تتكاتف أجهزة ومؤسسات الدولة فى الآونة الأخيرة من أجل مواجهة ومحاربة الإرهاب على أكثر من محور، إذ أعلن المجلس الأعلى للجامعات الحرب على المناهج التعليمية بالجامعات المختلفة، وذلك بإصداره بيانًا رسميًا بأنه فى حالة انعقاد دائم لإعادة صياغة المناهج بعدد من الكليات، وأولها كليات التربية ودار العلوم والدراسات الإسلامية لتعود الجامعات لدورها كمنارة من منارات الفكر والتنوير والمعرفة ومواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة.
فى البداية، أكد الدكتور أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات، أن لجان قطاعى الآداب والتربية التابعتين للمجلس فى حالة انعقاد دائم لمدة شهر، لإعادة تقييم وصياغة المناهج الدراسية فى الكليات التابعة للقطاعين، وعلى رأسها كليات دار العلوم والتربية والدراسات الإسلامية، مشيرًا إلى أن هناك تنسيقًا كاملًا مع الأزهر الشريف فيما يخص هذا الأمر.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن ما ستقوم به لجان القطاع سابقة الذكر لن يمس الحريات الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس، وإنما هو إعادة هيكلة للمناهج الدراسية بالمجالات المذكورة، مشيرًا إلى أنه من المقرر أن تنهى لجنتى القطاعين أعمالهما خلال شهر من الآن، على أن ترفعا تقريرهما النهائى باجتماع المجلس الأعلى للجامعات خلال شهر مايو المقبل للمناقشة والاعتماد.
وتابع أمين المجلس الأعلى للجامعات، أن رؤساء لجان القطاع بالمجلس الأعلى للجامعات هم فى الأساس عمداء للكليات، وليسوا من خارج المنظومة، مؤكدا أنهم سيعدلون هذه المناهج طبقا للرؤية الخاصة بالمجلس الأعلى للجامعات فى مواجهة الإرهاب والفكر التكفيرى، مشيرًا إلى أن رؤساء الجامعات هم شريك أساسى فى الأمر من خلال تقديم مقترحاتهم الخاصة بهذا الأمر للجان القطاع من خلال جامعاتهم، وكذلك إقرار التقرير النهائى لهذه اللجان باجتماع المجلس الأعلى للجامعات.
وفى سياق متصل، قال الدكتور عبد الله سرور، الأستاذ بكلية التربية جامعة الإسكندرية ووكيل مؤسسى نقابة علماء مصر تحت التأسيس، إن هذا البيان دليل على أن المجلس كان فى "غيبوبة" خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن اكتفاء المجلس بالتوقف عند إعادة صياغة البرامج الدراسية فى كليات التربية والعلوم النظرية ودارالعلوم يثبت النظرة الضيقة والجهل بالواقع الجامعى، لأن الأصل فى الانغلاق والتطرف ليس فى هذه الكليات.
وأوضح سررو أن الأصل فى الانغلاق والتطرف ليس فى الكليات النظرية لأنها لا تمثل أكثر من 10% من منظومة الجامعات، فى حين أن الكليات العلمية فى الطب والهندسة والعلوم هى المفرخة الحقيقية لهذه الأفكار المتطرفة وهى التى تحوى المهن التى تؤسس المجتمع، قائلا: "نطالب المجلس الأعلى للجامعات بأن يغلق أبوابه ويرحل وعليه الرجوع لأهل العلم للإطلاع على الحقيقة وليس اللجوء لاجتماعات المجلس المغلقة".
من جانبه، أكد الدكتور علاء رأفت، عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، أن دار العلوم بدأت بالفعل مرحلة تطوير لمناهجها، قائلا: "كان لدينا نظرة منذ عامين فى تطوير المناهج والبعد عن الحشو الذى يقدم كمعتقدات ثابتة بعيدة عن المناقشة، ونحن الآن فى انتظار نتيجة زيارة الاعتماد والجودة، وكان منها زيارات المحاكاة والنظر فى المقررات وما تتميز فيه هذه المقررات والبعد عن المقررات الثابتة، وبالفعل أحدثت الكلية برامج جديدة لجعل دور مهم للطالب فى تقويم ما يقدم له من دورات".
وأشار إلى أنه بعد أن كانت دراسة دار العلوم لـ4 سنوات دون الالتحام بالمجتمع ودون استعداد للطالب لهذا الالتحام أصبح هناك مقررات تجعل الطالب يبحث بنفسه ويطرق أبواب الدراسة على أحدث الطرق الحديثة من خلال بحث الطالب والعمل الميدانى، مؤكدًا أن خريج دار العلوم أصبح يزاحم بصورة واضحة مجالات العمل المختلفة من صحافة وتدريس، كما أنه أصبح يترأس تحرير عدد من المجلات.
وتابع: "ما زالت هناك طموحات لإعادة النظر فى المقررات الشرعية والعقيدة الإسلامية والتاريخ الإسلامى والفقة وأصوله والحضارة والفلسفة وعلم الكلام لتقديمها بصورة تُقدم المسلم والدارس لهذه العلوم بصورة مختلفة عن التى تقدمها الميديا بالمعمم المنفصل عن مجتمعه، وللكلية دور فى إعادة الصياغة وترحب بهذه الأفكار وتسهم فيها بشدة وستكون فى طليعة الكليات المستجيبة لتكون منارة تحارب الإرهاب وتقضى على الصورة السلبية للمسلم الذى يقدم بصورة غير لائقة ".
واستكمل أن الإسلام لابد أن يُقدم بصورة تغير المجتمع للأفضل ويشرح ويواجه الأفكار الضالة التى انغلق عليها أصحابها، كما أنه لابد من تنقية المقرارات من شخصيات أمثال سيد قطب الذى يقدم فى مرحلة على أنه أديب وشاعر ومرحلة أخرى بأنه رجل الإسلام والعقيدة الذى يحكم على المجتمع بالجاهلية، قائلا: "هذا الفكر المتنقل بين الميوعة فى تقديم دارس الأدب والتشدد فى تقديم دارس الشريعة جعلت الشباب يتذبذب بين هذين النموذجين، وهذا انعكس على طريقة الامتحانات والتقويم فأصبحت كلية دار العلوم تأخذ بأحدث سبل التقويم العالمية وكانت الكلية فى طليعة من طبق هذا النظام على مستوى الجامعات".