بخلاف وعوده بخلق المزيد من فرص العمل للأمريكيين، بدأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وضع ملامح الموازنة العامة التى من المنتظر أن تشمل زيادة فى مخصصات الجيش وقطاع الأمن الداخلى على حساب مخصصات الحكومة الفيدرالية مع اعطاء ضوء أخضر للشركات الخاصة فى قطاع الخدمات، الأمر الذى اعتبره مراقبون بمثابة خطوة نحو دخول الولايات المتحدة عصر الخصخصة.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إنه من المتوقع أن يقدم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ميزانية تطرح انكماشا تاريخيا فى القوة العاملة بالاتحاد الفيدرالى. وأشارت الصحيفة إلى أن الميزانية المقترحة ستهز الحكومة الاتحادية فى صميمها فى حال تطبيقها، وتلغى العديد من البرامج وتسرع حدوث انكماش تاريخى للقوى العاملة بالحكومة الفيدرالية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه هذه ستكون المرة الأولى التى تنفذ فيها الحكومة خفض بهذا الحجم دفعة واحدة منذ الانسحاب فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، حسبما يقول خبراء الاقتصاد ومحللو الميزانية.
وستقدم ميزانية ترامب المقرر الكشف عنها يوم الخميس المقبل أوضح صورة لرؤيته لحجم ودور الحكومة. ويقول المساعدون إن الرئيس يرى أن واشنطن جديدة ستنشأ من هذه الميزانية، والتى تجعل أولويتها الأمن العسكرى والداخلى مع خفض العديد من المجالات الأخرى، منها الإسكان والمساعدات الخارجية والبرامج البيئية والإذاعة العامة والأبحاث.. ووفقا لتلك الميزانية ستكون الحكومة أصغر وأقل انخراطا فى تنظيم حياة المواطنين، بينما تلعب الشركات الخاصة والولايات دورا أكبر.
ومن المتوقع أن تؤدى التخفيضات التى يقترحها ترامب فى خطة الميزانية إلى تسريح بعض العاملين الفيدراليين، وتغييرات ستكون آثارها واضحة فى منطقة واشنطن. ووفقا لتحليل اقتصادى قدمه مارك زاندى، الخبير الاقتصادى الرئيسى بوكالة مودينز للتصنيف الائتمانى، فإن التخفيضات التى تم تحديدها حتى الآن من قبل مستشارى ترامب من شأنها أن تقلل فرص العمل فى العاصمة بنسبة 1.8% والدخل الشخصى بنسبة 3.5% والمنازل ذات السعر المنخفض بنسبة 1.9%.
من جانبه، قال روبرت رايتشاور، المدير السابق لهيئة الميزانية بالكونجرس، إن هذه التخفيضات المقترحة ليس من النوع الذى يتم استيعابه بشديد الحزام، أو بقطع جزء من برنامج أو تقليص عدد الموظفين هنا أو هناك.. بل هى تخفيضات تتطلب فرزا شاملا لمجموعة واسعة من الأنشطة الفيدرالية.
إلا أن المتخصصين فى الميزانية يقولون إنه لم يتضح التأثير الدقيق لهذه التخفيضات المقترحة على العديد من الوكالات لأن الوزارات يمكن أن تختار تنفيذ تلك التخفيضات بطرق متنوعة.
وقد شدد مسئولو الإدارة على أن المناقشات لا تزال جارية بين المسئولين عن الميزانية والوكالات، وان حكم التخفيضات بها لا يزال مائعا.. فضلا عن ذلك، فإن التخفيضات لن يكون لها تأثير ما لم يتم الموافقة عليها من قبل الكونجرس، وهو الأمر الذى قد يبدو صعبا. فطالما رفض أعضاء الكونجرس بشكل روتينى طلبات من الرئيس السابق باراك أوباما، مما أدى إلى مفاوضات معقدة بين الطرفين.
والفعل تعهد الديمقراطيون بمحاربة مقترحات ترامب، وأعرب بعض الجمهوريين عن عدم ارتياحهم إزاء التخفيضات المتوقعة. من جانبه، رفض البيت الأبيض التعليق بشكل علنى، إلا أن مسئولى الإدارة قد أعربوا لأسابيع عن أن التخفيضات الكبيرة ستكون جزءا من الميزانية.