فى تحركات غير مبررة، وفى إنكار لافت لما هو راسخ من حقائق تاريخية، خرج مسئولو السودان خلال الأيام القليلة الماضية بتصريحات غريبة مست أسس العلاقات الراسخة بين بلدهم ومصر، وما زادها غرابة أنها أتت فى اعقاب زيارة الشيخة موزة زوجة أمير قطر السابق للخرطوم والتى التقت خلالها الرئيس السودانى عمر البشير وقامت بحملة ترويجية للسياحة السودانية، مما اعتبره بعض المراقبين بمثابة العبث بالعلاقات المصرية السودانية وأمن المنطقة لخدمة مصالحها الخاصة.
سلسلة التصريحات الساذجة بدأت بما قاله وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة السودانية، أحمد بلال عثمان، والتى زعم خلالها أن السودانيين حكموا مصر قائلا: "لا يعلم الكثيرون أن فرعون موسى كان أحد الفراعنة السودانيين الذين حكموا مصر"، مستندا إلى قول الله تعالى (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْم أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِى مِنْ تَحْتِى أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، وذلك فى تزييف متعمد للحقائق وتاريخ وحضارة مصر القديمة الممتد لآلاف السنين.
ووفقا لموقع النيلين السودانى الذى نقل التصريحات قال المسئول إن مصر بها نهر واحد، بينما السودان بها عدة أنهار، مضيفا : "هذا دليل واحد من عدة أدلة علمية وأثرية سنقدمها فى القريب العاجل"، وذلك فى تعمد واضح لطمس الحقائق التاريخية والإساءة إلى الحضارة المصرية، وأضاف المسئول أن "عددا من أساتذة التاريخ السودانيين يعملون الآن على تنقيح الكتب التاريخية من الأخطاء التى وردت فيها، لتثبت حضارة بلاده الضاربة فى القدم".
وفى تطاول واضح وتجاوز لحقائق التاريخ، أكد الوزير السودانى أن بلاده ستقوم بتوضيح للعالم أن الأهرامات السودانية أقدم من المصرية، قائلا: "أهرامات البجراوية أقدم من الأهرامات المصرية بألفى عام، وهو ما سنعمل على توضيحه للعالم"، ودافع الوزير السودانى عن زيارة الشيخة موزة، والدة أمير قطر، لأهرامات البجراوية شمالى السودان، خلال الأيام الماضية، مدعيا أن وسائل إعلام أجنبية وتعليقات تناولت الحضارة السودانية وضيوف الخرطوم بشىء من التقليل والإهانة، مشيرا إلى أن التعليقات لا تليق بمقامات ضيوف السودان من الشخصيات الممثلة للدول الصديقة.
وأشار الموقع السودانى إلى أن دولة قطر تمول ما أسماه بمشروع "أهرامات السودان" منذ عام 2013، كخطة عمل مشتركة بين الخرطوم وبرلين لحماية الآثار السودانية، بتكلفة 135 مليون دولار، وأضاف وزير الإعلام السودانى، أن بعض وسائل الإعلام الخارجية تعمدت الإساءة إلى الحضارة السودانية، معتبرا ذلك "إهانة مباشرة للشعب السودانى بكل قيمه وموروثاته".
وأوضح أن "البعض يسخر من أهرامات السودان، ويقول إنها خرابة تزورها الشيخة موزة، بينما الأهرام الحقيقية يزورها النجوم العالميون، مثل لاعب نادى برشلونة الأرجنتينى ليو نيل ميسى"، ووصف وزير الإعلام السودانى تلك التعليقات بـ"المهينة للسودان وأصدقائه"، مشددا على أنهم سيتعاملون معها "بكل جدية وحسم".
واستمرارا فى الحملة الممنهجة ضد مصر بدأت الخرطوم فى إعادة إشعال ملف حلايب الذى تزعم أحقيتها فيه، فى إنكار متعمد لحقائق تاريخية وقانونية راسخة، وعمد النظام السودانى إلى استغلال هذا الملف كلما مر بأزمة داخلية عملا بمبدأ "إشغال الرأى العام السودانى" عن الأزمات الداخلية، ودعت الخارجية السودانية، بشكل مفاجئ ومنفرد وفى تجاهل متعمد لاتفاقيات ترسيم الحدود التاريخية والراسخة منذ عقود - وزارتى العدل ودار الوثائق القومية فى السودان لبحث سبل استعادة مثلث حلايب الحدودى، بزعم أنه أراض سودانية.
وقال رئيس لجنة ترسيم الحدود بالسودان، عبدالله الصادق فى تصريحات نشرها موقع سودان تربيون اليوم، إن وزارة الخارجية دعت الجهات ذات الصلة بالنزاع مع مصر حول مثلث حلايب الحدودى لوضع خارطة طريق إنهاء الوجود المصرى فى المنطقة، متجاهلاً فى ذلك كل الاتفاقيات والوثائق الرسمية بين البلدين والتى تعود إلى عقود ماضية.
وواصل المسئول السودانى ادعاءاته، وأضاف: "وزارة الخارجية دعت عدة أطراف تشمل وزارات العدل والداخلية والخارجية ودار الوثائق القومية اللجنة الفنية لترسيم الحدود، بهدف تجميع أعمال اللجان السابقة حول حلايب وتحديث مخرجاتها".
وبشأن أسباب تحرك وزارة الخارجية، قال الصادق: "يبدو أن الوزارة تريد تحريك ملف حلايب"، وترغب فى وضع خارطة طريق بشأن المنطقة وكيفية إخراج المصريين منها عبر الدبلوماسية".