أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عن تخصيص يوم الرابع من أبريل لطقس صناعة الميرون المقدس للمرة الـ39 فى تاريخها، وللمرة الثانية فى عهد البابا تواضروس الثانى على أن يتم ذلك بالطريقة الحديثة التى وافق عليها المجمع المقدس عام 2014، وسط انتقادات واسعة من التيار التقليدى فى الكنيسة الذى اعتبر تغيير صناعة طريقة زيت الميرون المقدس خروج على تقاليد الكنيسة القبطية.
ما هو زيت الميرون المقدس؟
الميرون يقول البابا تواضروس فى تسجيل سابق له، إن معنى كلمة "الميرون" هى عطر أو طيب، ويتكون من 27 مادة نباتية نستخلص منها العطر ثم نضعها فى زيت الزيتون، ثم تتم مجموعة من القراءات والصلوات يقودها البابا البطريرك والآباء المطارنة والأساقفة ثم قداس يسمى بتقديس الميرون والغاليلاون يستغرق 3 ساعات، وقديماً كان يصنع الغاليلاون باستخدام الأتفال المتبقية من النباتات وتخلط مع زيت الزيتون حتى يأخذ زيت الزيتون المواد العطرية المتبقية فى الأتفال.
لماذا تصنع الكنيسة الميرون؟
وتصنع الكنيسة زيت الميرون لأنه بديل لوضع اليد فى المعمودية (سر التعميد أحد الأسرار السبعة للكنيسة)، وقديماً كان يضع الآباء الرسل يديهم على المعمد لكى تحل عليه الروح القدس، وفقا للمعتقد المسيحى ومع انتشار الكنيسة فى العالم تم استبدال وضع اليد بزيت الميرون، ويعود أصل الميرون إلى الحنوط التى كانت على جسد السيد المسيح.
وللميرون استخدامات عديدة، كأن يستخدم فى تقديس مياه المعمودية (4 قطرات من زيت الميرون على مياه المعمودية)، وفى رشم المعمد 36 رشمة، وكذلك فى تدشين الكنائس، المذابح واللوح المقدس وجرن المعمودية وأوانى المذبح والأيقونات.
أول من صنع الميرون
البابا أثناسيوس الرسولى البابا رقم 20 هو أول من صنع الميرون وهناك الكثير من البطاركة لم يصنعوا الميرون، لأن الكمية المتاحة كانت كافية، وكان للبابا شنودة الثالث نصيب من صنع الميرون حيث صنعه 7 مرات فى مصر ومرة فى أرتريا، وآخر مرة كانت سنة 2007، بينما يعتبر البابا تواضروس آخر من صنع الميرون عام 2014.
مراحل صناعة الميرون
لصناعة الميرون مرحلتان المرحلة الأولى الإعداد للخلطة من 27 مادة كلها نباتية كانت تؤخذ قديماً من النباتات فى زهر النبات أو جزع النبات أو ورق النبات يتم تنشيفه ثم طحنه ثم خله ثم نقعه فى ماء ثم وضعه فى زيت الزيتون مع التقليب وقد يحتاج التقليب إلى 10 ساعات بنفس السرعة، وكل هذا حتى يتم استخلاص العطر الطيار من النبات، ثم يصفى.
والمواد المستخدمة فى صناعة الميرون 27 مادة هى تين الفيل، ودار شيشعان، والسليخة، وقرفة خشبية، ولافندر، وعرق الطيب، وقصب الزريرة، والقرفة البيضاء، وصندل مقاصيرى، وقسط هند، وورد بلدى، وبسباسة، وحصى لبان، وسنبل الطيب، ودارسين، وزعفران، وصبر قسطرى، وعود قاقلى، ولادن، وصمغ، ومر، والميعة السائلة، وحبهان، ومسك سائل، وعنبر، والبلسم، أما المرحلة الثانية هى مرحلة التقديس، والتقديس له صلوات وألحان قبطية.
تغيير طريقة صناعة الميرون المقدس مؤخرًا
أشار البابا تواضروس فى مقاله الأخير الذى نشرته مجلة الكرازة الناطقة باسم الكنيسة، إلى أن الطريقة التقليدية لصناعة زيت الميرون كانت تقوم على إجراء بعض العمليات الكيميائية لاستخلاص بعض الزيوت العطرية من أصولها النباتية، حيث كان العامة يطلقون على تلك العملية "طبخ الميرون" حيث كانت تستخدم المواقد الحرارية والتسخين والتبريد والتقليب والترشيح، مما يستهلك وقتا ومجهودا كبيرا ونتائج ضعيفة فى الاستخلاص، كما أن شراء الأصول النباتية من الأسواق كان يتعرض لعمليات غش تجارى، وظهرت عدة مشكلات دفعت الكنيسة لاستخدام التكنولوجيا الحديثة فى صناعة الميرون، حيث تم إعداد 600 كجم من الميرون عام 2014 أوشكت على النفاد بعد استهلاك ما يعادل 200 كجم سنويا.
وأوضح البابا أن الأنبا سرابيون مطران لوس أنجلوس تمكن من شراء الزيوت العطرية من شركات عالمية بمساعدة القمص جراجيوس عطا الله وهو أستاذ كيمياء سابق شارك فى عملية صنع الميرون عدة مرات.
انتقادات من التيار التقليدى بعد تغيير طريقة صنع الميرون
فيما هاجمت صفحة "الصخرة الأرثوذكسية" على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وهى إحدى الصفحات المحسوبة على التيار التقليدى، إصرار البابا على تغيير طريقة صناعة الميرون المقدس والاعتماد على الطريقة الحديثة، وذكرت الصفحة أن الطريقة الجديدة فى صناعة الميرون أدت إلى نفاد الكمية بسرعة حتى أن آخر كمية صنعها البابا شنودة عام 2008، بلغت 540 كجم ميرون، وتم استهلاكها خلال 6 أعوام (بمعدل 90 كجم فى السنة)، مما يعنى أن الطريقة الجديدة لصناعة زيت الميرون أنتجت مستحضرا سريع التطاير بالإضافة إلى مخالفته طقس أصيل من طقوس الكنيسة القبطية تقرأ فيه القراءات والألحان الكنسية.
قلل كمال زاخر، مؤسس التيار المسيحى العلمانى، من أهمية الهجمة التى يشنها التيار التقليدى على البابا تواضروس الثانى، مؤكدا أن البابا لجأ لاستخدام العلم والتكنولوجيا لخدمة الدين دون أن يخل بالطقس الأرثوذكسى، حيث تم إعداد الميرون عام 2014 بالطريقة الجديدة مع قراءة الألحان والصلوات.
واعتبر زاخر أن نفاد كمية زيت الميرون أمرًا طبيعيًا لا يمكن مقارنته بما كان يجرى أيام البابا شنودة، حيث زاد عدد السكان حاليا بشكل ملحوظ، واتسعت احتياجاتهم وامتدت خدمة الكنيسة بشكل بارز مما يعنى الحاجة لكميات أكبر من الزيت المقدس.