تهديدات مباشرة تتلقاها مصر بين الحين والآخر، مضايقات عدة كانت ومازالت تنال أقباطها، وكأن المتسببين فيها يريدون إيصال رسالة للعالم مفادها أن حياة هذا الفصيل الوطنى باتت فى خطر، وأن مصر غير قادرة على حمايته.
فى البداية كانت المناوشات التى تقع تحديدا فى صعيد مصر بين المسلمين والأقباط فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى، لا تخرج عن دائرة محاولة إشعال فتيل الفتنة الطائفية، حتى حدث أول استهداف مباشر للأقباط عبر تفجير كنيسة القديسين قبل دقائق معدودة من بداية عام 2011، ثم توالت وقائع التفجير بعد ذلك خاصة بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى.
ولكن المتابع لوقائع استهداف الكنائس بداية من 2011 وحتى 2017 يجد أنها دائما ما تأتى مرتبطة بإطار عام وتحيط بها مجموعة من الكواليس السياسية، سواء كانت محلية او دولية ، فإما أن تقع تلك الحوادث تزامنا مع مناسبات هامة أو كرد فعل على أى قرار يتخذه النظام معادى للجماعات الإرهابية.
"القديسين" وتهديدات تنظيم القاعدة باستهداف أقباط مصر:
قبل دقائق معدودة من استقبال عام 2011 وقعت حادثة تفجير كنيسة القديسين خلال أعياد الميلاد المجيد، وأسفرت تلك الواقعة عن استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة 97 شخصا وفقا للرواية الرسمية . وسبق تفجير كنيسة القديسين فى هذا التوقيت تحديدا ، تهديدات من قبل تنظيم القاعدة باستهداف أقباط الدول العربية وعلى رأسهم مصر، وذلك لتحرير مصريتين مسيحيتين زعم التنظيم أنهما أسيرتان لدى الكنيسة القبطية بعد اعتناقهما الإسلام .
وعلى الرغم من أن وزير الداخلية وقتها "حبيب العادلى" أعلن عن الوصول للجانى، إلا أنه مازال مجهولا حتى وقتنا هذا خاصة بعدما حالت الظروف التى مرت بها مصر بعد الحادث مباشرة واندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، من الكشف عن هويته.
كنيسة الوراق وتهديدات الجماعات الإسلامية بعد عزل مرسى :
فى أكتوبر 2013 ، أطلق مسلحون متشددون النار على حفل زفاف أمام كنيسة فى منطقة الوراق، مما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، وسبق هذا فى شهر إبريل من العام نفسه وقوع اعتداءات على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، والذى كان شاهدا على نمو الفكر الإسلامى المتطرف.
وعلى الرغم من أن وقائع الاعتداء حدثت قبل عزل مرسى إلا أنها وصلت إلى ذروتها عقب إعلان عزله وفض اعتصامى رابعة والنهضة، حيث تم حرق دير العذراء والأنبا إبرام وكنائس ماريوحنا بشارع السوق والإنجيلية بأبوهلال والمعمدانية بمركز بنى مزار بالمنيا ومجموعة من الكنائس فى هذه المحافظة، هذا بخلاف بيانات الكنائس التى جاء فيها وقوع 64 حالة اعتداء على الكنائس والأقباط بمختلف محافظات الجمهورية.
"الكنيسة البطرسية" وإعدام عادل حبارة:
فى منتصف ديسمبر الماضى ، نفذت مصلحة السجون حكم الإعدام فى المسجون عادل حبارة، عقب صدور حكم عليه نهائى بات بإعدامه فى قضية مذبحة رفح الثانية، والتى أسفرت عن مقتل 25 جنديا من قطاع الأمن المركزى، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وبعد هذا التاريخ بخمسة عشر يوما تحديدا ومع استقبال عام 2017 فجر مهاجم انتحاري نفسه في قاعة للصلاة بالكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة، مما أسفر عن استشهاد 25 أغلبهم من النساء والأطفال وعشرات المصابين، وهو حادث التفجير الذى انتهى بإعلان تنظيم داعش مسئوليته عن العمليه متوعدا أقباط مصر .
مارجرجس بطنطا ومار مرقس بالإسكندرية :
صباح اليوم استيقظت مصر على نبأ تفجير كنيسة مارجرجس بمدينة طنطا محافظة الغربية، وذلك أثناء تأدية صلوات أسبوع الآلام والتى تبدأ باليوم "أحد السعف" ، مما أسفر عن وقوع 30 شهيدا وإصابة ما يقرب من 60 شخصا. ليس هذا فحسب ولكن بعد ساعات معدودة وفى اليوم نفسه وقع انفجار آخر أمام كنيسة مار مرقس بالإسكندرية مما أسفر عن استشهاد 17 وإصابة 48 .
وتأتى تلك التفجيرات بعد أيام من زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للولايات المتحدة الامريكية وحديث دونالد ترامب الرئيس الأمريكى عن ان مصر دولة آمنة، وحثه للشعب الأمريكى لزيارتها والوقوف جنبا إلى جنب فى مواجهة الإرهاب، وكذلك تأتى التفجيرات أيضا قبل عشرة أيام من زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس لمصر خلال يومى 28 و29 من ابريل الجارى، وذلك فى محاولة من مرتكبى الحادث لإظهار صورة للعالم مفادها أن مصر باتت غير آمنة وأنها لا تقوى على محاربة الإرهاب، وهو ما قوبل بشكل عكسى تماما حيث أكد الأب بطرس دانيال، رئيس المركز الكاثوليكي، أن زيارة بابا الفاتيكان مازالت قائمة ليس هذا فحسب ولكنه أيضا يعزى الشعب المصرى ويصلى من أجل هذا البلد .