قال تقرير حديث صادر الاثنين، عن البنك الدولى، إنه مع استمرار الحرب والعنف وانخفاض أسعار النفط، ستشهد اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نموا بنسبة 2.6 فى المئة فى عام 2017، بعد أن كانت 3.5 فى المئة فى عام 2016، ولكن بعد عام 2017، مدفوعا بالإصلاحات الجارية، من المتوقع أن يتحسن الوضع بشكل طفيف ويمكن أن يتجاوز النمو 3٪ فى 2018 و 2019.
وقال البنك الدولى، إنه أن من المتوقع أن يتسارع نمو الاقتصاد المصرى إلى 4.6 و5.3 بالمئة فى السنتين الماليتين 2017-2018 و2018-2019 على الترتيب.
وأضاف البنك الدولى، من المتوقع أيضا أن ينمو الاقتصاد المصرى بنسبة 3.9 بالمئة فى السنة المالية الحالية 2016-2017 التى تنتهى فى الثلاثين من يونيو، مدفوعا بشكل رئيسى باستثمارات عامة وأيضا صافى الصادرات، انخفاضا من 4.3 بالمئة فى السنة السابقة.
ويرجح البنك انتعاش استثمارات القطاع الخاص فى مصر فى النصف الثانى من السنة المالية الحالية "بدعم من تعزيز القدرة التنافسية فى أعقاب هبوط قيمة الجنيه والتطبيق التدريجى لإصلاحات بيئة الأعمال."
وتنفذ مصر إصلاحات رئيسية على حد سواء فى زيادة الإيرادات وخفض الإنفاق من الميزانية، وأبرزها إدخال قانون ضريبة القيمة المضافة وقانون الخدمة المدنية العام الماضى؛ وتعويم سعر الصرف؛ وزيادة أسعار الوقود بالقرب من السعر العالمى. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يتضاعف الاستثمار الأجنبى المباشر فى عام 2017 ليبلغ 5 دولارات مليار، (وهو ما يتسق مع رؤية الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى فى السعى لجذب الاستثمار الاجنبى المباشر وعقد لقاءات مع نحو 200 مستثمر حتى الآن).
وقالت الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى فى تصريح لـ"انفراد" إن تقرير البنك الدولى يؤكد المنهجية الصحيحة التى تنتهجها الحكومة لإنعاش الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو تساهم فى خفض نسبة البطالة وتوفير آلاف فرص العمل، علاوة على الإصلاحات الجريئة فى التشريعات وآخرها قانون الاستثمار، لافتة أن اكتمال الخريطة الاستثمارية خلال الفترة المقبلة سيكون عاملا كبيرا لجذب الاستثمار الأجنبى المباشر ومضاعفته خلال السنوات المقبلة.
كما أشادت الدكتورة سحر نصر بتقرير البنك الدولى الذى يؤكد سير الاقتصاد المصرى بشكل سليم وفق برامج الحكومة المتعلقة بإحداث تغييرات تشريعية تجذب الاستثمار الأجنبى المباشر.
وأكدت نصر لـ"انفراد" أن التقرير بمثابة شهادة نجاح للاقتصاد المصرى فى ظل الظروف الراهنة بما يؤكد تحسنه بشكل كبير مدفوعا بتغير النظرة العالمية لمصر ونتيجة الزيارات الخارجية التى يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسى للخارج وآخرها زيارة الولايات المتحدة الأمريكية والانعكاس الإيجابى للزيارات.
ويؤكد التقرير أنه سيتحسن العجز فى الحسابات طوال فترة التوقعات وتقل نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى، فيما لا يزال التضخم المرتفع، ولا سيما بعد تعويم سعر الصرف، مصدر قلق فى المستقبل.
وفى ذات السياق ستشهد بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التى ابتُلِيت بالحروب وأعمال العنف وانخفاض أسعار النفط، نمواً بنسبة 2.6% عام 2017 مقارنة بـ3.5% عام 2016، وذلك وفقاً لتقرير المرصد الاقتصادى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذى يصدره البنك الدولى مرتين سنوياً والذى صدر أمس على هامش اجتماعات صندوق النقد العربى. لكن بعد عام 2017، من المنتظر أن تتحسَّن الأوضاع قليلا، مدفوعة باستمرار الإصلاحات، وقد يتجاوز معدل النمو 3% فى عامى 2018 و2019.
وتعليقاً على ذلك، قالحافظ غانم نائب رئيس البنك الدولى لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم ينجُ أى جزء من المنطقة من تأثيرات عدم الاستقرار التى تراوحت بين تدمير حياة الناس وتعطيل حركة التجارة وتثبيط الاستثمار. لكننا بدأنا بتغيير توقعاتنا المستقبلية من تلك التى تبعث على تشاؤم يشوبه الحذر، إلى أخرى تبعث على تفاؤل يشوبه الحذر، لأننا نرى مؤشرات مبشرة فى ثمار الإصلاح الاقتصادى مع شعور باستقرار سوق النفط وانتهاء جميع الصراعات فى نهاية المطاف.̎
رغم أنه من المتوقع تراجع معدل النمو الكلى للمنطقة نتيجةً لضعف النشاط الاقتصادى فى البلدان المصدِّرة للنفط، فمن المنتظر أن تحقق البلدان المستوردة للنفط أداءً أفضل مع ارتفاع معدل النمو إلى 3.5% عام 2017 مقابل 2.9% فى العام السابق. ورغم ضعف الآفاق الاقتصادية العامة فى المنطقة، فإن هذا التقرير يشير إلى بعض المؤشرات الإيجابية على حدوث تعافٍ فى بلدان مثل مصر التى تنفِّذ بنجاح بعض الإصلاحات الرئيسية لزيادة الإيرادات وضبط الإنفاق، ويُتوقع زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر إليها بواقع الضعف عام 2017 إلى 5 مليارات دولار. وفى الوقت ذاته، فى ظل انخفاض أسعار النفط، شرعت البلدان المصدِّرة للنفط فى تنفيذ إصلاحات قوية للاقتصاد الكلى والتى ساعدتها فى الحفاظ على استقرارها الاقتصادى.
وأضافغانم أن توقعات تعافى النمو وتسريع وتيرة التنمية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هى فى متناول بلدان المنطقة.
ومن الضرورى تطبيق إصلاحات اقتصادية وتنويع النشاط الاقتصادى من أجل إفساح المجال لنمو القطاع الخاص الذى يستطيع توفير وظائف تشتد الحاجة إليها. وفى الوقت ذاته، يلزم تحسين نوعية المدارس لتزويد الشباب بما يحتاجونه من مهارات للمنافسة على هذه الوظائف.̎
يشدد تقرير المرصد الاقتصادى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أن استدامة الانتعاش الاقتصادى فى المنطقة ستعتمد على فاعلية أى جهود مستقبلية لبناء السلام وإعادة الإعمار. ويركز قسم خاص من هذا التقرير الجديد على آثار الصراعات فى ليبيا وسوريا واليمن، ويقترح استراتيجيات لإعادة الإعمار من أجل بناء الاستقرار وتعزيزه. ولقد تسببت هذه الحروب الأهلية الثلاث فى معاناة بشرية واسعة النطاق، وأضعفت المؤسسات ودمرت الاقتصاد، وأضرت تأثيراتها غير المباشرة أيضاً بالبلدان المجاورة مثل الأردن ولبنان وتونس التى تستضيف عددا غير مسبوق من اللاجئين وتعانى فى الوقت ذاته من تقويض حركة التجارة والسياحة والأوضاع الأمنية بها. ويعرض التقرير المبادئ التى يمكن أن تسترشد بها عمليات إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع والتى يتعيَّن عليها أن تعيد إنشاء ماهو أكثر من البنية التحتية وذلك يتضمن أيضاً مؤسسات كان غياب دورها سبباً رئيسياً فى اندلاع الصراع.
وفى معرض الحديث عن أوضاع المنطقة، قالشانتا ديفاراجان رئيس الخبراء الاقتصاديين لمكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولى "أدت الحروب الأهلية، مقترنةً بالتراجع الاقتصادى، إلى ظهور فئات جديدة أكثر عرضة للمعاناة كما أنها أدت إلى إضعاف الخدمات العامة بدرجة كبيرة مثل خدمات الرعاية الصحية والتعليم. ويتطلب كسر الحلقة المفرغة من أعمال العنف والركود الاقتصادى بذل جهود جماعية لمساندة المنطقة فى عملية بناء السلام مما سيحقق فى نهاية المطاف استقراراً سياسياً واقتصاديا طويل الأمد."
لتوضيح أحد الجوانب الرئيسية للتحدى الماثل أمام إعادة الإعمار، تُظهر تقديرات البنك الدولى أنه لو تم التوصل إلى حل سياسى فى سوريا وبدأت عملية إعادة الإعمار، فإن إجمالى الناتج المحلى السورى سيستغرق 10 سنوات حتى يقترب من مستواه قبل اندلاع الحرب شريطة نمو الاقتصاد بنسبة 5% فى المتوسط. علماً بأن النمو بأقل من هذا المعدل سيؤخر الانتعاش بواقع 10 سنوات أخرى.
وبقدر ما للانتعاش الاقتصادى من أهمية، فمن الحيوى أيضا توجيه جهود إعادة الإعمار نحو توطيد دعائم السلام لتجنب إمكانية تجدد الصراع. ويوصى التقرير بأن تكون أى عملية مستقبلية لإعادة الإعمار شاملة للجميع ونابعة من الداخل بناءً على رؤية وطنية يقوم مجتمع المانحين بمساندتها وليس قيادتها. وأشار التقرير إلى أن الحروب الأهلية تنطوى على صراعات طائفية، داعيا فى الختام الحكومات فى مرحلة ما بعد انتهاء الصراع إلى النظر فى منح المزيد من الامتيازات للكيانات المحلية كوسيلة للحفاظ على السلامة الإقليمية.
وعن ذلك، قالغانم"إن السلام فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو منفعة عامة عالمية. ويجب أن تقوم أى جهود لإعادة الإعمار ببناء الدولة ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع من أجل منع تكرار وقوعه وذلك من خلال بناء مؤسسات شاملة، وتمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم، وخلق فرص عمل للسكان المشردين والمقيمين."