أثار الحكم الصادر مؤخرا بسجن وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلى 7 سنوات فى قضية الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام بوزارة الداخلية، والإضرار العمدى بالمال العام، العديد من التساؤلات حول مصير الأسرار التى مازالت فى جعبة وزير الداخلية الأسبق والأشهر فى فترة العقدين الماضيين، حيث تؤكد مصادر مقربة منه أنه بدأ فى توثيقها فى مذكرات ترصد أسرارا عديدة فى مشواره كوزير للداخلية فى الفترة من عام 1997 وحتى الإطاحة به فى ثورة يناير 2011، مشيرة إلى أنه لا يزال يعيشقيد الإقامة الجبرية فى فيلته بمدينة6 أكتوبر ينتظر بين لحظة وأخرى لحزم حقيبته والعودة إلى السجن مرة أخرى فور إخطار المحكمة للنيابة، والجهات المعنية بنص الحكم الصادر ضده.
وقالت المصادر، إن العادلى استغلالفترة التى قضاها خارج السجن، والتى تزيد عن عامين، فى تفريغ ما بذاكرته عما دار خلال السنوات الأخيرة،لتوليه وزارة الداخليةـ والتى تمثل السنوات الأخيرة أيضا فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والأحداث والأسباب التى أدت لثورة 25 يناير2011، وصولا إلىالقبض عليه فى 17 فبراير 2011، ثم محاكمته، خاصة وأنه كان استغل فترة حبسه فى كتابة الخطوط العريضة للفترة ما بين ثورة 25 يناير حتى 17 فبراير 2011.
ولم تنف المصادر أو تؤكد، ما إذا كان سرد العادلى لهذه الحقبة يأتى تمهيدا لنشرها فى كتاب ليكون بمثابة "مذكرات" توثيقية للأحداث، والرد على الاتهامات التى وجهت له بقتل المتظاهرين فى 28 يناير 2011، رغم تبرئة المحكمة له نهائيا من هذه التهمة، أم أنها مجرد مراجعة للنفس واسترجاع للأحداث لتقييم الأخطاء، كما كان يفعل فى كل جلساته أثناء المحاكمات التى دامت نحو ثلاثة أعوام ونصف العام.
وبحسب محامين لوزير الداخلية الأسبق، ومقربين منه، فإنه أجرى اتصالات فور الحكم عليه بالسجن، لبحث الإجراءات التى يمكن اتخاذها فى حال استمرار حبسه أو تأييد الحكم بالحبس، ومنها التعامل مع المادة التى كتب جزء كبيرا منها خلال العامين الماضيين، فضلا عن أن الحكم يستلزم أن يعود لزنازين السجن مرة أخرى، وألا يفارقه قبل 6 أشهر أو أكثر، خاصة أن إجراءات نقض الحكم ستأخذ فترة طويلة بين تقديم مذكرة النقض وبدء جلساته فى حال قبوله.
المقربون من العادلى، يؤكدون أنه حرص عند تدوين مذكراته على ذكر تفاصيل الأحداث فى شهرى يناير وفبراير من العام 2011، بداية من اشتعال شرارة ثورة 25 يناير حتى إلقاء القبض عليه، وما جرى وقتها من إجراءات سواء من الشرطة أو الرئاسة، وخاصة ما يتعلق بالاجتماع الشهير الذى جمعه ومبارك وعدد من القيادات يوم الجمعة 28 يناير، والذى ترتب عليه انسحاب الشرطة من مواقعها فى كثير من المحافظات، وما حدث من اقتحام المحاكم والسجون، مشيرين إلى أن هذه الأحداث تحديدا تمثل بالنسبة للعادلى لحظة فارقة، ويريد أن يكشف فيها دور كل شخص ومسئول كان على علاقة بالأحداث، مثل المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع وقتها، مبينة أنه تم تسجيل هذه الفترة عبر شرائط كاسيت بصوت العادلى شخصيا، وجزء منها كتبه ووضعه فى خزينته الخاصة.
العادلى استعان بالعديد من المصادر لتوثيق معلوماته، ليحاول تبرئة ساحته التى برأها القضاء، لكن مازال الرأى العام والشعب خلافا للقيادات السياسية، سواء التى عملت مع العادلى أو ما بعده، تدينه وتتهمه شخصيا بالتسبب فى سقوط نظام مبارك.
ومن المصادر التى استعان بها العادلى كانت أوراق جهاز أمن الدولة التى نقلها العادلى ومساعديه قبل يوم 11 فبراير 2011 ( يوم تنحى مبارك)، إلى مناطق آمنة بعيدا عن الجهاز، وبعيدا أيضا عن مقر وزارة الداخلية ومنزل العادلى، لتأمينها أو بمعنى أدق لحفظ ما فيها من أسرار قد تكشف ما حرص العادلى لأكثر من 13 عاما (من عام 1997 حتى عام 2011) لإخفائه حتى عن القيادة السياسية وقتها من تعاملات، واتصالات، وأشخاص وأسرار تمس الأمن العام وأحيانا أسرار شخصية لقيادات وشخصيات عامة ومنها سياسية.
وعلى الرغم من أن محامى العادلى عصام البطاوى، يؤكد أن كتابة مذكرات العادلى لا تزال قيد البحث، إلا أن المصادر المقربة منه تؤكد فى المقابل أن الوزير الأسبق بدأ بالفعل فى كتابتها، وأن الأمر تجاوز مرحلة "قيد البحث" التى يتحدث عنها محاميه.
ويشير هؤلاء إلى أن العادلى فضل أن يدون مذكراته بنفسه أولا، قبل أن يبحث عن أحد يعيد صياغتها "بشكل قصصى أو صحفى"، موضحة أن العادلى لم يبرم اتفاقا بعد مع "دار نشر معينة" فى حين أنه يحتفظ بما كتبه منذ أن كان بالسجن حتى الآن داخل فيلته بأكتوبر .
ومن بين الملفات التى يفرد العادلى مساحات واسعة لتناولها فيما كتبه من مذكرات حتى الآن، وبحسب المصادر، ملف الجماعات الإسلامية ومواجهة الإرهاب طوال فترة توليه حقيبة "الداخلية"، وما شهدته تلك الفترة من مراجعات فكرية للجماعة الإسلامية، قادت إلى تقليل وتيرة العمليات الإرهابية التى كانت وصلت ذروتها قبل تولى العادلى منصبه.
تأكيد الوزير الأسبق أكثر من مرة أمام جهات التحقيق أنه لم يقتل المتظاهرين، يورده أيضافى مذكراته، مشيرا إلىأن الشرطة لم تستخدم السلاح فى مواجهة المتظاهرين، وأن "الداخلية لو كانت تريد استخدام الرصاص لاستخدمته فى أحداث 6 أبريل بالمحلة سنة 2008"، لكنه يعود ليعترف بأن بعض الضباط أطلقوا النار من سلاحهم الشخصى "الطبنجة" للدفاع عن النفس، ثم يعود مرة أخرى ليشير إلى أن الشرطة استخدمت الوسائل المعروفة دولياً فى فض المظاهرات، ولم تسقط قتلى حتى تصاعدت الأحداث.
مذكرات العادلى لا تخل من تكرار الاستعانة بمصطلح "المؤامرة" فى أكثر من مناسبة، حيث يتحدث عن المؤامرات التى تعرضت لها مصر بعد 25 يناير، ويرى أن هناك "مندسون نجحوا فى تهييج الشباب"، ويؤكد تسلل عناصر أجنبية للبلاد وارتكابها أعمالا تخريبية، كما تحدث باستفاضة عن يوم 28 يناير المعروف بجمعة الغضب، وكيف تعرضت الشرطة لهجوم وعلى الأقسام ومديريات الأمن، وتم تهريب السجناء.
العادلى فى السجن
1500 يوم قضاها العادلى داخل السجن ليخرج بعدما حصل على حريته يوم الخميس 19 مارس 2015 بحكم البراءة من تهمة الكسب غير المشروع بما قيمته 181 مليون جنيه، وخرج العادلى بعد إنهاء الإجراءات فى25 مارس 2015.
تم حبس العادلى لأول مرة احتياطيًا فى 17 فبراير 2011 بقرار من النائب العام 15 يومًا على ذمة التحقيقات فى وقائع الفساد وإهدار المال العام والاستيلاء على أراضى الدولة.
أحكام العادلى وصلت 45 سنة فى 6 قضايا
صدرت أحكام مختلفة ضد حبيب العادلى بإجمالى 45 سنة سجن فى قضايا قتل متظاهرى ثورة يناير والتربح وغسيل الأموال، والتى انتهت جميعها بالبراءة فيما قضى مدة حبسه فى قضية "سخرة المجندين".
قضية اللوحات المعدنية
ففى 24 فبراير 2015 حصل العادلى على حكم البراءة بصحبة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف، بعد إعادة محاكمتهما فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ"اللوحات المعدنية" بعد حكم صادر ضده بالسجن المشدد 5 سنوات، وسنة مع الإيقاف لأحمد نظيف.
قضية قتل المتظاهرين
حصل حبيب العادلى على البراءة فى إعادة محاكمته بقضية قتل متظاهرى ثورة 25 يناير بعدما أدانته "محكمة أول درجة" فى قضية "محاكمة القرن" مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك و حصل وقتها على حكم بالسجن المؤبد.
التربح وغسيل الأموال
عاقبت محكمة جنايات الجيزة العادلى بالسجن 12 سنة فى قضية التربح وغسل الأموال، حيث قضت بسجنه سبع سنوات وتغريمه 4 ملايين و853 ألف جنيه، عن تهمة التربح من أعمال وظيفته، وعاقبته بالسجن خمس سنوات والغرامة 9 ملايين و26 ألف جنيه عن تهمة غسل الأموال، ليقدم طعنًا على الحكمين ويحصل على البراءة فى إعادة المحاكمة.
الكسب غير المشروع
حصل العادلى فى 19 مارس 2015 على حكم البراءة من محكمة جنايات الجيزة من تهمة الكسب غير المشروع بما قيمته 181 مليون جنيه.
"النقض" أيدت حبس العادلى 3 سنوات فى قضية سخرة المجندين
وفى 4 فبراير 2014 رفضت محكمة النقض الطعن المقدم من العادلى، على الحكم الصادر ضده بالسجن المشدد 3 سنوات فى اتهامه باستغلال المجندين فى أعمال الخدمات الخاصة بمنزله، وهى القضية المعروفة إعلاميًا بـ"سخرة المجندين".
سنتان تقريبا قضاها العادلى خارج أسوار السجن بخروجه بعد حكم البراءة الصادر ضده فى قضية الكسب غير المشروع فى 19 مارس 2015، وبرأته من جميع القضايا الأخرى المتهم فيها بأحكام نهائية وتنفيذه حكم السجن 3 سنوات بقضية سخرة المجندين.
الاستيلاء على أموال الداخلية
عاد العادلى ليواجه قضية جديدة أمام محكمة الجنايات، وهىالاستيلاء على أموال وزارة الداخلية، والتى حددت محكمة استئناف القاهرة جلسة 7 فبراير 2016 لتكون أولى جلساتها.
العادلى تحت الإقامة الجبرية بمنزله
وفى 22 نوفمبر 2016 أصدرت محكمة جنايات القاهرة قرارها بعدم مبارحة المتهمين فى قضية الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام بالداخلية لمساكنهم، طبقا لنص المادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية.