"وزراء نظام أردوغان يجوبون أوروبا لإقناع الشتات التركى بالتصويت لصالح التعديلات الدستورية التى توسع سلطات الرئيس، وسط مخاوف من احتمال الرفض الشعبى لها"، بتلك الكلمات عبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية فى تقرير لها أمس عن الأزمة التى دخلت طريقاً مسدوداً بين تركيا والدول الأوروبية بعدما أقدمت هولندا على منع طائرة تقل وزير الخارجية التركى من الهبوط على أراضيها، ورحلت وزيرة الأسرة التركية عبر الحدود الألمانية لرفض السلطات الهولندية استضافة مؤتمرات للترويج لتعديلات الدستور التركى على أراضيها، شأنها فى ذلك شأن ألمانيا وسويسرا والنمسا وغيرها من دول القارة العجوز.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فى تعليقها على تسارع الأحداث بين تركيا وهولندا، إن علاقات تركيا مع أوروبا تغرق وسط شجارها المتفاقم مع هولندا، حيث اتهم الرئيس التركى رجب طيب أرودغان، الحكومة الهولندية بأنها مثل "النازية".
وكانت هولندا قد سحبت تصريح هبوط طائرة وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو على أراضيها، ورفضت دخول وزيرة الأسرة والشئون الاجتماعية فاطمة بتول صيان قايا إلى مقر قنصلية بلادها فى روتردام، لعقد لقاءات مع الجالية ودبلوماسيين أتراك، ثم رحلتها إلى ألمانيا فى وقت لاحق.
وأعلنت الحكومة التركية عدم رغبتها فى عودة السفير الهولندى لدى أنقرة والذى يقضى عطله خارج تركيا، واستدعت وزارة الخارجية القائم بالأعمال الهولندى وأقدمت على غلق السفارة الهولندية فى العاصمة أنقرة، وقنصليتها بمدينة إسطنبول، كما أغلقت مقرات إقامة السفير أو القائم بالأعمال والقنصل العام لدواع أمنية.
وبعد انتقاده للمسئولين الألمان بسبب رفضهم السماح بحشود مماثلة هذا الشهر، حول أردوغان غضبه على هولندا، وقالت الصحيفة الأمريكية فى تقريرها إنه على الرغم من أن القانون التركى يمنع هذه الممارسات، إلا أن وزراء نظام أردوغان يجوبون أوروبا لإقناع الشتات التركى بالتصويت لصالح التعديلات الدستورية التى توسع سلطات الرئيس، وسط مخاوف من احتمال الرفض الشعبى لها.
واصطدمت هذه الحملة بالانتخابات المحلية القريبة فى فرنسا وهولندا، حيث سعى ساسة اليمين لاستغلال الأمر خاصة أن محاولة النظام فى تركيا تمرير التعديلات يأتى فى وقت يزداد فيه الإنذار الأوروبى بشأن الارتداد الديمقراطى فى أنقرة وتزايد المخاوف حول الهجرة والاندماج.
وفى انعكاس للأزمة بين أوروبا وتركيا ألغى رئيس الوزراء الدنماركى لارس لوك راسموسن، لقاء مع نظيره التركى، احتجاجا على الهجمات الكلامية للرئيس التركى، وفى السويد سعى عضو برلمانى من حزب أردوغان لإعادة تنظيم حشد بعد إلغائه لأسباب تتعلق بالسلامة، وكذلك فى فرنسا، انتقد المرشحون اليمينيون فرانسوا فيون ومارين لوبان، السماح لأوغلو بإقامة مسيرة مؤيدة للتعديلات الدستورية، وأعلنت كلا من سويسرا والنمسا، فى وقت سابق أن حملة أردوغان غير مرحب بها فى بلادهم.
وفيما تدور شكوك بشأن نتيجة الاستفتاء رأى بعض منتقدى أردوغان أنه سعى إلى معارك مصطنعة مع أوروبا لكسب تأييد القوميين فى تركيا، الذين لم يقرروا بعد دعمهم لتوسيع صلاحيات الرئيس، وقال جنكيز جاندار الصحفى والأكاديمى التركى: "السياسة التركية اليوم، من سوريا إلى هولندا وألمانيا وأينما كانت ترتبط بجدول الأعمال السياسى الداخلى"، مشيراً إلى أن الأمر كله يتعلق بحملة الاستفتاء التى يقودها أردوغان للحصول على مزيد من الصلاحيات.
وفى حلقة جديدة من التصعيد استدعت الخارجية التركية القائم بالأعمال الهولندى الاثنين، وسلمته مذكرتى احتجاج على ممارسات بلاده ضد المواطنين والوزراء الأتراك فى هولندا، وقالت الخارجية إن ممارسة السلطات الهولندية لا تتوافق مع اللباقة الدبلوماسية والأعراف الدولية تجاه الوزراء الأتراك، مطالبة هولندا باعتذار رسمى مكتوب.
وجاء فى مذكرة الاحتجاج مطالبات تركية بالتحقيق فى الانتهاكات تجاه الوزراء والمواطنين الأتراك، ومحاسبة المسئولين عنها.
من جانبها أصدرت هولندا تحذيرا لمواطنيها فى تركيا، داعية إياهم إلى التزام الحذر فى ظل أزمة دبلوماسية بين البلدين، وأفاد بيان لوزارة الخارجية موجه للمواطنين الهولنديين "منذ 11 مارس 2017 حدثت توترات دبلوماسية بين تركيا وهولندا. ندعوكم إلى التزام الحذر فى أنحاء تركيا وتجنب التجمعات والأماكن المزدحمة".
وفى السياق نفسه لجأت تركيا إلى مسئولين أوروبيين آخرين، وأجرى وزير الخارجية التركى مولود جاويش أوغلو سلسلة اتصالات هاتفية مع عدد من المسئولين الأوروبيين، ووفقا لوسائل إعلام تركية أجرى جاويش أوغلو اتصالات مع نظيريه البريطانى بوريس جونسون، والمجرى بيتر زيجارتو، وأمين عام حلف شمال الأطلسى ينس ستولتنبرج.