قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة 23 أبريل الجارى، لا يزال شبح التدخل الروسى يخيم على العديد من الدوائر السياسية داخل باريس، وسط مخاوف من تعرض العملية الانتخابية لقرصنة روسية للتأثير على النتائج بعد فتح السلطات الأمريكية تحقيقات واسعة عن دور مماثل قامت به موسكو فى انتخابات البيت الأبيض الأخيرة.
الشبح الروسى يقلق الفرنسيين قبل بضعة أيام من الجولة الأولى من الانتخابات التى يتنافس فيها 11 مرشحا أبرزهم إيمانويل ماركون (وسطى مستقل)، ومارين لوبان (يمين متطرف) وفرنسوا فيون (يمينى)، وجون لوك ميلونشون (يسار ردايكالى)، وبنوا هامون (اشتراكى)، حيث تسود مخاوف من وجود تدخل روسى عبر القرصنة لتغيير النتائج أو تعديل نسب التصويت بخلاف التأثير على الرأى العام الفرنسى من خلال الأخبار الكاذبة.
وأمام المخاوف المتزايدة اتخذت السلطات الفرنسية قراراً بمنع التصويت الإلكترونى من الخارج فى الانتخابات، حتى لا يكون هناك أى فرصة للتأثير أو التلاعب فى الأصوات، مع رفع حالة الطوارئ لتأمين عملية التصويت فى الداخل إلكترونياً.
وتزايدت مخاوف الحكومة الفرنسية بسبب زيارة زعيمة اليمين المتطرف، المرشحة مارين لوبان إلى روسيا ولقائها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين التى ناقشا خلالها العديد من القضايا المهمة عالميا، خاصة فيما يتعلق بالتعاون المشترك بين البلدين فى مجال مكافحة الإرهاب والإسلام المتطرف الذى يضرب العالم ويجتاحه بشكل ملحوظ.
وقبل أيام قال وزير الخارجية الفرنسى مارك إيرولت إن بلاده تحذر موسكو من التدخل فى العملية الانتخابية، خاصة بعد زيارة المرشحة المتطرفة مارين لوبان إلى روسيا، وإعلان دوائر سياسية روسية عدة دعمها فى سباق الانتخابات الفرنسية.
وأضاف إيرولت أثناء مغادرته اجتماعاً لحلف الأطلسى فى بروكسل: "نحذر روسيا من أى محاولة تدخل.. ليست روسيا من يختار الرئيس التالى للجمهورية الفرنسية"، مشيراً إلى أن الكثيرين من وزراء الخارجية الـ27 الآخرين المشاركين فى الاجتماع تطرقوا إلى مخاطر نفسها.
واستطرد: "نحن متيقظون، فروسيا لا ترضى بالتدخل فى شئونها الداخلية، ونحن كذلك"، مضيفا "وزراء كثيرون قالوا لى ماذا عن هذه الزيارة التى أجرتها مارين لوبان لموسكو وسط أجواء احتفالية والتقى بها الرئيس فلاديمير بوتين لمدة ساعة ونصف، أليست تدخلا؟".
وعكست صحيفة "لوكنار أونشينيه" الفرنسية فى تقرير سابق مخاوف جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية من تدخل روسى بالانتخابات الرئاسية فى شكل قرصنة معلوماتية ضخمة، لذلك يأخذ هذا الجهاز الفرضية على محمل الجد، وهناك هواجس من تكرار السيناريو الذى شهدته الانتخابات الرئاسية الأمريكية خاصة فى معسكر الديمقراطية هيلارى كلينتون، حين تم تسريب رسائلها الإلكترونية والذى يعتقد أن العملية تمت بمباركة من الرئاسة الروسية، للدفع بخصمها دونالد ترامب.
وتعتبر المحاولات الروسية حسب الصحيفة الفرنسية، بدأت فى الظهور مع محاولات قرصنة موقع المرشح المستقل إيمانويل ماكرون زعيم حركة "إلى الأمام" والتى ترجح استطلاعات الرأى أنه سيصل إلى الدور الثانى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية مع مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان.
كما أكدت صحيفة "لوكنار أونشينيه" أن موقع حركة "إلى الأمام" تعرض لنحو 100 محاولة قرصنة فى نوفمبر الماضى، وأنها ارتفعت فى شهر يناير من العام الجارى.
وكان الرئيس فرانسوا هولاند قد أمر فى الأول من مارس الماضى بتعبئة كل إمكانيات الدولة للتصدى للهجمات الرقمية والقرصنة التى قد تهدد الانتخابات الرئاسية التى ستجرى دورتها الأولى فى 23 أبريل.
وسبق أن أكدت روسيا مجدداً عدم تدخلها فى الانتخابات الفرنسية، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا فى وقت سابق إن الانتخابات شأن فرنسى داخلى، وهو خيار الشعب الفرنسى الذى نحترمه كثيرا بالطبع، مشيرة إلى أن بلادها تتوقع فقط أن تجرى هذه الانتخابات فى فرنسا وفقا للقانون وأن مواطنى البلاد سيختارون رئيسهم بأنفسهم.
وأضافت زاخاروفا أن موسكو ستتعاون مع أى قيادة فرنسية جديدة ستفرزها الانتخابات الرئاسية المقبلة فى البلاد.