منذ ربع قرن أو يزيد ، كانت أشجار النخيل على حواف الطرق والجسور والمصارف والمجارى المائية ، تحجب ضوء الشمس نتيجة تشابكها وكثرتها ، ولكن شيئا فشيئا ، بدأ غول التوسع العمرانى يزحف على الرقعة الزراعية ، ويلتهم الأراضى والنخيل ، كما عانت المحروسة من وقوع مذابح عديدة وشهيرة ضد الأشجار عموما ، ومنها النخيل ، ناهيك عما فعلته آفة أخرى ، وهى سوسة النخيل ، بثروتنا من نخيل التمر.
وخلال الـ 15 عاما الماضية ، بدأت الأصوات تتعالى من جديد ، أن انقذوا زراعات النخيل ، وهنا تبارت شخصيات حكومية وغير حكومية من المجتمع المدنى ، ومتطوعون ، بعد فترات عملهم من وزارتى الزراعة ، والموارد المائية والرى ، لإنقاذ وحماية ماتبقى من النخيل ، وكان من هؤلاء ، بل من أكثرهم نشاطا وتطوعا ، مهندس زراعى يسمى جمعه طوغان ، يعمل بوزارة الموارد المائية والرى ، بدأ طوغان يتقدم للمسئولين بالمبادرة تلو الأخرى ، والمشروع بعد المشروع ، والفكرة بعد الفكرة ، لزراعة جوانب وحواف الترع والمجارى المائية والمصارف الزراعية ، كان بداية فكرته بمشروع المليون نخلة ، ثم تطور المشروع والفكرة حتى صار 20 مليون نخلة حاليا.
بروتوكول تعاون لزراعة 20 مليون نخلة
أخيرا ذاق طعم وحلاوة النجاح ، هؤلاء الذين بذلوا جهودا مضنية ، وقطعوا ريف وقرى مصر ذهابا وإيابا ، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا لنشر هذه الفكرة منذ أكثر من 15 عاما ، عندما وقّع اللواء محمد العصار، وزير الدولة للإنتاج الحربى ، الأحد الماضى بروتوكول تعاون مع محمد عشماوى ، الرئيس التنفيذى لصندوق تحيا مصر، والمهندس عاطر عزت حنورة، رئيس مجلس إدارة شركة تنمية الريف المصرى الجديد، ورئيس مجلس إدارة شركة جنان الإماراتية للاستثمار، محمد بن راشد العتيبة.
ويهدف البروتوكول ، للبدء فى مشروع لزراعة 20 مليون نخلة وإمكانية زراعة المساحات البينية بين النخيل بالمحاصيل الحبوبية والزيتية المختلفة، وكذلك الاستفادة من هذه الزراعة فى عدة مجالات صناعية مكملة ، منها إنتاج السكر السائل والسكر البودرة ، وإنتاج الخل والإيثانول ، وتصنيع الأعلاف الحيوانية ، وتصنيع الأصباغ الطبيعية وغيرها ، وكذلك تطوير مصانع إنتاج التمور الموجودة فى المحافظات بإدخال أحدث الأساليب البحثية والتكنولوجية إليها، إلى جانب دراسة تحديث مصانع تدوير المخلفات الزراعية لتصنيع الأخشاب المضغوطة من النخيل «MDF».
وقال العصار أن المشروع يعد طفرة هائلة فى مجال إنتاج الحاصلات الزراعية ، لما له من أهمية استراتيجية واقتصادية فى تنمية الدخل القومى للبلاد وإقامة صناعات تحويلية متقدمة، بما يحقق زيادة الناتج المحلى الإجمالى للدولة ويوفر فرص عمل.
سوسة النخيل تدمّر 93 ألف نخلة
وأكد تقرير زراعى رسمى أصدرته الإدارة المركزية لمكافحة الآفات بوزارة الزراعة ، أن إجمالى عدد النخيل المصاب بمرض سوسة النخيل ، يصل إلى 93 ألف نخلة ، تم إزالة وقطع 6183 نخلة مصابة ، وعلاج 81 ألف و800 نخلة من إجمالى 20 مليون نخلة ، هى إجمالى نخيل البلح بمختلف المحافظات.
وأوضح التقرير أن محافظة الشرقية أحتلت المركز الاول فى إجمالى عدد الإصابات بمرض سوسة النخيل بعدد 20 ألف و506 نخلة ، تلتها محافظة دمياط بإجمالى 13 ألف و627 نخلة ، بينما احتلت محافظة الجيزة المركز الثالث فى عدد الاصابات بإجمالى 11 ألف و441 نخلة، تلتها محافظة المنيا بإجمالى 8571 نخلة مصابة ثم محافظة البحيرة بإجمالى 7435 نخلة مصابة بسوسة النخيل.
1,5مليون طن إنتاج التمور فى مصر
من ناحيتها ، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ، في مصر البرنامج التدريبي لمنتجي التمور في سيوة والواحات البحرية والوادي الجديد، ضمن مشروع التعاون الفني لتطوير سلسلة القيمة للتمور، الذي تم توقيعه مع كل من وزارتى الزراعة واستصلاح الأراضي ، و الصناعة والتجارة ، وذلك في إطار استراتيجية تطوير قطاع النخيل والتمور في مصر والتي تم إطلاقها خلال مهرجان التمور الثاني في سيوة أكتوبر الماضي، بالتنسيق مع جائزة خيفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، ومنظمة اليونيدو.
وركز التدريب الذي عقد بمشاركة خبراء متخصصين في مجال النخيل، على عمليات التلقيح، وخدمة رأس النخلة كمرحلة أولى، ضمن سلسلة الدورات التدريبية التي سيتم عقدها تباعا لمنتجي التمور طبقاً لخطة عمل المشروع ووفقاً للممارسات الجيدة لإنتاج و إعداد و تصنيع التمور.
وتعليقاً على هذا ، قال الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي :" إنه من المتوقع بنهاية المشروع أن يصبح مزارعو النخيل ومنتجو ومصنعو التمور في مصر قادرين على إنتاج تمور ذات جودة عالية تقتحم الأسواق الوطنية والعالمية، إلى جانب تجميع الأصناف الجيدة والمهمة وحفظها في مجمعات وراثية كنواة أولى لبنك للجينات".
ومن جانبه قال حسين جادين، ممثل الفاو في جمهورية مصر العربية، :" بعد الاستجابة الكبيرة التي لقيتها استراتيجية تطوير قطاع النخيل والتمور من الجهات المسئولة في الحكومة المصرية، تم توسيع نطاق خطة العمل لتشمل مناطق إنتاج تمور أخرى، حيث تم ضم الواحات البحرية والوادي الجديد إلى المشروع بالإضافة إلى واحة سيوة وذلك بالتنسيق والتعاون مع كل الأطراف والجهات المكلفة بالنهوض بقطاع النخيل والتمور في مصر".
وتدور أهداف استراتيجية تطوير قطاع النخيل والتمور في مصر حول رفع سقف وحجم التصدير من 38 ألف طن حالياً إلى 120 ألف طن سنوياً ، خلال السنوات الخمس المقبلة، ورفع متوسط سعر التصدير من 1000 دولار للطن حالياً إلى 1500 دولارا ، خلال نفس الفترة، بما يؤدي إلى تحقيق زيادة في الموارد المالية بالعملة الصعبة للميزانية العامة الدولة من 40 مليون دولار حالياً إلى 180 مليون دولار ، بالإضافة إلى زيادة التسويق على المستوى المحلي، ورفع الصادرات من التمور غير المصنعة، والاستفادة من المنتجات الثانوية ومخلفات التمور والنخيل، وخلق فرص عمل جديدة.
وأكد منتجو التمور المستفيدون من البرنامج التدريبي في واحة سيوة والواحات البحرية والوادي الجديد أنهم حققوا استفادة كبيرة على المستوين النظري والعملي من البرنامج التدريبي حيث تعلموا الأساليب العلمية والممارسات الزراعية الجيدة فيم يتعلق بعمليات تلقيح النخيل بالإضافة إلى خدمة رأس النخلة وهو الأمر الذي سينعكس على زيادة إنتاج مزارعهم من النخيل وبمستوى أعلى من الجودة مقارنة بما كان يتم في السابق.
وكانت منظمة "الفاو" قد عقدت الورشة التأسيسية للمشروع في يناير الماضي ، حيث تم التعريف على الأهداف العامة للمشروع وخطوطه العريضة، وتم وضع خطة عمل تفصيلية للتنفيذ، خاصة أن محصول التمر في مصر يعتبر محصولاً استراتيجيا، وتحتل مصر حاليا المركز الأول في انتاج التمور على المستوى العالمي ، قبل إيران والسعودية ، ويقدر إنتاجها السنوي بحوالي 1,5 مليون طن ، وهو ما يعادل 17.7% من الإنتاج العالمي المقدر ب 7.5 مليون طن .