أقل من شهرين تفصل إيران عن انتخابات رئاسية سوف تجرى فى 19 مايو المقبل، ومع اقتراب الموعد بدأت تتضح ملامح خريطة المرشحين للتيارين المتنافسين التيار المحافظ والإصلاحى، حيث كسرت "الجبهة الشعبية لقوى الثورة" التى تضم أغلب التيارات المحافظة حاجز الصمت لتعلن عن قائمة جديدة لمرشحين محتملين، فضلا عن عدول الرجل المقرب من خامنئى ومسئول اقليم خرسان "إبراهيم رئيسى" عن رأيه واعلانه الترشح للانتخابات وذلك بعد رفض دعوة الجبهة الشهر الماضى.
وبإعلان الرجل المقرب من خامنئى والمدعى العام السابق الترشح بات المشهد الإيرانى يقترب من انتخابات ساخنة، وبحسب مراقبين إيرانيين أن إعلان رئيسى الترشح أنقذ التيار المحافظ من مأزق التشتت وتعدد المرشحين وأزمة التخبط التى عانى منها الفترة الأخيرة، كما أشاروا إلى أن هذا قد يكون المرشح سيكون الأبرز لهذا التيار أمام مرشح الإصلاحيين "حسن روحانى" الذى يأمل فى الفوز بولاية ثانية.
وتشير تقارير إلى أن إبراهيم رئيسى عدل عن رأيه بعدما قام بجولة تشاورية مع رجال الدين فى قم وحظى بتأييد من المرشد على خامنئى، كما أنه يحظى أيضا بدعم "جبهة الصمود" ورجل الدين المتشدد آية الله مصباح يزدى الذى دعم فى الانتخابات السابقة الرئيس السابق أحمدى نجاد والمرشح الخاسر سعيد جليلى.
وقال المحلل السياسى والناشط الإصلاحى الشهير صادق زيبا كلام، إن أزمة التيار الأصولى كانت تكمن فى الوصول إلى الإجماع على مرشح واحد، مؤكدا أن ترشح إبراهيم رئيسى فى الانتخابات سيحل أزمة هذا التيار فى اختيار مرشح للمنافسة، متوقعا أن يبايع التيار الأصولى رئيسى فيما عدا بعض الأصوليين المتشددين.
وأضاف المحلل الإيرانى أن ترشح إبراهيم رئيسى سيخلص التيار الأصولى من مأزق تعدد المرشحين، وعلى جانب آخر هناك ملاحظات أخرى يجب الإشارة إليها، منها عدم امتلاك رئيسى القدرة والخبرة فى العمل فى السلطة التنفيذية، وباستثناء المدة التى تولى فيها مسئولية الجهاز القضائى، فإنه لا يمتلك خبرة فى السلطة التنفيذية والإدارية.
وأشار الناشط الإصلاحى إلى أن إبراهيم رئيسى مرشح يجمع عليه التيار المحافظ، سینافس مرشح التيار الإصلاحى والمعتدلين "حسن روحانى"، مؤكدا أن ترشحه سيجعل الانتخابات ثنائية القطب.
وحول فرص رئيسى للفوز بالانتخابات، قال زيبا كلام، إن ترشح رئيسى سيخلق موجة وحراكا جديدا فى الكتلة التصويتية للتيار الإصلاحى والأصوات الصامتة وحتى بین غير المتدينين، فالمخاوف من احتمالية فوز الأصوليين من الممكن أن تجعل العديد من الأشخاص الذين قرروا عدم المشاركة فى الانتخابات ينزلون يوم الاقتراع لاختيار روحانى، للحيلولة دون فوز الأصوليين.
وأشار الكاتب إلى أن رئيسى سيحظى بدعم رجال الدين فى مدينة قم، بالإضافة إلى اتحادات وجمعيات رجال الدين وجامعة المدرسين فى الحوزة العلمية، وأن أنصاره لديهم قدرة على الحصول على كافة الإمكانيات من التليفزيون الرسمى وحشد الأبواق الإعلامية والصحافة لصالح مرشحهم.
وتوقع المحلل الإيرانى أن تزداد هجمات المتشددين على حكومة روحانى والإصلاحيين وتشويه سياسات روحانى على مدار السنوات الأربعة الماضية، مشيرا إلى أن عامل تحديد فوز رئيسى على روحانى سيكون الناخبين المحتملين للتيار الاصلاحى، مشيرا إلى أن هناك عددا غير قليل يرغب فى عدم المشاركة فى الانتخابات بدعوى أنهم انتخبوا روحانى فى 2013 ولم يتغير شىء بالنسبة لهم.
ميرسليم مرشح مستقل
ويدور النقاش فى إيران حول إعلان مصطفى ميرسليم ترشحه بصفقة مستقلة للانتخابات عن "حزب مؤتلفة" وهو من أقدم الأحزاب الأصولية فى إيران الذى لم يهتم بالانضمام إلى الجبهة الشعبية لقوى الثورة، ورجح خوض الانتخابات بشكل مستقل، ما يؤكد على تشتت أحزاب التيار المحافظ وعدم اجماعها على مرشح واحد.
نجاد يدعم نائبه
وعلى جانب أخر أعلن الرئيس السابق أحمدي نجاد تأييده ترشح مساعده السابق "حميد بقائى" للرئاسة فى مؤتمر صحفى، وأشارت تقارير إلى أن بقائى يحظى أيضا بدعم صهر نجاد ومدير مكتبه السابق اسفنديار رحيم مشائى. وأكد أنه لن يترشح للرئاسة، مرجحاً حصول بقائى على أعلى نسبة من الأصوات فى الانتخابات، ومعتبراً أن لا ذريعة تبرر لمجلس صيانة الدستور رفض أهلية بقائى لخوض السباق.
ووفقا لمراقبون أن الرئيس الإيرانى السابق سوف يطلق هجوما حادا على روحانى من خلال دعمه والعمل داخل الحملة الانتخابية لنائبه، حيث أطلق أولى سهامه على حكومته قائلا: "لم تنجز الحكومة الحالية أى شىء ذا قيمة على صعيد السياسة الخارجية رغم كل الدعم والإمكانيات التى حصلت عليها"، وأضاف "هناك حالة تلاعب بالأرقام والإحصائيات وبما يؤثر على وضع الناس النفسى، وهو السبب فى اضطراب وضع السوق والاقتصاد".
عزت الله ضرغامى
ومن بين المرشحين الذين أعلنوا الترشح رسميا هو عزت الله ضرغامى رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانى الأسبق المنتمى للتيار المحافظ، والذى شغل مناصب عديدة منها مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، وحصل هذا المرشح الرئاسى على بكالوريوس الهندسة المدنية، ودرجة الماجستير فى الإدارة الصناعية، ثم أصبح وكيل الشئون الثقافية لهيئة جهاد الجامعات بجامعة أمير كبير، وأصبح من الطلاب الإسلاميين التابعين لخط قائد الثورة الإيرانية آية الله الخمينى.
وأشارت تقارير أجنبية أنه يعد أحد المتورطين باحتلال السفارة الأمريكية فى طهران عام 1979، إلا أن الإعلام الإيرانى لم ينف أو يؤكد صحة التقارير.
محمد زاهدى
وبشكل مستقل أيضا أعلن النائب الإيرانى محمد مهدى زاهدى، الذى ينتمى للتيار المحافظ، خوض الانتخابات الرئاسية، وشغل زاهدى منصب سفير إيران السابق لدى ماليزيا، ووزير العلوم فى حكومة الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد، ورئيس لجنة التعليم والأبحاث بالبرلمان الإيرانى السابق.
بالإضافة إلى مرشحين محتملين لن يعلنوا رسميا الترشح لكن تدور نقاشات حولهم وتم اختيارهم ضمن قائمة "الجبهة الشعبية لقوى الثورة"، المرشح السابق والأمين الأعلى السابق لمجلس الأمن القومى سعيد جليلى مهرداد بذرباش عليرضا زاكانى برويز فتاحى ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، على أن يتم اختيار مرشح واحد منهم.
التيار الإصلاحى يبحث عن مرشحو الظل
ورغم استقرار المعسكر الإصلاحى على الاصطفاف خلف روحانى، إلا أنه لم يزل يبحث عن "مرشح ظل" بحسب الخطة التى وضعها الرئيس الأسبق الراحل هاشمى رفسنجانى قبل وفاته لضمان حسم الانتخابات من الجولة الأولى، والدفع بمرشحين ذوو أسماء مقبولة من التيار الإصلاحى للترشح بجانب روحانى، ومن بين الشخصيات التى يدور النقاش حولها على مطهرى النائب المعتدل، ومصطفى كواكبيان رئيس الحزب الإصلاحى.