حرب التبشير بين الأرثوذكس والبروتستانت الأرثوذكس: كنيستهم ليست مصرية وقامت على تغيير ملة رعايانا و"الإنجيلية" تضم أتباعًا جدد بخطابها المنفتح منشورات: امنعوا الانجيليين من الكلية الإكليريكية

كشفت الأزمة الأخيرة التى وقعت بين أتباع الطائفتين "الأرثوذكسية" والإنجيلية (البروتستانت) بعدما رفض الأرثوذكس الصلاة على متوفى انجيلى، عن الكثير من المعارك التى تقع بين أبناء الطائفتين سرًا وعلانية، رغم تأكيدات رؤساء الكنيستين أن علاقاتهما وطيدة ولها تاريخ طويل من المحبة، وهو ما يختلف كليًا عن الواقع.

الكنيسة الأرثوذكسية "الأم" التى ينتمى لها غالبية المسيحيين المصريين، تلقب نفسها بالكنيسة صاحبة الإيمان المستقيم حتى أن الترجمة العربية لكلمة أرثوذكسية تعنى الإيمان القويم، وتؤمن بالأسرار المقدسة وهى كنيسة مصرية تقليدية، أما الكنيسة البروتستانتية أو الإنجيلية فهى كنيسة غربية دخلت مصر عبر البعثات التبشيرية فى نهاية القرن التاسع عشر الميلادى وانبثق عنها ما يقرب من 17 كنيسة أخرى تقع جميعها تحت رئاسة الطائفة الإنجيلية التى يرأسها القس الدكتور أندريه زكى حاليًا.

بين الكنيستين الكثير من الخلافات العقائدية التى تصل إلى حد تكفير الأرثوذكس للإنجيليين واعتبارهم غير مسيحيين، فالكنيسة الأرثوذكسية تؤمن بالأسرار المقدسة السبعة وهى المعمودية، و سر الميرون و سر القربان أو تناول جسد الرب ودمه وسر التوبة و الاعتراف وسر مسحة المرضى وسر الزيجة وسر الكهنوت، وهو ما لا تؤمن به الكنائس الإنجيلية فليس لديها أسرار مقدسة ولا كهنوت حتى أن قساوسة الطائفة لا يرتدون الملابس الكهنوتية السوداء المعروفة، وليس لديهم رهبان أو راهبات.

من بين الأدلة على الحرب الطائفية بين الكنيستين، مقال نشرته مجلة الكرازة و كتبه الأنبا باخوميوس مطران البحيرة وكفر الشيخ وأحد أكبر آباء الكنيسة يحذر فيه مما أسماه بدعة "اللاطائفية" وقال أن الكنيسة تواجه الآن أمرًا خطيرًا جدًا هو بدعة اللاطائفية لأن ذلك يحمل خداعا كبيرا جدا يقع فيه البسطاء نافيًا وجود أى تحامل أو كراهية أو تعصب من جانبه.

ووفقا للأنبا باخوميوس فإن فكر اللا طائفية هو خداع يحمل شعار "كلنا واحد فى المسيح" و من خطورة اللا طائفية إنها تجعل الانسان يعرج بين الفرقتين لأن كثير من ابنائنا يحضرون إلى الكنيسة و يذهبون إلى الأماكن البروتستانتية لسماع عظة، فالإنسان يحضر الكنيسة و يتعلم الصلاة بالأجبية و التشفع بالقديسين ثم يذهب الى الجماعات البروتستانتية و يصلى بالطريقة الخمسينية، مؤكدًا أن اللاطائفية تفتت المجتمعات المسيحية وتفقدها وحدة الايمان و العقيدة و تتجاهل الكثير من النصوص الكتاب المقدس الخاصة بالتناول و المعمودية و الأسرار ومن لا يعتمد من الماء و الروح لا يدخل ملكوت السموات بعد موته.

نظرًا لبراعة الإنجيليين فى العظات الكنسية، والترانيم المسيحية، يوصى الأنبا باخوميوس رعاياه بأربعة محاور يراها تحافظ على الإيمان الأرثوذكسى من المد البروتستانتى هى العظة المؤثرة والترنيمة المؤثرة والرعاية بجوانبها الروحية والاجتماعية والمادية مؤكدًا أن الكثير من الأرثوذكس تركوا الكنيسة بسبب ضعف الرعاية مختتمًا بالقول الإنجيلى "ولكن من تعدى و لم يثبت فى تعليم المسيح فليس له الله و من يثبت فى تعليم المسيح فهذا له الآب و الابن جميعا إن كان يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم فلا تقبلوه فى البيت ولا تقولوا لو سلام".

وفى كتاب أخر صدرت الطبعة الثانية منه هذا العام، ويحمل اسم "خطورة اللاطائفية واستخدام الآية "كلنا واحد فى المسيح"، كتبه القس تادرس عطية الله كاهن كنيسة مار جرجس بالإسكندرية يتعرض القس لقضية المواجهة العلمية للتيار البروتستانتى، فيؤكد أن هناك نشاط طائفى يواجه الكنيسة الأرثوذكسية خصوصًا النشاط البروتستانتى سواء بالنشرات أو النبذات التى توزع بصفة مستمرة أو الزيارات أو التواجد فى تجمعات أرثوذكسية وتوزيع مجلات شهرية وتحت هذا الستار ينشرون عقائدهن الخاطئة.

يوصى القس تادرس رعاياه من الأرثوذكس بالاهتمام بشرح العقيدة منذ الصغر حتى تواجه ما أسماها "هرطقات أو بدع" الإنجيليين، ويروى قصة لقائه بقس بروتستانتى أكد له ظهور جماعة انجيلية جديدة "الفنوئيل" ولكى يعترف بهم سنودس النيل الإنجيلى يحتاجون إلى 25 كنيسة بينما لديهم 11 كنيسة فقط، مستنتجًا أن الإنجيليين يبحثون عن أتباع جدد لتلك الطائفة فى الكنائس الأرثوذكسية.

ويشير القس تادرس، إلى أن الكنيسة الإنجيلية جماعة منقسمة على ذاتها فلديها 16 مذهبا، مؤكدًا أن البروتستانت فى مصر كانوا كلهم أرثوذكس فى الأساس فالتاريخ يذكر أن القس يوحنا هوج هولندى الجنسية بشر بالبروتستانتية بين المسيحيين بعد أن فشل فى التبشير بين المسلمين وبمساعدة الاحتلال الإنجليزى مؤكدا أن الكنيسة الإنجيلية بدأت بدوافع استعمارية وأطماع شخصية لقلة من الأرثوذكس الذين انتسبوا إليهم.

يعتبر القس تادرس، أن الكنيسة البروتستانتية جماعة منقسمة على ذاتها، ومن ثم لا بد أن يعرف كل أرثوذكسى عظمة كنيسته ويجب أن يدرك جيدًا أن البروتستانت هم من خرجوا عن كنيستهم الكاثوليكية لأن معنى بروتستانت تأتى من الفعل الإنجليزى protest أى احتج أو اعترض حيث كان الاعتراض على الأكثرية المتمسكة بالتعاليم الكاثوليكية عام 1529 على يد مارتن لوثر وأصبحت البروتستانتية واللوثرية مسميان لمفهوم واحد، مشيرًا إلى أن الكنيسة البروتستانتية لها فى مصر 17 مذهبا و30 فى لبنان و مئات المذاهب فى أمريكا.

"التسلل إلى الكلية الإكليركية"، كان أحد التحذيرات التى أطلقها القس تادرس فى كتابه، حيث رأى أن السماح للبروتستانت بالانتساب إلى الكلية الاكليريكية التى تدرس اللاهوت والعلم الدينى وهى أحد المؤسسات التابعة للكنيسة الأرثوذكسية، يجعل البروتستانت يهدمون العقيدة من الداخل ومن ثم طالب بإبعادهم عن الدراسة فيها.

ويخلص القس تادرس فى نهاية كتابه إلى ضرورة التعامل مع كافة المسيحيين بمحبة، مفندًا مقولة "الوحدة فى المسيح"، فيقول:" نتمنى أن تصبح الكنائس المتعددة كنيسة واحدة جامعة رسولية ولكن هذا ليس معناه التكتل لأن ذلك يعنى تنازلنا عن إيماننا المسيحى إنما الوحدة تعنى الحوار اللاهوتى الهادئ البعيد عن التعصب".

أبرزت الصراعات بين الأرثوذكس والبروتستانت الكثير من التناقضات فى مواقف الكنيستين، ففى الوقت الذى ينادى فيه البابا تواضروس بالوحدة بين الكنائس ويقبل دعوات الكنائس العالمية للصلاة والحوار فيها، تنهار تلك الجهود فجأة عند التطبيق العملى، ولعل الهجوم الضارى الذى واجهه البابا تواضروس فى أغسطس الماضى بعد صلاته فى الكنيسة اللوثرية بالسويد أبرز دليل على ذلك، حيث تتبع تلك الكنيسة الطائفة الإنجيلية وتؤمن برسامة المرأة قسيسة، فما كان من البابا إلا أن أكد على أن الحوار مع الأخر وحضور الصلاة معه لا يعنى بالضرورة موافقتك على معتقداته معتبرًا كافة الكنائس أعضاء فى جسد المسيح الواحد، وهو الأمر الذى قوبل بعاصفة من الانتقادات من اللاهوتيين المتشددين فى الكنيسة الأرثوذكسية الذين تمادوا فى الخصومة فرأوا أن الكنيسة اللوثرية التى صلى فيها البابا تقبل بزواج الشواذ ومن ثم لا يمكن بأى حال من الأحوال قبول الحوار معهم.

أما أزمة كنيسة المنيا التى رفض فيها كاهن أرثوذكسى الصلاة على متوفى إنجيلى، فأفرزت جانبًا أخر من العلاقة الشائكة بين الطائفتين وانبرى كل قس فى الدفاع عن طائفته ففى حين هاجم الإنجيليين الأرثوذكس ووصفوهم بالتحجر وعدم مراعاة الظرف الإنسانى الذى تغيب فيه القس الإنجيلى عن القرية فلم يجد الميت من يصلى عليه، أما الكنيسة الأرثوذكسية فأصدرت بيانًا حاد اللهجة عبرت فيه عن استيائها من وصف الإنجيليين لها بغير الإنسانية وفرقت بين الجانب الإنسانى والعقائدى وذكرت كل جوانب الخلاف مع البروتستانت، حيث أكدت أنهم لا يؤمنون بسر الزيجة، ولا البخور ولا أوشية الراقدين التى تقرأ على المتوفين، ومن ثم لا يمكن الصلاة على الميت الإنجيلى وفقًا للطقس الأرثوذكسى، وهو الأمر الذى رآه القس الإنجيلى رفعت فكرى محاولة للتأكيد على أن السماء لا تقبل إلا الأرثوذكس فعدم الصلاة على الميت بالطقس الأرثوذكسى يعنى احتكار السماء والملكوت لهم وحدهم.

مجلس كنائس مصر، الذى تأسس بمشاركة كافة الكنائس المصرية ليرعى فى الأساس مسألة الوحدة بين الكنائس وبعضوية كافة الكنائس المصرية، حاول الخروج من مأزق الانحياز إلى أى من أتباع الكنيستين وأعلن إنه سينظم زيارة لتعزية واسترضاء أسر المتوفى الإنجيلى فى القرية وهو ما لم يحدث حتى اليوم.

القمص عبد المسيح بسيط مدرس اللاهوت الدفاعى وكاهن كنيسة العذراء بمسطرد، قال لـ"انفراد"، إن المسيحيين المصريين كانوا أرثوذكسا حتى القرن الـ19 الذى شهد دخول الجاليات الأوروبية من البروتستانت والكاثوليك إليها حيث كانت الجاليات تهدف إلى تبشير المسلمين وعندما فشلت بدأت فى تبشير الأرثوذكس من ثم كل أتباع تلك الكنائس كانوا أرثوذكس بالأساس، لافتًا إلى أن مبدأ الوحدة بين الكنائس لا يصب فى صالح الأرثوذكس.

وأشار بسيط إلى أن البروتستانت هم الأنشط فى التبشير ومن ثم كتب آباء الكنيسة ومن بينهم الأنبا باخوميوس ليدافع عن هوية الكنيسة القبطية وتراثها ليس تعصبا إنما حرصا منه على هوية أولاده وطقسهم وتراثهم القبطى الذى حمى الإيمان المسيحى منذ مئات السنين.

أما القس رفعت فكرى راعى الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف، ورئيس لجنة الإعلام بمجلس كنائس مصر، يرى أن من حق كل شخص أن يبشر بمعتقده ودينه وهى ليست جريمة بل مصادرة هذا الحق هو الجريمة بعينها، مؤكدًا أن الاتهامات التى تسوقها الكنيسة الأرثوذكسية بخطف أتباعها ليست دقيقة لأن هناك العشرات من الإنجيليين يحضرون عظات فى الكنائس الأرثوذكسية ويزوجون أبنائهم على الطقس الأرثوذكسى والعكس صحيح بل أن هناك الكثير من الأسر الزوجة أرثوذكسية والزوج انجيلى أو العكس وهو أمر لا يمكن التحكم فيه أو منعه.

وعن العظات والمهرجانات الشبابية التى تنظمها الكنيسة الإنجيلية فتجتذب الشباب الأرثوذكسى قال فكرى "يعملوا زيها" ، فالكنيسة الأرثوذكسية تمتلك الإمكانات والمقومات التى تجعلها تنظم المهرجانات وتسجل الترانيم وهو أمر يحدث بالفعل.

ردا على سؤال "انفراد" حول رأيه فى منشورات الكنيسة القبطية التى تحذر من الإنجيليين، قال القس الدكتور أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية،:" لا أميل إلى تكفير الآخر والهجوم عليه، والإساءة إليه، أنا إنجيلى لا أبرهن على إنجيليتى بالهجوم على الكنائس الأخرى، وهناك قاعدة تقول إنه بمجرد أن تهاجم الأخرين يربح الطرف الآخر، وبالنسبة لجمعية خلاص النفوس هى لا تخضع مباشرة للطائفة الإنجيلية، ويتم الهجوم عليها لأنها لا تنادى بعدم الالتزام بعقيدة واضحة وتقبل متعددى العقائد". أبرزت الصراعات بين الأرثوذكس والبروتستانت الكثير من التناقضات فى مواقف الكنيستين، ففى الوقت الذى ينادى فيه البابا تواضروس بالوحدة بين الكنائس ويقبل دعوات الكنائس العالمية للصلاة والحوار فيها، تنهار تلك الجهود فجأة عند التطبيق العملى، ولعل الهجوم الضارى الذى واجهه البابا تواضروس فى أغسطس الماضى بعد صلاته فى الكنيسة اللوثرية بالسويد أبرز دليل على ذلك، حيث تتبع تلك الكنيسة الطائفة الإنجيلية وتؤمن برسامة المرأة قسيسة، فما كان من البابا إلا أن أكد أن الحوار مع الأخر وحضور الصلاة معه لا يعنى بالضرورة موافقتك على معتقداته، معتبرًا كافة الكنائس أعضاء فى جسد المسيح الواحد، وهو الأمر الذى قوبل بعاصفة من الانتقادات من اللاهوتيين المتشددين فى الكنيسة الأرثوذكسية الذين تمادوا فى الخصومة فرأوا أن الكنيسة اللوثرية التى صلى فيها البابا تقبل بزواج الشواذ ومن ثم لا يمكن بأى حال من الأحوال قبول الحوار معهم.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;