توافرت فرص العمل له بعكس الكثير من الشباب الذين يسعون دائمًا للبحث عن فرص عمل لكسب لقمة العيش، فعمل مدرسًا للغة العربية للأجانب، ومدربًا لفنون القتال، إلا أن ذلك لم يرضه، فاتبع الجزء الأخير من مقولة "حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب"، فأصبح يعمل ما يهوى فقط، ووضع لمسات خاصة على المجال الذى يعشقه، وهو العمل فى النجارة فلم يكتف بفتح ورشة خاصة به بدلاً من عمله مدرس للغة العربية، بل أنشأ أول ورشة للنجارة "أون لاين" بمقاطع فيديو تعلم الآخرين فنون التعامل مع الأخشاب.
"محمد سالم" شاب فى العشرينيات، قرر أن يترك مجال عمله كمدرس للغة العربية، ويتحول لمهنة النجارة، فبعد أن أتم خطبته، قرر أن يقوم بتجهيز شقته من أخشاب بنفسه، توفيرًا للنفقات، ولم يمضِ وقت طويل إلا وأحب المهنة وقرر أن يتعلمها بنفسه.
وبالرغم من أن عمره كان أكبر من أن يتعلمها وأن يكون صبيا لنجارين لتعليمه المهنة، إلا أن الطرق كانت مسدودة فى وجهه، ولكنه لم يستسلم، فقرر أن يستعين بمكتبة "يوتيوب" لتعليم النجارة باللغة الإنجليزية، وإتقانه للغة ساعده على تعلمه مع ممارسته الدائمة فأصبح نجارا محترفا يتردد عليه العديد من الزبائن من مختلف الطبقات والثقافات، كما أوضح سالم فى حديثه لـ"انفراد" عن الرحلة من اللغة العربية للنجارة قائلاً: عشقت المهنة، ووجدتها أكثر إمتاعاً من العمل كمدرس، فهى بالنسبة لى أشبه بفن من نوع خاص، كما أنها تدر دخلاً مضاعفاً عن مهنتى الأولى.
وعلى الرغم مما يبدو عليه حديث "سالم" من متعة أثناء ذكره لعشقه للنجارة، إلا أن خطيبته كان لها رأى آخر، ويحكى عن رد فعلها قائلاً: بعد أن احترفت مهنة النجارة وتحول الأمر من الهواية للعمل، خيرتنى خطيبتى بينها وبين النجارة، ولم تترك له خياراً أخر، وتركته بعد اعتراضها على المهنة.
كما استغل احترافه للمهنة بعدما أتقنها، فى أن يكون أول محاضر مصرى وعربى لتعليم فن النجارة "أونلاين"، حيث خصص جزءا من وقته فى تسجيل فيديوهات تعليمية عن النجارة ونشرها على يوتيوب، باللغتين العربية والإنجليزية فى البداية، ثم اكتفى بنشر الفيديوهات العربية لتعليم من يسعون لإتقانها.
وتعجب سالم من نظرة المجتمع للمهن اليدوية، وقال: "مش عارف ليه المجتمع بيبص للمهن اليدوية على أنها أقل من أن شاب جامعى يشتغلها، بالعكس لما الشاب يكون شغال مهنة يدوية ويكون متعلم تعليم كويس ده هيخليه يطلع الحاجة بأعلى جودة، وبشكل كويس، عكس غير المتعلم فى معظم الأحيان".
وعن رأى والده وأصدقائه، أوضح أنهم كانوا يعارضونه فى البداية ووقفوا ضده، إلا أنهم عندما لاحظوا نجاحه وإصراره على أن يكبر ورشته الصغيرة، بدأوا فى التجاوب معه، ومنهم من بدأ يدعمه فى النهاية، مؤكدًا "إن شاء الله ورشتى هتكبر وهاركز إنها تبقى حاجة".
ووجه سالم رسالة للشباب "لو نفسك تعمل حاجة معينة أو تشتغل حاجة، جرب مش هتخسر حاجة وماتخليش حد يحبطك".