أرسل قسم التشريع بمجلس الدولة تقريره النهائى برأيه فى مشروع تعديلات قانون السلطة القضائية المتضمن تغيير طريقة اختيار رؤساء الهيئات والجهات القضائية، إلى مجلس النواب، وأخطره رسميا برفض مشروع التعديلات وما يحويها من شبهات البطلان وعدم الدستورية.
وراجع قسم التشريع برئاسة المستشار أحمد أبوالعزم، مشروع التعديلات على مدار 3 جلسات عامة، وذلك بعد جلسات تحضيرية طرح فيه النصوص المقدمة للمناقشة والبحث من جانب جميع أعضاء القسم وذلك بحضور المستشار الدكتور محمد مسعود، رئيس المجلس لتلك الجلسات، والذى منحه قانون مجلس الدولة فى مادته السبعين بوصفه، رئيس المجلس الحق فى حضور أى من جلسات مراجعة القوانين بالقسم.
وانتهى قسم التشريع، إلى عدم دستورية التعديلات المقترحة، معددا أوجه شبهات عدم الدستورية، وما شابهه من مخالفات دستورية صريحة تمثلت فى إهدار استقلال السلطة القضائية، الذى أقره الدستور الحالى كإحدى صور مبدأ الفصل بين السلطات الذى أكدته النصوص الدستورية، وكذلك عدم اعتداد مجلس النواب، برأى الهيئات القضائية فلم يراع المجلس آراء الهيئات التى سبق وأعلنت عنها عندما أرسلت تلك التعديلات فى وقت سابق وقيام البرلمان بتغييرها إلى النحو المعروض حاليا دون استطلاع رأى أى هيئة أو جهة قضائية فيها، وهو ما يعد مخالفة صريحة لاحترام قدسية واستقلال الجهات القضائية.
وأورد القسم، فى تقريره رفض المجلس الخاص، أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة لتلك التعديلات تأكيدا على وجود عوار فيها واعتبارها مساسا باستقلال الهيئات القضائية، وهو أيضا ما أكدت عليه الجمعية العمومية لمستشارى مجلس الدولة التى عقدت الأسبوع قبل الماضى.
وأشار قسم التشريع، إلى عدم تقديم ما يفيد استطلاع رأى بعض الهيئات القضائية الأخرى فى مشروع التعديلات إعمالا لنص الدستور، الذى ألزم بأخذ رأيها فى المشروعات المتعلقة بشئونها.
وتنص التعديلات المقترحة على إعطاء رئيس الجمهورية سلطة اختيار رؤساء الهيئات القضائية على أن يتم الاختيار ما بين أقدم 3 نواب بكل هيئة ترشحهم الجمعيات العمومية لتلك الهيئات.
وسبق لكل أندية الهيئات القضائية أن أعلنت رفضها التام لتلك التعديلات، وعقد مجلس الدولة جمعيته العمومية التى أكدت على رفضها أيضا وتمسكها بمبدأ الأقدمية فى طريقة اختيار رئيس المجلس وأن الجمعية فى حالة انعقاد دائم.
ومن جانبه قال المستشار أحمد عبد الرحمن، نائب رئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى السابق، أن السوابق التاريخية فيما يتعلق بتعامل مجلس النواب مع ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة على أى قوانين تُرْسَل إليه؛ هو الاستجابة لما يرد من ملاحظات، خاصة إذا كان هناك ما يتعلق برفض مشروع القانون لوجود شبهة عدم دستورية حوله.
جاء ذلك تعليقًا على احتمالات تعامل مجلس النواب مع ملاحظات قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة حول مشروع قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، والتى جاءت فى مجملها بتضمن المشروع مخالفات دستورية.
وأضاف "عبد الرحمن" فى تصريحاتٍ لـ"انفراد"، حول الموقف بعد إرسال قسم التشريع بمجلس الدولة ملاحظاته على مشروع القانون للبرلمان، أن من المتوقع أن يحيل رئيس البرلمان التقرير إلى اللجنة التشريعية بمجلس النواب لإعداد دراسة للتقرير، وعلى ضوء تقرير اللجنة التشريعية، يتم التعامل، إما بالموافقة فى الرأى لما ورد من مجلس الدولة، أو تمسك البرلمان بموقفه وإصراره على مشروع القانون، مشيراً إلى أن الأمر سيكون مطروحاً للتصويت فى الجلسة العامة.
وأوضح عبد الرحمن، أن السوابق فى هذا الأمر هو أن البرلمان يستجيب لرأى قسم التشريع، فجرت العادة على أن اللجنة التشريعية تلتزم التزام أدبى لما يورد فى ملاحظات مجلس الدولة.
نادى القضاة من جانبه، وكما قال مصدر بداخله لـ"انفراد"، ينتظر البرلمان وكيف سيتعامل مع ملاحظات مجلس الدولة، مشيراً إلى أن ما ذكره مجلس الدولة من شبهات عدم الدستورية بالمشروع سبق وأن ذكره القضاة وناديهم من خلال المذكرة الرسمية التى تم إرسالها لمجلس النواب ولرئاسة الجمهورية وتضمنت أوجه العوار فى مشروع القانون، وأضاف المصدر، أنهم يتمنوا أن ينظر البرلمان لأوجه العوار فى القانون كما جاء فى ملاحظات مجلس الدولة ويتم إعادة النظر فى مشروع القانون على ضوء هذه الملاحظات.
وقال المستشار عبد الستار إمام رئيس محكمة الجنايات ورئيس نادى قضاة المنوفية السابق، أنه يعتقد أن يعيد البرلمان النظر فى هذا المشروع على ضوء ملاحظات مجلس الدولة، حيث أن مجلس النواب يهتم فى النهاية بصدور القوانين دون اى شبهه تهدد دستوريتها، بالتالى سيأخذ بما أنتهى إليه مجلس الدولة.
وأضاف إمام، ربما يعدل البرلمان عن مشروع القانون أو يدخل تعديلات عليه، حتى لا يقال أن مجلس النواب أخل بمبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات، ومجلس النواب وهو السلطة التشريعية، ينبغى أن يشرع فى ضوء الدستور ومبادئه.
وشدد إمام على أن السلطة القضائية والسلطة التشريعية ليستا خصمين، بل على العكس، القضاة يقدرون النواب ودورهم فى التشريع، وهى وجهات نظر وفى النهاية الحكم للدستور.
بينما يؤكد النائب إيهاب الخولى أمين سر لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب على أن الكلمة فى النهاية لمجلس النواب، فمجلس الدولة وفق الدستور يقول رأيه وأيضا البرلمان له رأيه، مشيراً على أن رأى مجلس الدولة وإن كان يأخذ فى الاعتبار لكنه استشارى وغير ملزم للبرلمان.