على الرغم من المساعدات والجهود الدولية التى تبذلها المنظمات الإنسانية الكبرى عالميا، مثل منظمة الفاو وبرنامج الغذاء العالمى، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى وعدد من مؤسساته، إلا أن شبح الجوع لا يزال يهدد مختلف أنحاء العالم، خاصة جنوب السودان والصومال واليمن فى ظل الصراعات والحروب والتى يتبعها بطبيعة الحال أزمات اقتصادية تنعكس بدورها على نقص الغذاء وكافة متطلبات الحياة.
وكشف تقرير مشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، أن النزاعات الدامية والظروف المناخية وارتفاع أسعار السلع الغذائية ساهم خلال العام الماضى فى ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع فى العالم إلى 108 ملايين نسمة، موضحا أن هذا العدد يمثل زيادة بنسبة 35% مقارنة بعام 2015 ، حيث كان من يعانون الجوع فى ذلك الحين 80 مليون نسمة.
وأوضح التقرير أن هذا العدد يشمل الأشخاص الذين يعانون انعدام شديد فى "الأمن الغذائى" والذين يعانون أيضا نقصا حادا فى الغذاء وعاجزين عن تلبية حاجاتهم فى هذا المجال بشكل دائم، بجانب الأشخاص الذين يجبرون على ذبح مواشيهم لتجنب الموت جوعا.
وأفاد التقرير بأن هذا الانعدام الحاد فى الأمن الغذائى يمكن أن يتفاقم فى العام الجارى عبر وصول المجاعة إلى أربعة بلدان هى جنوب السودان والصومال واليمن وشمال شرق نيجيريا.
ووفقاً لإذاعة مونت كارلو الفرنسية، فإن التقرير الذى يعتمد على أساليب عدة فى تحديد مقاييس المجاعة، يعتبر بمثابة ثمرة تعاون بين الاتحاد الأوروبى ووكالات عدة تابعة للأمم المتحدة والوكالة الأمريكية "يو اس ايد" والعديد من الهيئات الإقليمية المتخصصة.
وتوصل التقرير إلى أنه من ضمن أسوأ تسع أزمات إنسانية كانت الحروب الأهلية السبب الأساسى للمجاعة، وهناك عوامل أخرى تدخل فى الحساب مثل الأحوال الجوية خصوصا الجفاف والأمطار المفاجئة، إضافة إلى المناطق المعرضة للمجاعة، هناك دول مثل العراق وسوريا ومالاوى وزيمبابوى دخلت حالة انعدام الأمن الغذائى.
ومن ناحيته، قال خوسيه جرازيانو دى سيلفا المدير العام لمنظمة الفاو (منظمة الأمم المتحدة للزراعة والتغذية) فى التقرير: "بإمكاننا منع وفاة الناس جوعا عبر حماية سبل العيش فى الأرياف والاستثمار فيها".
من جانبها، قالت ارثاران كوزان مديرة برنامج الغذاء العالمى: "إن الجوع يفاقم الأزمات ويدفع نحو مزيد من انعدام الأمن والاستقرار، وما يبدو اليوم تحديا مرتبطا بالأمن الغذائى سيصبح غدا تحديا مرتبطا بالأمن فقط"، وختمت قائلة: "إنه على العالم أن يتحرك الآن لإنقاذ الأرواح وسبل عيش ملايين الأشخاص".
وفى معرض تعليقها على التقرير، قالت نيفين ميميكا مفوضة التعاون الدولى والتنمية فى الاتحاد الأوروبى: "إن هذا التقرير يسلط الضوء على الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات سريعة وموجهة للاستجابة للأزمات الغذائية بفعالية ومعالجة أسبابها الجذرية، وقد كان الاتحاد الأوروبى رائداً فى هذه الاستجابة، حيث خصصنا مبلغ 550 مليون يورو عام 2016، ثم تم تخصيص 165 مليون يورو أخرى لمساعدة الأشخاص المتضررين من المجاعة والجفاف فى القرن الأفريقى".
ومن جهته، قال خريستوس ستيليانيدس، مفوض المساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات، إن هذا التقرير ثمرة جهد مشترك ومتابعة ملموسة للالتزامات التى تعهد بها الاتحاد الأوروبى فى مؤتمر القمة العالمى للعمل الإنسانى فى اسطنبول، والذى سلط الضوء على الحاجة الملحة لإجراء تحليل شفاف ومستقل للأزمات قائم على الإجماع، ويأمل أن تشكل هذه الوثيقة أداة قوية للمجتمع الدولى بأسره من أجل الارتقاء بمستوى تنسيق استجاباتنا للأزمات.
يذكر أن الأمم المتحدة وافقت قبل أيام على قرض طارئ بقيمة 22 مليون دولار، فى محاولة لمنع مجاعة أخرى فى الصومال الذى يعانى جفافا ونزاعا مسلحا، وفقا لما أعلنته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو".
وأفاد بيان المنظمة بأن الصندوق المركزى لمواجهة الطوارئ وافق على منح القرض لمنظمة الأغذية فى إطار الاستجابة الدولية "للحيلولة دون حدوث مجاعة أخرى فى الصومال"، بعد 5 سنوات من المجاعة السابقة.