قضية زراعة والتوسع فى مساحات القمح لم تعد قضية رفاهية ، ولا مناقشات وجدل يُثار فى موسم توريد القمح فقط ، ثم ينتهى الموضوع حتى العام التالى ، بل إنها قضية حيوية وقومية ووطنية أن توفر لقمة العيش ، وكلما كانت لقمة العيش هذه من قمحنا ، ساد الاطمئنان والاستقرار ، أمّا إذا ظلت حبة القمح رهينة لرعونة وفساد بعض المسئولين فى الزراعة والتموين ومافيا الاستيراد من الخارج ، وتدليل التجار ، وشحططة المزارعين فى نهاية العام أمام الشون وعلى الطرقات ، فانتظروا أن تتضاعف هذه الفاتورة سنويا إلى مليارات الدولارات لسد العجز فى نقص مخزون القمح ، الذى يمكن أن نقضى عليه أو نخفف من حدته إذا توجه الدعم للمزارع المصرى بصدق لتشجيعه أكثر على زراعة القمح.
كان أحدث تقرير رسمى ، صادر عن الإدارة المركزية لشئون المديريات الزراعية بوزارة الزراعة بمحافظات الجمهورية ، قد كشف عن المساحات المنزرعة بالمحاصيل الشتوية ، وأشار التقرير إلى ارتفاع مساحة المحاصيل المنزرعة لـ 4 مليون و865 ألف فدانا ، حتى يوم 11 مارس الحالى ، بعد الحملات الإرشادية التي قام بها مركز البحوث الزراعية خاصة لمحصول القمح.
وأكد التقرير أن إجمالى المساحات التى تم زراعتها بالقمح ، وفقا للحصر الذى قامت به مديريات الزراعة ، بمختلف المحافظات ، ويجرى استكماله حاليا ، تبلغ 3 ملايين و21 ألف و748 فدانا ، وتهدف الوزارة إلى زيادة الإنتاجية من 8 مليون طن ، إلى حوالى 10 مليون طن خلال ثلاث سنوات.
دعم القمح المستورد على حساب المحلى
فى بداية الحديث عن أهمية تشجيع الفلاح على زراعة القمح ، أكد ممدوح حماده ، رئيس الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى ، ووكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب ، أنه كان قد قابل المهندس شريف إسماعيل ، رئيس مجلس الوزراء ، منذ شهرين بمجلس الوزراء ، كما التقى المهندس إبراهيم محلب ، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية ، وطالبهما بزيادة سعر توريد القمح المحلى ، حتى يتساوى فى السعر ــ إن لم يقل ــ عن السعر الذى نستورد به القمح من الخارج ، علما بإن القمح المستورد ليس بنفس جودة القمح المصرى ، وبذلك نصبح كمن يدعم المزارع الأجنبى أو الاستيراد على حساب الفلاح والمزارع المصرى .
وتابع "حماده" قائلا :إننا طلبنا وقتها بسعر ضمان للتوريد ، وألاّ يقل هذا السعر لأردب القمح عن 620 جنيها ، غير أن مطالباتنا لم ترق إلى حد التنفيذ من جانب الحكومة ، التى حددت سعر أردب القمح بـ 555 جنيها للأردب ، علاوة على زيادة 20 جنيها حسب درجة النظافة ، ليصل السعر إلى 575 جنيها ، وهو سعر أقل بكثير من سعر القمح المستورد ، مع الوضع فى الحسبان ، أن القمح المصرى المحلى ، أفضل جودة بكثير عن القمح المستورد .
لدينا أفضل أنواع الأقماح الشتوية فى العالم
الدكتور صلاح حمزة استشارى الحبوب ، ورئيس لجنة المواصفات والجودة ، وعضو منظمة الأرسو الإفريقية للمواصفات والجودة ، أكد أن القمح المصرى من أفضل أنواع الأقماح الشتوية فى العالم ، وتتم زراعته من شهر نوفمبر حتى حصاده فى أوائل شهر إبريل ، ولذلك يسمى بالقمح الشتوى ، ويوجد نوعان من القمح فى العالم ربيعى وشتوى.
وتابع رئيس لجنة المواصفات والجودة قائلا : ونحن نزرع قمح شتوى ونستورد قمح شتوى أيضا لإنتاج رغيف الخبز ، وحبة القمح المصرى المحلى جيدة جدا لمواصفات صناعة رغيف الخبز ، وتحتوى على 87 % إندوسبيرم ، وهو المسئول عن الدقيق الأبيض ، والذى يتكون منه النشا ، وهناك أيضا نسبة حوالى 5،12 % بروتين ، فيكون المجمل حوالى 5،98 بينما النصف % الباقى يمثل الجنين ، وأشار خبير مواصفات الحبوب إلى أن أعلى درجات الجودة توجد فى قمح التوريد المصرى المحلى ، بجانب ميزة هامة جدا وحيوية ، وهى أن محصول القمح الذى تستقبله الصوامع ويتم توريده هو المحصول المنزرع والذى تم حصاده فى نفس العام ، وهذا يعنى أنه محصول طازجة جدا.
حسبة بسيطة جدا
بحسبة بسيطة جدا ، وتعليقا على الأسعار التى حددتها الحكومة لاستلام محصول القمح للعام الحالى 2017 ، وجدنا سعر التوريد يصل إلى 555 جنيها للأردب ، علاوة على 20 جنيها تضاف لدرجة النقاوة ، فيصبح السعر فى المجمل 575 جنيها للأردب ، ويحتوى الطن على حوالى 7 أرادب ، لأن الأردب 150 كيلو جرام ، فيكون السعر الإجمالى للطن حسب هذه الأسعار 4025 جنيها .
حيتان استيراد القمح عاوزين كده!!
وضعت هذه المعلومات والأرقام ، أمام الدكتور محمد رزق خبير تصدير القمح العالمى ، للتعرف على تعليقه وردود فعله على هذه الآراء والبيانات والمعلومات ، فقال بحدته المعروفة : القمح تتغير أسعاره كل ساعة ، والقمح المصرى على وجه الخصوص من اردأ أنواع الأقماح فى العالم ، سألته من أى ناحية؟؟
فكان رده : من ناحية الوزن النوعى والجودة عموما ، كما تختلف جودة القمح تبعا لبلد المنشأ
، وفى المجمل أجود قمح فى العالم هو الأمريكى
يليه القمح الفرنسى ، سألته ، إذن لماذا لا نستورد منهما؟؟
فكانت إجابته : أن حيتان استيراد القمح فى مصر يستوردون هذه النوعيات حتى يحققوا أرباحا أكثر وأكثر ، بالإضافة إلى أن الحكومة تلعب بورقة شراء واستيراد القمح من الخارج ، بمعنى أنه عندما تتحسن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ، يتم التوسع فى استيراد القمح الأمريكى والعكس صحيح.
الدكتور "رزق" لم يتوقف عند إبداء وجهة نظره ورأيه فى منظومة استيراد القمح فقط ، والتى يراها أنها منظومة فاسدة ، بل أكد لـ "انفراد" أن أسعار القمح لنوعين من الأقماح يتم استيرادهما فى مصر ، وهما الصب الأحمر الشتوى و الأحمر اللين الشتوى ، بلغت خلال تعاملات بورصة نيويورك ، قبل إغلاق البورصة منذ لحظات لـسعر القمح الأوكراني ٢٠٠ دولار سيف مصر ، وسعر القمح الامريكي ١٤٧ + ١٢ + ١ = ١٦١ دولار سيف الموانئ المصرية .
إصلاح منظومة القمح ككُل
الدكتور صلاح يوسف ، وزير الزراعة الأسبق ، حدد ــ خلال حديثه مع "انفراد" ــ عددا من العناصر ، التى يجب أن تتوافر حتى نصل إلى أقصى درجة من تقليل استيراد القمح من الخارج ، والاعتماد على القمح المحلى المصرى ، وهذه العناصر يمكن أن يستغرق شرح كل منها ، وقتا طويلا ولكن نجملها فى الآتى :-
أولا – الاستمرار فى استنباط الأصناف عالية الإنتاجية من تقاوى القمح.
ثانيا - إعادة النظر فى احتياجاتها السمادية ، لأن هذه الأصناف سوف تحتاج أسمدة أكثر.
ثالثا - التوسع فى استخدام الميكنة الزراعية الحديثة فى زراعة وحصاد القمح.
رابعا – منظومة التخزين ، وهى من العناصر الهامة ، التى يجب تحديثها وتطويرها وزيادة سعتها وأعدادها ، حيث يعنى بناء الصوامع الحديثة وقف إهدار القمح المحلى بحيث تستوعب مجمل إنتاجنا من القمح سنويا.
خامسا - يصاحب توفير هذه العناصر منظومة خبز ناجحة ودقيقة ورقابة شاملة ، من حيث جودة الرغيف ، بحيث يؤكل الرغيف كله ، مع نظام جيد ودقيق فى توزيع الخبز ، والتعامل مع المخابز برقابة جديدة وشديدة.