رغم أن قرار الرئيس الإيرانى السابق المتشدد أحمدى نجاد بخوض الإنتخابات الرئاسية قلب الموازيين وربما يغير قواعد الخريطة الانتخابية فى إيران، وجاء صدمة للبعض بسبب عصيانه أوامر المرشد الأعلى على خامنئى ومخالفة توصياته، إلا أن عددا من المحللين الإيرانيين أكدوا على أنه لن يتمكن من المشاركة فى السباق الرئاسى وسيرفضه مجلس صيانة الدستور المعنى بدراسة المرشحين وإعلان اسماء مرشحى الرئاسة النهائية، موضحين أن قراره من شأنه أن يفتت أصوات الكتلة المحافظة داخل إيران.
التيار الإصلاحى يرحب بترشح نجاد
وبعكس ما توقعه البعض رأى المحللين أن خبر خوض الرئيس المتشدد السابق الانتخابات جاء محل ترحاب من قبل التيار الإصلاحى الذى رأى أنه سيصب فى صالحه، كما صدم التيار الأصولى الذى يرفض دخول تيار نجاد للساحة السياسية مجددا.
وقال دكتور عبد الله مرادى خبير الشئون الإيرانية والشرق الأوسط، لـ"انفراد"، إن أحمدى نجاد لا يواجه أى تهم فساد مالى ، ولا يوجد ما يمنع ترشحه ، إلا أن المرشد نصحه بعدم خوض الانتخابات، حتى لا يرفع ترشحه التوتر فى البلاد، لذا فان فرص بقائه فى السباق الانتخابى قليلة.
وأوضح مرادى أن الأيام المقبلة ستشهد تزايد فى الضغوط على نجاد للانسحاب، كما أنه معرض لرفض مجلس صيانة الدستور، ومن المتوقع ألا يشارك نجاد فى الانتخابات بالأساس، مؤكدا على أن التنافس الأبرز سينحصر بين روحانى وإبراهيم رئيسى.
ورأى المحلل الإيرانى، أن روحانى يتمتع بفرصة فوز ضعيفة بسبب عدم تحقيق كافة وعوده فى المجال الاقتصادى مع مواصلة سياسة العداء الغربية والولايات المتحدة الأمريكية مع إيران، فى المقابل فإن إبراهيم رئيسى يرفع شعار "العمل والكرامة"، ويحظى بفرص أفضل.
ورأى مرادى أن رئيسى من خلال طرح الخطاب السلمى فى العلاقات الخارجية وحل الأزمات الإقليمية قادر على افساد دعاية روحانى بشأن التعاون مع الغرب.
واستبعد مرداى مشاركة نجاد فى الانتخابات لكنه قال أنه فى حال مشاركته سيكون ممثل الشريحة المستضعفة، أما رئيسى سيصبح ممثل التيار السياسى الإسلامى وجزء من الطبقات المستضعفة والمتوسطة، وروحانى ممثل الطبقة الرأسمالية والتيار الموالى للغرب. وفى هذه الحالة سيكون التنبؤ صعب، لكن فى حالة وجود قطبين روحانى ورئيسى فان أصوات أنصار نجاد أى الطبقة المستضعفة ستصب فى سلة رئيسى.
بينما قال رضا حجت شمامي، الخبير في مركز الدراسات الأوراسية وإيران المعاصر، لـ"انفراد" أن نجاد وفريقه (بقائى نائب مكتبه) لا يحظى بأى مكانة لدى التيار الأصولى فى الوقت الراهن، مشيرا إلى أن الانتخابات فى إيران ليست عملية سهلة وهناك الكثير من العوامل قادرة على تغيير مصير الانتخابات فى إيران.
وقال شمامى، يبدو إن نجاد قرر الترشح لإشعال السباق الانتخابى فقط، لكن يبدو أنه سيتم اخراجه عبر رفض مجلس صيانة الدستور.
وأضاف فى تصريحات لـ"انفراد" أن نجاد لا يزال يحظى بقدرة انتخابية عالية خاصة فى اقناع المجتمع، لاسيما وأنه يقوم بتحركات شعبوية، ومن ناحية أخرى له أنصار متشددين ومتمسكين به.
روحانى ورئيسى.. ومنافسة محدودة
ورغم ذلك ، أكد شمامى على أن الشواهد داخل إيران تشير إلى أن مجلس صيانة الدستور سيرفض ترشح نجاد، ولفت إلى أنه فى الوقت الراهن وحتى الأن منافس روحانى الحقيقى والأبرز بين التيار الأصولى هو "إبراهيم رئيسى"، مشيراً إلى أن المشكلات الاقتصادية ستكون نقطة ضعف روحانى والتيار المعتدل والاصلاحيين.
وأضاف أن التيار الاصولى وأنصار حكومة روحانى أيضا ستدرج اسماء بعض الاشخاص كمرشحين محتملين فى القوائم الانتخابية، من أمثال قاليباف رئيس بلدية طهران، مؤكدا على أن الابرز فى السباق الانتخابى هو روحانى ورئيسى وسيبقون للنهاية.
التيار المحافظ لا يرحب بعودة نجاد
ومن جانبه اعتبر رئيس تحرير القسم العربي بوكالة مهر الإيرانية ومحلل الشؤون الايرانية محمد مظهرى، أن ترشح أحمدى نجاد فاجأ بعض التيارات السياسية فى إيران، مشيرا إلى أن التيار المحافظ لا يرحب بعودته للساحة السياسية.
وعلى جانب آخر أكد المحلل الإيرانى لـ"انفراد" أن التيار الإصلاحى سعيد بترشح نجاد على عكس ما يظن البعض، والسبب لأن نجاد سيكسر وحدة المحافظين.
وقال مظهرى أن هناك نقاش داخل إيران البعض يرى أن هناك احتمال أن ينسحب نجاد، وأن ترشحه مجرد مناورة لخداع المنافسين وفى النهاية سينسحب من الانتخابات قبل اجرائها، مؤكدا على أنه سجل اسمه فى هذه الانتخابات لدعم مرشحه الرئيسى (بقائى).
وأوضح أننجاد جاء بزى جديد يريد أن يظهر نفسه كمرشح يعارض المحافظين، ويعتمد على اصوات سكان القرى والطبقة السفلى.
وحول مخالفة توصيات المرشد الأعلى قال مظهرى أنها مجرد توصية يعني ليست قانون، والمرشد نصحه أن لا يشارك في التنافس الانتخابى، وهو بالاخير له أن يقرر يشارك او لا، ما يعنى أن نصيحة المرشد ليس امر قانونى.
وعن امكانية رفضه، أشار رئيس تحرير وكالة مهر الإيرانية، إلى أنه سيتم رفضه فى مرحلة دراسة أهلية المرشحين فى مجلس صيانة الدستور قائلا "هناك احتمال رفض اهليته، لكن حتى الآن لا يعرف أحد موقف مجلس صيانة الدستور، ولا يمكن التنبؤ بشكل دقيق".
وبشأن العلاقة بين صعود ترامب وقرار نجاد للترش، قال ليس صحيح، فالتيار الاصلاحى رحب بدخول نجاد السباق الانتخابى، والتيار الأصولى لا يرى ترشح نجاد لصالحه.
واستبعد اتحاد التيار الأصولى مع فريق نجاد لمواجهة تهديدات ترامب، وأكد على أن دخول نجاد سؤدى إلى كسر وحدة التيار الأصولى، وسوف تذهب أصوات المرشح الأصولى إلى نجاد، لذا لايرى هذا التيار ترشح نجاد فى صالحهم. وفى حال موافقة مجلس صيانة الدستور عليه ستتعقد الأمور ولا يمكن التنبؤ بالنتيجة.