انتفض علماء الأزهر الشريف وقياداته ضد الدكتور يوسف القرضاوى، ودعواته التحريضية للشباب، رافضين الصمت على تلك الدعوات التى وصفوها بالجرم العظيم، مطالبينه بكف لسانه، وأن يتقى الله فى مصر، مشددين أن 30 يونيو ثورة شعبية خرجت لتصحيح الوضع وإزالة نظام الإخوان الفاسد، والتى أكدت أن المصريين أعقل وأحكم من أن ينساقوا وراء هذا التحريض المغرض.
حيث أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر، على الدكتور يوسف القرضاوى ودعوته التحريضية فى ذكرى 25 يناير، فى كلمة مسجلة قال فيها: لقد تابعت ما نشر عن 25 يناير بقناة الشرق المغرضة التى تبث من تركيا، ولا عمل لها إلا التحريض ضد هذا الوطن، والحرص على إشاعة القلاقل بدل الاستقرار، ولم يتعظوا مما حاق بالبلاد من حولنا من الإطاحة بالاستقرار، واستمرار القلاقل إلى هذه الساعة وإراقة الدماء على لسان القرضاوى، وقد جاء فى حديثه ما يندى له الجبين، وحين ما نتابع ما يقول نقول يا آسفاه على عالم ذل هذه الذلات، وهذه الذلات لا يمكن إلا أن تدخل فى فكر الخوارج.
وتابع ومن هذه الذلات للأسف الشديد من إنه يرمى ملايين المصريين بالكفر حينما يحرض الشباب على الخروج ويهون عليهم أمر الدماء ومقدرات البلاد، ولا أعتقد أن ما قاله يصدر عن عالم له آثاره من علم خالف كل القواعد المستقرة عند علماء المسلمين على مسيرة التاريخ، أيها الرجل كيف تستثيغ لنفسك أن تضلل الناس، وأن تبنى هذا الأحكام الفاسدة على قواعد غير صحيحة، فاتقى الله وارجع عن رأيك فإنك بمنزلة من آخر الدنيا وفى استقبال من الآخرة فلا تختم حياتك بسوء، ولا تقل أمرا إلا مبنيا على بينة وعلى شبابنا إلا ينصاعوا لمثل هذه الآراء التى تودى بهم موادى الهلكة، فكل من دعا إلى الإفساد مفسد.
فيما علق الدكتور محيى الدين عفيفى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن الأزهر الشريف وبحكم ما نعلم وما تعلمناه وما رأيناه من الواقع الموجود فى تلك المنطقة العربية والعالم الإسلامى، مثل هذه الدعوات تتنافى مع أبسط قواعد الإسلام، الذى يعلمه والذى درسه ودرَّسه الدكتور القرضاوى وهو يعلم أن من أبرز مقاصد الشريعة المحافظة على الأرواح والأموال والأعراض والعقول والنسل.
وتابع قائلا مثل هذه الدعوات تحرض على إزهاق النفوس وإحراق الأخضر واليابس، مما يتنافى مع مبادئ وقواعد الإسلام، الذى جاء ليرعى حرمة الإنسان والحيوان والنبات والجمادات، إن هذه الدعوات ضد مراد الله سبحانه وتعالى.
وأضاف أنه فيما يتعلق بدعوة المصريين إلى الخروج، فالمصريون هم أعقل وهم أحكم وهم أصحاب القرار الأول والأخير، ولا يتعاملون بمنطق القطيع لكن يتعاملون من منطلق المصلحة الدينية والوطنية التى تؤكد على الحفاظ على مكتسبات هذه البلد وعلى الأرواح والأموال، لقد رأينا من حولنا تلك البلاد التى قُسِمّت والتى مُزقِت سواء فى ليبيا أو سوريا أو العراق أو اليمن أو غيرها.
هل كان يريد لمصر أن تصل إلى هذا المصير؟ إن كل مصرى يعلم قيمة الأمن والأمان وإن هذه الثورة، ثورة 30 يونيو هى إرادة الشعب المصرى التى عبر عنها كل مصرى ممن خرجوا وعبروا عن اختياراتهم وانحيازاتهم وعبروا عن أنهم أصحاب البلد ولا يمكن أن يعطوا وكالة لأحد أن يحكمهم رغم أنوفهم، بل من حق كل مواطن أن يختار من يراه، ومن حق الشعب أن يعبر عن إرادته، فما حدث فى 30 يونيو هو انحياز للإرادة الشعبية، وليس لأحد أن يصادر على إرادة الشعب، وإن ما حدث من قواتنا المسلحة هو انحياز لإرادة الشعب، والشعب المصرى معروف على مر التاريخ أنه شعب أصيل وأنه شعب عنيد لا يمكن لأحد أن يصادر على حريته.
ومن هذا المنطلق نقول إن من الأولى على الدكتور القرضاوى أن يدعو إلى السلم والأمن وأن إرادة الله سبحانه وتعالى غالبة على كل شىء ، فلا يمكن لأحد أن يقف أمام إرادة الله أو اختيار الشعوب، ومن ثم فإننا نذكّره ونذكّر كل إنسان أن من حق كل إنسان أن يختار ومن حق كل إنسان أن يعبر عن اختياراته، لكن المصادرة على إرادة الشعب تتنافى مع أبسط قواعد الفهم وأبسط قواعد الديمقراطية أو الحرية التى طالما نتغنى بها، وأن كل الشعارات وكل الأقنعة سقطت، والشعب المصرى شعب عاقل وأصيل، وشعب يريد أن يحافظ على الدور التاريخى والاستراتيجى والحضارى لهذا البلد العظيم التى تريد القوى الاستعمارية أن تقسّمه وأن تمزقه كما مزقت.
ونحن نعلم التحديات التى تمر بها مصر، والتحديات الراهنة التى تتطلب من كل مواطن أن يستشعر المسئولية فى مواجهة تلك التحديات، ومن أبسط معانى المسئولية أن نعلم ما يراد لهذه البلد وكلا منا لديه مسئولية، نقول هذا ديانة لله سبحانه وتعالى، إن المحافظة على الأرواح والأموال والأعراض وعلى هذا التراث الحضارى، مصر بلد الأزهر، مصر بلد العلم والعلماء، ولا يمكن أن يفرّط المصريون فى هذا البلد العظيم.
وكان يوسف القرضاوى، قد حرض المصريين عشية ذكرى ثورة 25 يناير على الخروج فى تظاهرات، واعدا إياهم بالنصر، مدعيا أن معهم "جند الله"، على حد وصفه، متهما الإعلام المصرى بأنه يكذب، وعلى الناس ألا تصدقه، مطالبا المصريين بأن يؤمنوا بقدر أمتهم ومكانتها، وأن يعملوا من أجلها.