سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 إبريل 1957.. عبد الناصر يمنح لنفسه إجازة يحدد فيها رؤيته للمستقبل

قرر الرئيس جمال عبد الناصر أن يمنح لنفسه إجازة ثلاثة أيام بعد شهور مزدحمة بالأحداث شهدت، تأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956 ثم العدوان الثلاثى «بريطانيا وفرنسا وإسرائيل» يوم 30 أكتوبر 1956. كان الهدف من الإجازة هو «التفكير مستقبليا»، حسب تعبير محمد حسنين هيكل فى كتابه «سنوات الغليان»، وذكر عبد الناصر الخطوط العريضة لتفكيره لهيكل فى لقاء جمعهما باستراحة القناطر الخيرية استمر خمس ساعات مساء يوم 4 إبريل «مثل هذا اليوم» عام 1957، ويؤكد هيكل أن عبد الناصر أحس أن معركة السويس وصلت إلى نهايتها، وأن انتصارنا فيها يحتاج إلى تعزيز، والتعزيز يتطلب تحديد مصادر الخطر وطرق مواجهته. حدد عبد الناصر أن الخطر الحقيقى يأتى من القوتين الكبيرتين: أمريكا والاتحاد السوفيتى، وأكد أنه ليس هناك إشكالات كبيرة مع الاتحاد السوفيتى، أما أمريكا فهى الخطر الحقيقى لأنهم «يريدون السيطرة على المنطقة، ونحن العقبة أمامهم، وعلينا أن نسأل أنفسنا الآن: ما هى أسلحتهم تجاهنا؟»، وهذه الأسلحة هى: «أولا: الحرب النفسية، وهم يشنونها الآن علينا فعلا، وليس أمامنا دفاع غير أن تكون جماهيرنا على علم بما نفعله، وأن تشارك بنفسها فى فعله، ثانيا: الحرب الاقتصادية، وهم أيضا يشنونها، وهذه مشكلة ولكنها ليست صعبة وقد طلبت من «الجريتلى» «أحد ألمع الخبراء الاقتصاديين المصريين» و«القيسونى» «الوزير فى أكثر من حكومة آخرها يناير 1977 أثناء حكم السادات» دراسة إمكانيات وضع اقتصادنا على مستوى اقتصاد الحرب، وهذه هى الوسيلة الوحيدة لمواجهة الحصار الاقتصادى، ثالثا: الغزو من الداخل وهم يمارسونه ضدنا فى السر، رابعا: محاولة عزل مصر عن بقية العالم العربى وهذه معركة لا نحتمل خسارتها، إذا خسرناها خسرنا أقوى أسلحتنا، خامسا: يتبقى لهم بعد ذلك سلاح الاغتيال، وهذه مسألة لا نستطيع أن نعتمد فيها إلا على الله مع أخذ كل الاحتياطات الواجبة، وبعد سلاح الاغتيال يظل هناك سلاح الإرهاب ووسيلته إسرائيل». يحدد عبد الناصر طرق مواجهة هذه المخاطر ويذكرها لهيكل: «أول جبهة يمكن أن نهاجم منها هى جبهتنا الداخلية، بأن يكون عملنا فى الداخل نموذجا يشد ويجذب بقية شعوب الأمة العربية إليه، وبناء السد العالى سيكون هو البرهان، وفى مجالات تطوير الزراعة، التصنيع، الخدمات، استرداد المصالح الأجنبية المغتصبة، استمرار التمكين للعدل الاجتماعى، وإعادة توزيع الثروة، هذه كلها جبهات هجومية تقوى خطوطنا فى داخل حدودنا، وتجعل لدعوتنا قيمة خارج الحدود، عندما نرى أن السعودية أصدرت قانونا بتحريم العبودية لأول مرة كرد فعل للثورة الاجتماعية فى مصر فلا بد أن ندرك أننا نفعل شيئا مهما، لابد أن نكون على اتصال بكل القوى العربية التقدمية، وأن نقيم جبهة شعبية عريضة معها». وينتقل عبد الناصر إلى وضع القوات المسلحة قائلا: «علينا أن نعيد بناءها وفق تجربتنا فى حرب السويس، كان اتجاهى تغيير كل قيادتها، لكننى ترددت، من ناحية لأن عبد الحكيم عامر يعتقد أن ذلك ماسا بكرامته وكرامة الجيش، ومن ناحية أخرى إذا غيرت القيادات الآن، فمعنى ذلك أننى اعترف ضمنا بأن انتصار السويس كان سياسيا وهزيمة عسكرية، وهذا غير صحيح، ولكنها ضمن محاولات الحرب النفسية الموجهة إلى ثقة الناس بالجيش وثقة الجيش فى نفسه». ويحدد مجالات لا بد من دخولها وهى: «إسرائيل تفكر ذريا، ولابد لنا نحن الآخرين أن نفكر مثلهم، طلبت حصرا لكل خبرائنا فى الطبيعة النووية، وعرفت أن هناك عالما كبيرا «الدكتور محمد النادى» بينهم لديه كل المؤهلات، ونحن نحتاج إلى مفاعل نووى ولابد أن نحصل عليه، ولابد أن نتمكن من صنع سلاحنا بما فيه الطائرات، عندنا مصانع سلاح على نطاق محدود، ووضعنا برنامجا لبناء صناعة السلاح، أيضا هناك علماء ألمان يتخاطفهم العالم بما فيه أمريكا، وحاول بعضهم جس النبض معنا وقلت إننا نرحب، هذه المجالات هى تكنولوجيا المستقبل، ولابد أن نتيح للمصريين التعرف عليها والتخصص فيها، وهذا عندى أهم من سرعة إنتاج الطائرات أو الصواريخ، هناك أيضا مسألة الأسلحة الكيماوية، وأنا أعرف أنها ممنوعة ولكننا لابد أن نملك سلاحا رادعا إذا سبقتنا إسرائيل فى مجال الذرة». وأكد ضرورة قدرة اختراق جهاز المخابرات العامة لإسرائيل، ثم قال: «المعركة التى ستفرض نفسها علينا بسرعة، بل إنها فرضت نفسها فعلا هى، المعركة على قلب العالم العربى وفكره ومشاعره وتوجهاته».




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;