقلت مرتين وأنا متزوجة"
وعن معاناتها مع الاعتقال داخل سجون الاحتلال الصهيونى، قالت "خولة": "بالرغم من أن هذه التجارب تعد محطات صعبة فى حياتى إلا أنها بلورت بناء وعيى الوطنى والنسوى".
وأضافت أن العمل الشعبى المقاوم الفلسطينى فى هذه الفترة كان لا يزيد عن إلقاء الحجارة على جنود الاحتلال، متابعة: "كنت وقتها فى مدرسة مخيم عايدة للاجئين للبنات، وتم اعتقالى فى مركز الحكم العسكرى لعدة أيام لكنها لا تنس، وكان التعذيب وقتها بالضرب، وكان الاحتلال يضع عددا كبيرا من الأطفال - كنت بينهم - فى غرفة صغيرة جداً ويسمعنا كلمات خادشة للحياء وسيئة جدا".
وأشارت الأسيرة المحررة إلى أن الاعتقال والتحقيق الأطول فى حياتها كان عندما بلغت الـ18 سنة من عمرها، حيث تم سجنها 3 سنوات، مضيفة أن آخر مرة سجنت فيها وهى فى عمر الـ27 عاماً.
وأوضحت خولة أن قادة السجون مارسوا ضدها أبشع وسائل التعذيب الممنهج لمحاولة انتزاع معلومات منها وسحق الذات الفلسطينية بداخلها وموت الإرادة الوطنية والمناضلة الفلسطينية بداخلها.
وتابعت عضو المجلس الثورى فى حركة فتح، أنها لم تستسلم واستثمرت وقتها مع باقى المناضلات فى السجن بشكل جيدً، قائلة: "كنا نبنى مجتمعا مثاليا داخل السجن يقوم على الجماعية الكاملة، لا توجد ملكية فردية لأى شىء داخل المعتقل، كنا نعيش فى برنامج يومى منظم، فأنا مثلاً كنت أقرأ من 9 إلى 10 ساعات يومياً من الأدب العالمى فى تلك الفترة وتعلمت من ثورات أخرى مثل الثورة الفتنامية والجزائرية وتجربة السوفيت ضد النازية، كنا نجلس ساعات فى حلقات نقاش داخل المعتقل، كما علمنا مناضلات أخريات القراءة والكتابة، كنا نهدف إلى بناء شخصية المناضل بطريقة صلبة يبنى على الوعى".
وقالت الأسيرة الفلسطينية المحررة أن التعذيب داخل السجون الإسرائيلية جزء لا يتجزأ من الحرب مع العدو الصهيونى، مضيفة: "أن أصعب مرة اعتقلت فيها كنت أم لابنى الكبير خالد وكان زوجى مسجون أيضا وحكم عليه بـ6 سنوات، فى هذه المرة صمدت لأعود لابنى خالد، فمورس ضدى تعذيب مفرط، فى البداية وضعوا كيسا على رأسى وقيدوا يدى بكرسى صغير يسمى عندهم الشبح، وتم حرمانى من النوم والأكل 3 أيام، وعزلى فى زنازين صغيرة، وأثناء جلوسى على الكرسى مغطية الرأس مقيدة، تأتى الضربة من حيث لا أدرى، وكانوا يتناوبون على التحقيق معى لساعات طويلة".
وتكمل "خولة" باقى امأساة فتقول: "استخدمت دورى كأم فى قوتى وصمودى كى انتصر على هذه التجربة وأخرج منها بنجاح من أجل بلدى، فالمرأة الفلسطينية تناضل على جبهتين الأولى ضد الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، والجبة الأخرى مرتبطة بالجانب الاجتماعى من أجل بناء وطن فلسطينى عادل".
وأكدت عضو المجلس الثورى فى حركة فتح وعضو الأمانة العامة فى الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، أن هناك 7000 أسير فلسطينى موجود حالياً داخل المعتقلات الصهيونية، منهم 400 طفل تحت الـ18 عاماً، لافتة إلى أن هذه السجون تفتقر إلى كافة المعايير التى ينص عليها القانون الدولى الإنسانى.
ولفتت خولة الأزرق إلى أن إسرائيل لا تتعامل مع الأسرى الفلسطينيين كأسرى حرب، ولكن تتعامل معهم كمجرمين وإرهابين، لذلك تحرمهم من كافة حقوقهم الأساسية، مشيرة إلى عدم وجود إحصائية بعدد السجون فى إسرائيل، وأن هناك سجون ومعتقلات سرية غير معلن عنها تستخدمها إسرائيل للتحقيق مع المناضلين الفلسطينيين وتعذيبهم.
وعن حبها لمصر قالت "خولة الأزرق" أن مصر هى الحاضنة للنضال الفلسطينى، والشعب المصرى قدم الكثير من أجل حقوق الشعب الفلسطينى، وطالما أن مصر قوية فهذا يعنى أن الفلسطينيين أقوياء وقادرين على إكمال المسيرة والاستمرار فى النضال، متابعة: "لذلك نتمسك ونطالب بالدعم المصرى وبالمساندة المصرية لأن مصر هى قلب الأمة العربية ومادامت مصر قوية فالموقف العربى قوى بأكمله".