«خرجوا من السجون ليقودوا تحركات الإخوان خارج مصر»، هذا هو حال عدد من قيادات الإخوان ونشطائهم الذين أفرج عنهم بعد احتجازهم لفترات متفاوتة خلال العامين الماضيين، واللافت أن بعضهم تولى مناصب فى صدارة التنظيم، وإدارة الملفات المهمة للجماعة الإرهابية، وهو ما اعتبره قيادى إخوانى منشق «اختراقًا للجماعة من قبل الجهات المسؤولة، لتوجيهها فى اتجاه بعينه بإخلاء سبيل عدد من الكوادر». وتمكن عدد من القيادات الإخوانية من الهرب بعد خروجهم من السجون، ليتولوا مناصب مهمة فى التنظيم الدولى، على رأسهم طلعت فهمى، المتحدث الإعلامى الجديد للجماعة، المعين من جانب محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، حيث كان محتجزًا فى سجن برج العرب مع الرئيس المعزول محمد مرسى لمدة 21 شهرًا بعد القبض عليه فى حملة أمنية موسعة شملت عددًا من قيادات الجماعة بالإسكندرية، لكن اللافت أنه أفرج عنه بعد ذلك على الرغم من الدور المهم الذى كان يلعبه داخل التنظيم فى نطاق محافظة الإسكندرية، ولم تتم إحالته للمحاكمة.
واستقر طلعت فهمى فى تركيا بعد هروبه فى مصر، وعلى أثر تصاعد الخلافات التنظيمية، نصب متحدثًا إعلاميًا باسم الجماعة، وانتهز فرصة ظهوره على القنوات الفضائية ليروى تجربته داخل السجن، لاسيما أنه كان محتجزًا مع محمد مرسى فى السجن نفسه، وأشار إلى أن مساجين الإخوان كانوا يهتفون له عندما يسمعون صوت الطائرة التى كانت تقله للمحاكمات.
ولا يختلف الموقف كثيرًا بالنسبة لأيمن صادق، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة المنحل، الذى ألقى القبض عليه فى يونيو 2014 بإمبابة، وبعد عدة أشهر أفرج عنه، وتمكن من الهرب خارج مصر، واستقر فى قطر، ليصبح الآن عضوًا فاعلًا داخل برلمان الإخوان الذى يشكله عدد من نواب الجماعة السابقين خارج مصر، بالإضافة لكونه ضيفًا دائمًا على قنوات الجزيرة بسبب إقامته فى الدوحة.
ويأتى عمرو سلامة القزاز، مؤسس شبكة «رصد»، على رأس أبرز نشطاء الجماعة السابقين الذين خرجوا من مصر بعد الإفراج عنهم، حيث حصل على حكم قضائى من المحكمة العسكرية العليا بتبرئته فى القضية التى عرفت إعلاميًا بـ «تسريبات رصد» رغم الحكم بإدانة 3 آخرين، وبعدها ظل فى مصر لعدة أشهر قبل أن يسافر إلى الخارج، حيث استقر فى قطر، وبث مجموعة من الصور على حسابه الشخصى تظهر وجوده فى مقر قناة الجزيرة.
وهرب الدكتور حلمى الجزار، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، أمين محافظة الجيزة بحزب الحرية والعدالة، خارج مصر، وتشير الترجيحات إلى أنه موجود حاليًا فى السودان لممارسة عمله كطبيب، بعيدًا عن المشاركة فى إدارة تحركات الإخوان، حيث لم يظهر حتى الآن على المستويات القيادية للجماعة منذ حصوله على إخلاء سبيل فى قضية «بين السرايات» بكفالة 100 ألف جنيه.
ولم يقتصر الهروب وتولى المناصب القيادية على قيادات الإخوان، وإنما شمل آباءهم وزوجاتهم، ومهم حذيفة زوبع، نجل حمزة زوبع، أحد المتحدثين باسم حزب الحرية والعدالة المنحل، والذى صدر ضده حكم بالسجن لمدة 3 سنوات، وغرامة 20 ألف جنيه بتهمة المشاركة فى مظاهرات إخوانية، وإتلاف الممتلكات العامة، قبل أن تتم تبرئته لاحقًا من جانب محكمة جنح مستأنف القاهرة فى شهر مايو الماضى، والطريف أن هيئة الدفاع استخدمت المقال الذى نشره قبل إلقاء القبض عليه، ودعا فيه لحل جماعة الإخوان كدليل لإثبات أنه على خلاف أبيه لا علاقة له بالجماعة، ليستقر به الأمر فى نهاية المطاف إلى جوار والده بالعاصمة التركية إسطنبول.
الأمر نفسه بالنسبة لدارين مطاوع، الناشطة التى احتجزت فى سجن القناطر لمدة 3 أشهر بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان، وتمكنت من السفر خارج مصر بعد إخلاء سبيلها فى يونيو 2014، حيث تزوجت من الناشط السلفى الهارب محمد جلال فى الدوحة، ليلعب الاثنان دورًا إعلاميًا فى مساندة تحركات الإخوان داخل مصر من خلال برامج تم بثها على شبكة يوتيوب والفضائيات الإخوانية.
فى السياق ذاته، كشفت مصادر إخوانية لـ«انفراد» أن عددًا كبيرًا من طلاب الإخوان والمتحالفين معهم فى الجامعات المصرية، لاسيما جامعة الأزهر، والذين أفرج عنهم بعد إلقاء القبض عليهم خلال العامين الماضيين، أو فصلوا من الجامعة لأسباب تتعلق بالمشاركة فى أعمال العنف والتخريب استفادوا من المبادرات التى قدمتها لهم جامعات تركية لاستئناف دراستهم هناك.
وأوضحت المصادر أن كثيرًا من السجناء السابقين الذين هربوا خارج مصر مروا من خلال المنافذ العادية، دون اللجوء للهروب، لاسيما الذين صدرت لصالحهم أحكام بالبراءة أو إخلاء سبيل، ولم يتم إدراج أسمائهم ضمن قوائم الممنوعين من السفر، خاصة فى الفترة التى سبقت صدور القرار الخاص بضرورة الحصول على تصاريح أمنية قبل السفر إلى مجموعة من الدول على رأسها تركيا.
وأشارت المصادر إلى أن مجموعة أخرى من الهاربين الذين تخوفوا من توقيفهم فى المنافذ الحدودية سلكوا طريقًا آخر للهروب من مصر من خلال الطريق البرى إلى ليبيا أو السودان التى تعد واحدة من 4 دول استقر فيها الإخوان بكثافة بعد عزل «مرسى» عن السلطة إلى جانب تركيا وقطر وماليزيا.
من جانبه، أكد أحمد بان، الخبير فى شؤون الجماعات الإسلامية، أن هروب النشطاء والقيادات الإخوانية المفرج عنها من مصر، ربما يشير لاختراق الجماعة من قبل الجهات المسؤولة، وأن الإفراج عن بعض القيادات والكوارد بهدف إعادة هندسة التنظيم وتوجيهه فى اتجاه بعينه، لاسيما بعد تصاعد الخلافات بين المجموعتين المطالبتين بالعنف والسلمية، لافتًا إلى أن كل هذه الوقائع تؤكد أن الجماعة أصبحت مخترقة.
وكشف «بان» أن عددًا من قيادات الإخوان لجأوا لدفع رشاوى مالية من أجل الهروب خارج مصر، وبعضهم اعترف بهذا الأمر، مثل جمال حشمت، وبالتالى لا يستبعد أن يكون الباقون لجأوا لهذا الأمر، قائلًا: «كنا نسمع أن هناك تسعيرة لهروب الإخوان من مصر عبر المنافذ الحدودية، ويبدو أن هذا الكلام صحيح».