اشتعلت التوترات بين تركيا وعدد من حلفائها فى الدول الأوروبية فى الأسابيع الأخيرة الماضية، بسبب سعى نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إلى توسيع أنشطه نظامه بين الأتراك الذين يعيشون فى أوروبا، والذين يمكنهم الإدلاء بأصواتهم فى الاستفتاء المقرر على الدستور التركى لتوسيع سلطات الرئيس.
وبعد أسابيع من الصدام بشأن الحملات الدعائية لتركيا بين مواطنيها المغتربين وقيام عدد من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا وهولندا، بمنع المسئولين الأتراك من قيادة حشود للترويج للاستفتاء، اتخذ التوتر منحى جديدا حيث اتهم مسؤول ألمانى أنقرة بممارسة تجسس "لا يحتمل وغير مقبول" فى ألمانيا على مؤيدى الداعية فتح الله جولن الذى تتهمه أنقرة بالوقوف وراء تحركات الجيش ضد أردوغان فى يوليو 2016.
وقال وزير الداخلية الألمانى بوريس بيستوريوس، أمس الثلاثاء، "بالنسبة إلى سلوك السلطات التركية، علينا أن نقول بوضوح تام، أنه ينم عن خوف من المؤامرة يمكن وصفه بأنه مرضى".
وكشف المسئول الاشتراكى الديمقراطى الذى يشرف على أجهزة الاستخبارات المحلية، أن أنقرة طلبت من برلين مساعدتها فى التجسس على 300 شخص ومنظمة فى جميع أنحاء ألمانيا، تعتبرهم مقربين من حركة الداعية فتح الله جولن، وأضاف أنه تم تسليم القائمة إلى حكومات المقاطعات. إلا أن مقاطعة ساكسونيا قررت بدلا من ذلك إبلاغ أكثر من 10 من الأهداف الواردة على القائمة ومن بينها مدرسة وشركتان على الأقل خشية أن يتعرض الأشخاص فيها إلى "عمليات انتقامية" فى حال زاروا تركيا وهم يعلمون أنهم على قائمة الأشخاص المراقبين.
ووصف الوزير الألمانى أن السلطات التركية تتصرف بطريقة "تنم عن خوف من المؤامرة يمكن وصفها بالمرضية"، وقال إن هذه السلطات تفترض أن "جميع أنصار جولن هم إرهابيون وأعداء للدولة رغم عدم وجود أى دليل على ذلك". وأضاف: "حتى اليوم ليس لدينا أى دليل يذكر على أن انصار جولن خالفوا أية قوانين بأية طريقة ممكنة".
وتعهدت الحكومة الاتحادية فى ألمانيا بعدم التسامح مع الوكالات الأجنبية التى تتجسس على أراضيها. وقال وزير الداخلية توماس دى مازيير، إن نشاطات التجسس على الأراضى الألمانية يعاقب عليها القانون ولا يمكن التسامح معها، مضيفا أن ذلك ينطبق على كل دولة أجنبية وكل جهاز تجسس.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن هذه التحركات تعد أحدث مثال على انتهاك تركيا للمبادئ الأوروبية، حيث طالما تم توجيه انتقادات للرئيس أردوغان باستغلال انفتاح الديمقراطيات الغربية لممارسة سلطات سلطوية أكبر.
وقد وجه الرئيس التركى بشكل متزايد، هجمات لفظية على حلفائه فى أوروبا مع إقتراب التصويت على الاستفتاء، فعندما تم منع بعض الوزراء الأتراك من قيادة حشود للترويج للتعديلات الدستورية، اتهم أردوغان الهولنديين، الذين كانت بلادهم واقعة تحت الاحتلال النازى فى الحرب العالمية الثانية، باعتماد تكتكيات نازية.
وفى الأسابيع الأخيرة الماضية، ذكرت السلطات الألمانية أنها تحقق فى أنشطة تجسس محتملة، يقوم بها أئمة مساجد فى ألمانيا، تم تجنيدهم من قبل النظام التركى.