لا يزال الصراع المسلح فى الجنوب الليبى قائما بين قوات الجيش الليبى ممثلة فى اللواء 12 مجحفل بقيادى اللواء محمد بن نايل والقوة الثالثة التابعة لحكومة الوفاق الوطنى الليبية برئاسة فائز السراج، وأصدر المجلس الرئاسى الليبى قرارًا بتشكيل لجنة برئاسة وزير الحكم المحلى المفوض لحكومة الوفاق، بداد قنصو، مهمتها الاتصال بما وصفه بـ"الأطراف المتقاتلة" فى مناطق الجنوب للعمل على الوصول إلى اتفاق، يبدأ معه سريان وقف إطلاق النار.
وقال بيان المجلس الرئاسى الليبى، اليوم الأحد، إن القرار يأتى فى إطار مساعى المجلس الرئاسى للتهدئة وحقن الدماء فى الجنوب الليبى، وتضم اللجنة فى عضويتها عددا من الوزراء بحكومة الوفاق الليبية، وهم: وزير الدولة لشؤون النازحين والمهاجرين، ووكيل وزارة المالية المبروك محمد غيث، ووكيل وزارة العدل خالد مسعود أبو صلاح، ووكيل وزارة التخطيط على سليمان عبد القادر.
وفى السياق ذاته، جدد المجلس الرئاسى دعوته جميع الأطراف إلى الاحتكام لصوت العقل، وأضاف أن ذلك، كما أوضح فى رسالته المفتوحة للمجتمع الدولى، يأتى فى إطار مطالبة العالم بالتدخل وتحمل المسؤولية فى الضغط السياسى، وإيجاد حلول عملية لتنفيذ الاتفاق السياسى، ودعم الاستقرار فى ليبيا.
وتجددت الاشتباكات اليوم الأحد بين القوة الثالثة "المنحدرة من مصراتة" واللواء 12 بقيادة اللواء محمد بن نايل التابع للجيش الليبى، فى محيط قاعدة تمنهنت الجوية التى تعرضت لقصف بصواريخ جراد، ويأتى ذلك بعد هدوء نسبى شهده الجنوب الليبى، أمس السبت، بعد جولة من الاشتباكات فى محيط قاعدة تمنهنت، وسمنو ببلدية وادى البوانيس، وقاعدة براك الشاطئ، وأخيرًا سبها.
وكان الناطق باسم وزارة الدفاع الليبية فى الغرب الليبى العميد محمد الغصرى، قد أعلن الأسبوع الماضى، بدء عملية الأمل الموعود بالمنطقة الجنوبية، التى قال إنها تهدف للسيطرة على المواقع التى تتمركز فيها قوات بن نايل وعناصر تنظيم داعش.
بدوره استنكر الدكتور طارق الجروشى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب الليبى، ما صدر عن المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى "غير المعتمد وغير القانونى" بدعوة المجتمع الدولى للتدخل بمحاولة وقف عمليات القوات المسلحة الليبية بالجنوب الليبى.
وقال "الجروشى" إن عمليات القوات المسلحة لم تأت إلا لرفع الظلم عن الجنوب الليبى الذى يعانى منذ اندلاع ثورة فبراير، بعد أن أصبح مأوى للمجرمين والإرهابيين، وبؤرة للتهريب وسيطرة المليشيات، لافتا إلى أن فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى الليبية؛ قد نسى أن الجنوب محتل من المعارضة التشادية، ومليشيات مسلحة تهرب الأسلحة والمخدرات وتؤمن خطوط الهجرة غير الشرعية وهى مليشيات القوة الثالثة.
وأرسل رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى الليبية، فائز السراج، رسالة إلى المنظمات الدولية شملت أمين عام جامعة الدول العربية، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامى، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، والممثلة العليا للاتحاد الأوروبى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وأمين عام الأمم المتحدة، داعيا إياهم بالتدخل العاجل لوقف تدهور الأوضاع فى جنوب ليبيا، والذى قال إنه "يهدد كل ما تحقق على طريق المصالحة الوطنية وتحقيق الاستقرار فى ليبيا".
وأشار السراج إلى أن التصعيد العسكرى المفاجئ والذى وصفه بـ"غير المبرر" الذى بدأ بهجوم بالمدفعية الثقيلة والطيران على قاعدة تمنهنت يضع البلاد على حافة حرب أهلية يتجنبها الجميع.
وأضاف رئيس المجلس الرئاسى إلى دعوته السابقة بإنهاء التصعيد وتجنب القيام بأعمال استفزازية، مؤكدًا أن "التصعيد لا علاقة له بمكافحة الإرهاب ويدخل ضمن الأعمال التى تؤدى إلى مزيد من تدهور الأوضاع فى ليبيا"، مشيرا إلى بيان الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن منذ أيام، والتى عبّرت فيه عن تصميمها على الوقف الفورى لهذه العمليات فى الجنوب الليبى ودعم تنفيذ الاتفاق السياسى من أجل تخفيف معاناة الشعب، رغم استمرار القصف والتصعيد.
فيما أوضح طارق الجروشى أن السراج فى حديثه عن الحرب الأهلية لم يتطرق لما تفعله المليشيات فى مدينة الزاوية ذات الكثافة السكانية 400 ألف مواطن ليبى، كما غض الطرف عن اشتباكات العاصمة شبه اليومية والخطف والقتل اليومى فى صبراتة والخمس ومصراتة والعجيلات، مضيفا "لدينا إحصائيات لحوادث القتل والخطف والتعذيب ألا تعتبر هذه الاشتباكات تهديدا للسلم الأهلى، مشيرا إلى أن التحجج بالسلم الأهلى لمنع الجيش من طرد المليشيات من الجنوب هو أمر مكشوف، مطالبا السراج أن يكون شرعياً قبل أن يتحدث باسم ليبيا ويخاطب الجهات الدولية."
وذكر عضو لجنة الدفاع والأمن القومى أن مجلس النواب الليبى يحاول دائما من خلال القوات المسلحة أن يجعل من الحل العسكرى آخر الحلول، وقد لجأ للتفاوض العديد من المرات مع هذه التشكيلات المسلحة المغتصبة للجنوب الليبى ولم يجد بديلا عن الحسم العسكرى لعودة الجنوب لحضن الوطن وأن قواتنا المسلحة المفوضة من قبل الشعب والبرلمان لن تتهاون فى استرجاع أى شبر من الأراضى الليبية وسوف تدحر الإرهاب والخارجين عن القانون أينما كانوا وحيثما وجدوا.
واختتم الجروشى أن محاولة "الرئاسى" الفاشلة فى وقف عمليات القوات المسلحة لن تنجح لأن العالم بأكمله أصبح يعى الحقيقية جيدا ويميز بين الداعمين والمحاربين للإرهاب والإرهابيين، ولن تفلح إملاءات قطر والدول الداعمة للإرهاب والمليشيات فى وقف عمليات القوات المسلحة إلا بتحرير جميع المدن والقرى الليبية.
من جانبه دعا السراج أهل الجنوب إلى إعلاء صوت العقل وأن يجنحوا إلى السلم والمصالحة ونبذ أى تصعيد، متابعًا أن "القصف الموجه الذى طال المدنيين هو قصف للاتفاق السياسى والمصالحة الوطنية ويهدد حاضر ليبيا ومستقبلها".
واختتم السراج رسالته بالمطالبة باتخاذ موقف حازم وحاسم من هذه التصعيدات وسنكون داعمين لكل الإجراءات والخيارات التى من شأنها إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا.