هل يمكن أن تصل الغطرسة إلى حدّ التحول الكامل والانقلاب على دائرة بأكملها؟ وأن يتبدل حال النائب من الوفاق والتقرب للناس بل وإصدار توكيلات رسمية لبعضهم لينوبوا عنه، إلى اختصامهم قانونيا وتكبيلهم بالبلاغات والتحقيقات؟ الطبيعة والمنطق لا يقبلان إلا بأن يكون النائب نائبا حقا، يرعى قداسة الأصوات التى حازها، ويحترم حقوق أصحابها، ويقبل انتقادهم كما قبل دعمهم، هذا عن الطبيعة والمنطق، ولكن الأمور لدى النائبة غادة صقر لها طبيعة ومنطق مختلفان، يسمحان لها بأن تحرر توكيلا لمواطن ليكون داعمها وسندها وعينها فى لجان الانتخابات البرلمانية، وتحرر محضرا ضد المواطن نفسه بعد أن أكرمها الله بمعاونة المواطنين أنفسهم بالحصانة البرلمانية، فى حلقة ضمن مسلسل طويل من الخصومات والبلاغات والقضايا والحروب الصغيرة التى تشنها النائبة، والنيران التى تفتحها فى كل اتجاه.
كل هذه الأمور جعلت المعركة ضد النائبة غادة صقر تتأجج يوما بعد يوم، خاصة بعدما فتحت سيلا من الاتهامات الباطلة ضد الجميع، ومنها معركتها فى العام الماضى مع صغار صناع الأثاث فى محافظة دمياط، إذ تقدمت النائبة آنذاك ببلاغ لنيابة دمياط الكلية ضد 12 شخصًا من أعضاء اللجنة الشعبية للدفاع عن صناع الأثاث، مؤكدة فى بلاغها أنهم تعرضوا لها بصفتها وشخصها عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى"face book"واتهموها باستغلال حصانتها لتصفية الحسابات مع أحد زملائها بالمجلس، وأنها لا تصلح لعضوية البرلمان.
النائبة تتقدم ببلاغ ضد 12 من صغار صناع الأثاث بدلا من مساعدتهم
واختصمت النائبة فى بلاغها كلا من: محمود على، وسامى العسيلى، والسيد الأزهرى، والتابعى الغازى، وحمادة إبراهيم، وسعد عوضين، ومحمد العشرى، ومحمد عزمى، ومحمد عيد، وسعيد الغزلانى، ومحمود رجب وإبراهيم العزبى، واتهمت التابعى الغازى ومحمود على وسامى العسيلى والسيد الأزهرى، الذين التقوا وزيرى الصناعة والتنمية المحلية، بأنهم تجار أثاث كبار وليسوا من أصحاب الورش وصغار الصناع.
وقدمت غادة صقر صورا ضوئية من منشورات المشكو فى حقهم، كتبوها عبر صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعى، ومنها منشور محمود على الذى قال فيه: "أنا مش فاهم هى بعد ما قالت للوزير نطلب عطف الحكومة على شعب دمياط، وثار على أثرها كل الموجودين بالقاعة ضد هذه الجملة التى أهانت كل أبناء دمياط، ورد عليها الوزير أحمد زكى بدر وقال لها عيب كده ما يصحش، وشعب دمياط أكبر بكتير من كلمة العطف، لسه بتتكلم، والله العظيم أنا خرجت من الاجتماع متعاطف معاها من الضعف والكلمة غير الموفقة بالمرة فى هذا اللقاء، وكانت أقل من تحدث فى اللقاء، ويا ريتها ما اتكلمت".
أحد المشكو فى حقهم: النائبة تتعامل بثلاثة وجوه
كما أكد محمود على كاتب المنشور، أن النائبة غادة صقر تتحدث بوجه ولهجة أمام الشارع، ووجه ولهجة آخرين أمام الحكومة والوزراء، ووجه ثالث أمام زملائها النواب، ليعلق حمادة إبراهيم على المنشور قائلا: "حسبى الله ونعم الوكيل فى كل من أعطاها صوته فى الانتخابات"، وعلق سعد عوضين: "أنا مش هتكلم عشان أنا قولت رأيى من زمان.. لا تصلح"، حسب قوله.
النائبة من جانبها اعتبرت فى بلاغها آراء أهالى دائرتها ومواطنى دمياط فى أدائها النيابى والبرلمانى، وانتقادهم بمواقفها وتصرفاتها، تمثل سبا وقذفا فى حقها، وتشكل إهانة بالغة لموقعها البرلمانى، وطالبت باتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، فى خطوة وإن كانت تأتى وفق حقها القانونى فى التقاضى، إلا أنها قد تمثل خروجًا منها على حقوق المواطنين فى إبداء الرأى والنقد، خاصة إذا اتصل الأمر بنائب يمثلهم تحت قبة البرلمان، أو يُفترض بأنه يمثلهم، وأن من حقهم التعبير عن صدمتهم إذا اكتشفوا عكس هذا، أو وصلوا لمشاهدات ومعلومات تدعم لديهم الرؤية المضادة لصلاحية النائبة لموقعها، أو جدارتها بالتواجد تحت القبة وتمثيل محافظتهم وصناعتهم ومصالحهم.
التحريات السرية تقود النيابة إلى غلق ملف البلاغ
وبدورها طالبت النيابة العامة حينذاك، من إدارة البحث الجنائى، وقسم مكافحة جرائم الأموال العامة، بتاريخ 29 مارس 2016، بالتحقيق فى وقائع المحضر رقم 1 لسنة 2016 عرائض النيابة العامة، وطلبت تحريات إدارة البحث الجنائى حول الواقعة وملابساتها، والأسماء الثلاثية للمشكو فى حقهم.
وتمت التحريات السرية حول الواقعة، التى أكدتها المصادر السرية بالتوصل إلى الأسماء الثلاثية للمشكو فى حقهم، واستكمال التحريات بمعرفة مباحث الاتصالات والإنترنت، تنفيذا لقرار النيابة الكلية، وعليه أُقفل المحضر فى تاريخه.
وفى مفاجأة كبيرة تخص ملف غادة صقر وتفاصيل القضية، تبين أن من بين المشكو فى حقهم التابعى محمد غازى، وهو ما أوكلته النائبة وفوضته لدعمها فى الانتخابات البرلمانية، من خلال توكيل عام، للمرور على اللجان الانتخابية ومتابعة عملية التصويت وسير الانتخابات وحشد الناخبين لدعمها، وقدم التابعى محمد الغازى نجار، من قرية الشعراء بمركز دمياط، صورة من التوكيل الصادر له من النائبة، من محكمة دمياط الابتدائية برقم 2223 لسنة 2015 بتاريخ 30 نوفمبر 2015.
وضمن محضر التحقيق مع المذكور، أكد "الغازى" أمام نيابة دمياط، بتاريخ 27 أبريل 2016، أن المشكلة تتلخص فى انتقادهم للنائبة عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، بسبب تأخرها لمدة ساعة ونصف الساعة عن اجتماع وزيرى الصناعة والتنمية المحلية، بحضور أعضاء مجلس النواب عن دمياط وممثلى صناع الأثاث بالمحافظة.
وتابع المشكو فى حقه أقواله أمام النيابة: "المشكلة لم تكن فى تأخرها فقط، بل فى محاولتها نسب تنظيم الاجتماع لنفسها، لاكتساب شعبية، كما أنها قالت للوزير باللفظ: "نطلب عطف الحكومة على شعب دمياط، وثار على أثرها كل الموجودين بالقاعة ضد الجملة التى أهانت كل أبناء دمياط، ورد عليها الوزير أحمد زكى بدر قائلا عيب كده ما يصحش، شعب دمياط أكبر بكتير من كلمة العطف".