وجه العالم أنظاره مرة أخرى نحو التطبيقات المشفرة والدور وكيف تسهل التواصل بين الإرهابيين بعد حادث لندن الذى راح ضحيته 4 أشخاص، إذ بدأ الصراع بين شركات التكنولوجيا والحكومات بعد حادث باريس الإرهابى، بعد أن أشارت عدد من التقارير اعتماد الجماعات الإرهابية على التطبيقات المشفرة مثل "تليجرام" و"واتس آب" للتخطيط وتنفيذ الهجمات.
وشنت "آمبر رود" وزيرة الداخلية البريطانية هجوما قويا على التطبيقات المشفرة، معلنة عن رغبتها فى القضاء على أى منصة أو وسيلة تساهم فى التستر على الإرهابيين، ومن أهمها تطبيق واتس آب الذى يستخدمه مليار شخص حول العالم.
ودعت "رود" الشركات التى توفر تطبيقات مشفرة إلى العمل مع سلطات تنفيذ القانون، وقالت: "نحن بحاجة للتأكد من أن منظمات مثل واتس آب، والكثير من وسائل التواصل الأخرى، لا توفر مكانا سريا للإرهابيين للتواصل مع بعضهم البعض".
وأضافت "رود": "كان قديما تُفتح الجوابات أو يتم التنصت على الهواتف عندما تريد الجهات الأمنية معرفة ما يفعله الناس، ولكن فى هذه الحالة، ومع تغير الوضع، أصبحنا بحاجة للتأكد من أن أجهزة الاستخبارات لديها القدرة على الوصول إلى المحادثات بتطبيق واتس آب المشفر".
وجاء تعليق رود بعد أن ذكرت وسائل الإعلام يوم الأحد أن مهاجم جسر وستمنستر ارسل رسالة عبر تطبيق واتس آب قبل الحادث، والتى لا يمكن الوصول إليها بسبب مزايا التشفير التى يتمتع بها التطبيق.
واستخدم خالد مسعود البالغ من العمر 52 عاما سيارة وسكينا لتنفيذ هجوم فى قلب لندن يوم الاربعاء وأسفر عن مصرع 4 أشخاص، وقتل فى نهاية المطاف على يد قوات الأمن بساحة الهجوم.
وقالت "رود" إنها لا تطالب بتجسس الحكومة على جميع الرسائل على هذه المنصات، لكنها ترغب بدلا من ذلك، أن تتحمل الخدمات المشفرة مسئولية التعامل مع الجهات الأمنية لمكافحة الإرهاب، موضحة أن هذه الشركات تتهرب دائما من دورها.
وقال متحدث باسم واتس آب إن الشركة شعرت بالرعب إزاء هجوم لندن مضيفا أنها تتعاون مع سلطات تنفيذ القانون فى الوقت الذى تواصل فيه تحقيقاتها الخاصة.
ورغم هذه المعركة المستمرة بين شركات التكنولوجيا ولجهات الأمنية، إلا أن خبراء الأمن لديهم رأى مختلف، إذ يحذرون من أن إنشاء ثغرة بهاتف آيفون أو الخدمات المشفرة مثل واتس آب من شأنه أن يضر بسلامة المستخدمين بطرق غير مقصودة، فإذا أصبح بإمكان شرطة المملكة المتحدة قراءة الرسائل المشفرة بطريقة أو بأخرى على سبيل المثال، من الممكن أن تطالب الجهات الأمنية فى البلدان ذات السجل الضعيف لحقوق الإنسان بنفس الشىء.
وقد حذرت جماعةOpen Rightsالتى تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها من أن تقويض التشفير سيجعل أنشطة الإنترنت العادية أكثر ضعفا، وقال "جيم كيلوك" المدير التنفيذى للمجموعة فى بيان: "محاولة إقناع الشركات بوضع ثغرات بخدماتها المشفرة من شأنه أن يجعل الملايين من الناس العاديين أقل أمنا عبر الإنترنت، فنحن جميعا نعتمد على التشفير لحماية قدرتنا على التواصل والتسوق بأمان".
وأبرزت هذه التصريحات الصراع القائم بين الخصوصية الرقمية والأمن القومى الذى كان محل اهتمام كبير على الصعيد العالمى فى السنوات الأخيرة، فكانت الحالة الأكثر شهرة حتى الآن هى معركة أبل مع مكتب التحقيقات الفيدرالى العام الماضى، إذ شن المكتب الفيدرالى هجوما على الشركة الأمريكية العملاقة وطالبها بتجاوز قفل الشاشة بهاتف آيفون5cالمستخدم من قبل "سيد فاروق" مهاجم سان برناردينو، إذ قتل فاروق وزوجته 14 شخصا وجرح 22 آخرين فى سان برناردينو، كاليفورنيا فى ديسمبر 2015.
وحصلت وزارة العدل الأمريكية وقتها على أمر من المحكمة بإجبار أبل على مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالى فى تجاوز أمن الهاتف، خوفا من أن تتسبب محاولات تخمين رمز المرور المتعددة فى حذف ذاكرة الهاتف.
وحاربت أبل وقتها هذا الأمر بقوة، وفى نهاية المطاف تمكن مكتب التحقيقات الفيدرالى من استخدام تقنية لم يكشف عنها للوصول إلى الهاتف الذكى.
جدير بالذكر أن المملكة المتحدة لديها بالفعل قوانين واسعة تسمح للحكومة بالوصول إلى بصمة الإنترنت الخاصة بمواطنيها، ففى أواخر عام 2016، مرر قانون سلطات التحقيق، المعروف أيضا باسم "ميثاق المتلصصين"، والذى ينص على إنشاء قاعدة بيانات لمستخدمى الانترنت، يمكن للجهات الأمنية الوصول إليها عند رغبتها.