استمرارا لعمليات العبث بأمن واستقرار ووحدة الدولة السورية، بدأت بعض الدول الإقليمية فى رعاية اتفاق تهجير المواطنين السوريين على أسس عرقية، ما يهدد بتقسيم ديموغرافى للمناطق السورية، فى أخطر عملية نزوح للمدنيين يشهدها التاريخ، ويتم على أساسها تقسيم المدن السورية على أسس عرقية وطائفية.
وكما هى عادة قطر دائما، دخلت الدويلة الخليجية ذات التحركات السياسية المشبوهة، فى مستنقع العمالة للدول الغربية، بدعمها ورعايتها لاتفاقات تهجير السوريين من المدن المختلفة، ورعت اتفاقا لتهجير السكان من 4 مدن فى ريفى إدلب ودمشق، وينص الاتفاق على نقل المحاصرين فى مدينتى "مضايا" و"الزبدانى" بريف دمشق، التى يحاصرها الجيش السورى، إلى إدلب، مقابل نقل عائلات ومسلحى الميليشيات الطائفية فى "كفريا" و"الفوعة" بريف إدلب إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية.
تفاصيل خطة تهجير السوريين من أراضيهم برعاية قطر وأميرها الصغير
تفاصيل عملية التهجير تقضى بتبادل سكان بلدتى الفوعة وكفريا ذات الأكثرية الشيعية، الواقعتين فى ريف إدلب، وتحاصرهما قوات المعارضة المسلحة والميليشيات المتطرفة، مقابل إخراج مقاتلى بلدتى "الزبدانى" و"مضايا"، الواقعتين بريف دمشق الغربى، وتحاصرهما قوات الجيش العربى السورى، وتم إبرام الاتفاق مع وفد من الحرس الثورى الإيرانى وحزب الله اللبنانى، بوساطة أمير دولة قطر تميم بن حمد.
ويرى عدد من المراقبين، أن عملية التهجير والتغيير الديموغرافى لخريطة السكان فى سوريا، التى تجرى فى مدن مضايا والزبدانى والفوعة وكفريا وجنوب العاصمة دمشق، برعاية قطر وأميرها الصغير، تمثل تهديدا خطيرا لوحدة الأراضى السورية، وهو ما دفع الأمم المتحدة للتراجع عن الإشراف على تلك العملية وعدم المشاركة فيها، وذلك لطبيعة الاتفاق الذى يتنافى مع الشرعية الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.
سكان الفوعة وكفريا يرفضون تهجيرهم.. و"حزب الله" يمارس ضغوطا عليهم
على صعيد السوريين أنفسهم، رفض سكان بلدتى الفوعة وكفريا بريف إدلب الشمالى الشرقى، اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية،عملية التهجير والاتفاق المبرم برعاية قطر، ما دفع "حزب الله" لممارسة ضغوط على رافضى الاتفاق من سكان البلدتين، وإجبارهم على القبول بالاتفاق الذى يفضى لخروج كل المدنيين المؤيدين للحكومة السورية من البلدتين، نحو مناطق تسيطر عليها قوات دمشق فى محافظات أخرى، فيما رفض سكان مضايا والزبدانى الخروج من منازلهم، رفضا لعمليات التهجير القسرى لهم لمناطق تقع تحت سيطرة المعارضة.
وتستمر عملية تهجير عشرات الآلاف من المواطنين السوريين، وسط ضغوط تمارسها حركة أحرار الشام الإسلامية، وهيئة تحرير الشام المدعومين من قطر على سكان مدينة مضايا والزبدانى المحاصرتين من الحكومة السورية، للخروج والقبول بالتهجير القسرى من منازلهم لمناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة.
اتفاق مشبوه لنقل السوريين من أماكن سكنهم خلال 60 يوما
ينص الاتفاق الذى باركته دويلة قطر، على إخلاء كامل مدينتى الفوعة كفريا، على مرحلتين، خلال مدة زمنية قدرها 60 يومًا، مقابل إخلاء مدينتى الزبدانى وعوائلها فى مضايا والمناطق المحيطة إلى الشمال، ووقف إطلاق النار فى المناطق المحيطة بالفوعة ومنطقة جنوب العاصمة (يلدا، ببيلا، وبيت سحم)، وإقرار هدنة لمدة 9 أشهر فى المناطق المذكورة.
ومن بنود الاتفاق أيضا، إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المذكورة بدون توقف، إضافة لمساعدات لحى الوعر فى مدينة حمص، وإطلاق سراح 1500 سجين من المعتقلين فى السجون السورية على خلفية تحركات المسلحين وانتشار الميليشيات الإرهابية، وتقديم لوائح مشتركة من الطرفين بأعداد وأسماء الأسرى، للعمل على إتمام عملية التبادل، وإخلاء مخيم اليرموك الذى تتمركز فيه قيادات جبهة النصرة الإرهابية.
تيار الغد السورى يتهم دولا إقليمية بتدبير جريمة اقتلاع السوريين من أرضهم
فى هذا الإطار، استنكر رئيس تيار الغد السورى، أحمد الجربا، عمليات التهجير القسرى التى تتم فى سوريا، عبر انتزاع آلاف السوريين من مدنهم وبلداتهم وأحيائهم التى يقطنون فيها هم وعائلاتهم منذ مئات السنين، وإعادة توطينهم فى مناطق أخرى كنازحين ولاجئين، معتبرا ذلك تغريبة مأساوية وعملية اقتلاع وتهجير، تتم بإشراف أممى ودعم إقليمى، يزيد فى إثخان جراح الشعب السورى المنكوب.
وقال "الجربا"، بحسب ما نشر موقع تيار الغد السورى، إن عمليات ترحيل سكان الزبدانى ومضايا وكفريا والفوعة، بدأت قبل يومين من ذكرى جلاء الفرنسيين من سوريا، وفى ذلك عبرة لم تخطر على بال من أشرفوا على هندسة التهجير القسرى للسوريين داخل أرضهم، ولكن ما يجمع الشعب السورى سيبقى أكثر مما يفرقه، ويستحيل ألا يظل متعايشا كما كان عبر قرون.
وأكد رئيس تيار الغد السورى، أن هناك عمليات اقتلاع قسرى لمجموعات سكان وأراضٍ سورية، بين قوى متصارعة، تدير أغلبها جهات إقليمية لم تعد خافية على أحد، وتتم هذه العمليات بمصادقة العالم بالصمت والتواطؤ المريبين، بل تذهب المنظمات الدولية والإنسانية، ومنها العاملة تحت غطاء هيئة الأمم المتحدة، للعب دور الوسيط والناقل الحصرى للمقتَلعين من أرضهم، معتبرا ما يتم من تهجير طائفى برعاية ووفق مصالح إقليمية، بعيد عن مصالح السوريين ومستقبلهم، متهما دولا إقليمية يعرفها الجميع، بالسعى لتمرير مصالحها فى زمن الاستعصاء السورى، ومطالبا السوريين أصحاب الإرادة التى لا تلين، بالعودة وعدم التسامح مع من ساهموا ويساهمون بدأب فى استفحال المأساة السورية.