أصبح الهجوم على الإسلام هو أسهل طرق الدعاية التى يلجأ إليها المرشحين لانتخابات الرئاسة الفرنسية، وبشكل خاص مرشحة الجبهة الوطنية اليمينية الفرنسية مارين لوبان، ومرشح اليمين المعتدل فرنسوا فيون اللذان تسابقا على تحويل الإسلام إلى مصدر قلق للفرنسيين، بربطه بالعمليات الإرهابية التى ضربت البلاد كثيرًا، بداية من أحداث شارلى إيبدو فى يناير 2015، ونهاية بهجوم الشانزليزيه الخميس الماضى.
ورغم تأكيد المرشحين على ضرورة عدم الربط بين الإرهاب ودين بعينه، إلا أن الكثير من التصريحات والمواقف عكست قيامهم بقصد أو بدون قصد، بوضع الإسلام ضمن الأخطار التى تهدد فرنسا، حيث نال المرشحين اليمينيين شعبيتهما بعدما تبنى برنامجهم سبل الـ"وقاية من المسلمين"، عن طريق تقييد وإخفاء المعالم الدينية التى برزت بشكل واضح فى تصريحات لوبان التى بدأت حملتها للانتخابات الرئاسية بخطاب شديد اللهجة عن الإسلام، فى فبراير الماضى، إذ قالت لوبان فى المؤتمر الذى عقدته فى ليون، لإعلان انطلاق حملتها الانتخابية: "إن العولمة المالية والإسلام المتشدد كلاهما يريدان إركاع فرنسا"، وفقًا للصحيفة التى أشارت إلى أن لوبان لم تخفض نبرتها الهجائية للإسلام".
وأشارت إلى أن "المساجد والصلاة فى الشوارع والحجاب الذى ترتديها النساء أمور تهدد الثقافة والقيم الفرنسية"، مضيفة: "لا يوجد شخص فرنسى أو سيدة يمكنها أن تقبل بوجود ذلك".
ومن أبرز تعليقات لوبان عن الاسلام فى فرنسا، هى " إننا لا نريد أن نعيش تحت رحمة التهديدات التى يمثلها الأصوليين الإسلاميين"، وزعمت أن عمليات الهجرة الضخمة التى شهدها العالم جعلت الفرنسيين يشعرون أن بلادهم أصبحت منتهكة منهم، لأنها سمحت للإسلاميين الأصوليين أن يستوطنوها ويسكنوا أرضها رغم فكرهم العدائى لفرنسا".
وكانت مرشحة اليمين المتطرف قد قالت خلال أحد لقاءاتها بأنصارها فى تجمع انتخابى، إن الإسلاميين يهاجمون فرنسا فى عقر دارها، وشبهت إقامة المسلمين فى فرنسا بتوطين ذئب فى بيت للدجاج، مشيرة إلى أن الإسلاميين يغرسون أنفسهم فى بعض المناطق ويفسدون عقول الناس فيها.
وفى لقاء صحفى لها مع صحيفة "20 مينيت" الفرنسية منتصف الشهر الجارى، نددت بصلاة المسلمين فى الشوارع، والتى على الأرجح تكون فى أيام الجمعة، أو المناسبات التى تحمل طابع دينى، وتعهدت إنها حال ترشحها سوف تصدر قانون يحظر تلك الممارسات، وأن عقاب المخالفين سيكون شديد وغليظ للغاية، لأن قواعد الجمهورية ليس ملك لفئة دون أخرى، وكذلك لا يحق لأحد فرض معتقداته على الجميع.
وأشارت إلى أنه لابد أن يحترم المسلمين فى فرنسا القوانين ويطبقون مبادئ العلمانية، وهى عدم الإفصاح عن ديانتهم سواء بملابس محددة أو بممارسة عادات وتقاليد خاصة بهم وهؤلاء أنا بجانبهم ولا أرى فيهم أى خطورة على فرنسا.
وبخصوص صلاة المسلمين فى الشوارع، قالت : "سوف أفرض سياسة قاسية وصارمة على البلاد بعد أن أتولى منصب رئيس الجمهورية الفرنسية، أن تلك القوانين هى التى من شأنها أن تحفظ السلم العام والقواعد والعادات الفرنسية"، وأكدت أن صلاة الشوارع لن تتكرر من اللحظة الأولى لولايتها.
وخلال المناظرة الثانية والأكبر التى ضمت مرشحى الرئاسة الـ11، شددت لوبان على ضرورة ردع الإرهاب، وربطت الإسلام به، قائلة : "لا يجب أن تعتادوا على الإرهاب، فيما يتعلق بالأمن، سيكون التسامح "صفر"، لن أطلب من الفرنسيين الاعتياد على الإرهاب، سأجعل الإسلاميين الأصوليين يخضعون على ركبهم".
وعلى سياق متصل، يعد فرنسوا فيون المرشح اليمينى للانتخابات الرئاسية، من أكثر المصابين بالإسلاموفوبيا، حيث أن أبرز القضايا التى دوما ما يثيرها هى مسألة الدين، وبالتحديد الإسلام، الذى لم يتردد فى عدائه الصريح تجاهه كثيرًا، حيث قال فى مطلع حملته الانتخابيه، "لا توجد هناك مشكلة دينية فى فرنسا"،ولكن "هناك مشكلة ترتبط بالإسلام"، وتابع قائلاً إن "الشمولية الإسلامية هى العدو الاكبر للبلاد".
وفى حديث مباشر له أمس الجمعة، قال فرنسوا فيون، أنه حال توليه الرئاسة لن يرحم أى شخص مؤيد للإسلام الراديكالى الذى يبيح أرواحنا ودمائنا، كما ينطبق الأمر على كل من يتعاطف مع هذا الفكر، أو مع إرهابى تم ثبوت ارتكابه أو حتى نيته فى هجوم إرهابى، وقد تصل إلى سحب الجنسية الفرنسية منهم، وطردهم خارج البلاد.
وتابع : "مع بداية ولايتى لن يكون على أرض فرنسا أى جمعيات أو منظمات تدعو إلى الفكر المتطرف من قريب أو من بعيد، و" على كل مسلم فى البلاد أن يعيش بسلام ويقضى فروضه وطقوسه الدينية كاملة دون أن يحاول فرضها على قواعدنا العلمانية، فنحن فى حالة حرب وكل شىء متاح لنا".