القبض على رسام الكاريكاتير إسلام جاويش قصة شغلت الرأى العام المصرى على مدار الأيام الماضية.. وأشعلتها مواقع التواصل الاجتماعى للدفاع عن حرية الرأى.. وهدأت من روعتها كلمات "قُبض علىَّ بـ"الخطأ" والمُعاملة كانت "جيدة".. لكن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن واقعة صاحب صفحة الورقة على "فيس بوك" فى مداخلة هاتفية أعادت الجدل.. وبين مؤيد ومعارض اقتنع الجميع بشىء واحد أن فن الكاريكاتير ما زال قادرًا على التأثير وجذب الانتباه.
"انفراد" تحدث مع إسلام جاويش عن أحوال فن الكاريكاتير فى عصر هيمنة مواقع التواصل الاجتماعى.. وكذلك رؤيته لمبادرات الدولة للحوار مع الشباب وكسر الفجوة بين الطرفين.
- كيف ترى وضع فن الكاريكاتير فى مصر؟
بشكل عام التعبير عن الرأى له قنواته المعروفة وهى الإعلام بأنواعه المقروء والمسموع والمرىء لكن منذ ثورة 25 يناير بدأ الاتجاه فى مصر إلى مواقع التواصل الاجتماعى بسبب القيود على الإعلام إضافة إلى سهولة توفيرها عبّر السوشيال ميديا أيضًا.. وبالتالى انتقل فن الكاريكاتير إلى مواقع التواصل هو الآخر.
- وما رأيك فى وضع الكاريكاتير فى زمن السوشيال ميديا؟
أعتقد أن هناك العديد من الفنانين فى مصر على مستوى عالٍ للغاية.. وهناك منهم من يستطيع تقديم محتوى جرىء عبر الجرائد لكن المشكلة بين الجيل القديم والجديد من الشباب والذى خلق الصراع بينهم.. عدم قدرة الجيل القديم على استخدام السوشيال ميديا بشكل صحيح من أجل الترويج لأعماله.. وجذب أكبر عدد من المُتابعين.. خصوصًا "أنا مش هنزل عمل يراه شخص أو اثنين ولا مؤاخذة بعد ما يكون ملفوف فى سندوتشين فول".
- إذن ما المزايا التى أضافتها السوشيال ميديا لـ"الكاريكاتير"؟
المزايا متعددة أبرزها القدرة على إيصال فكرتك بسهولة وانتشارها بين المؤيد والرافض لها فى نفس الوقت.. الأهم أنها تصل إلى أبعد مدى.. يكفى الضغط على كلمة "شير".. واعتقد أن الجيل الجديد من رسامى الكاريكاتير استطاعوا توصيل أفكارهم من خلال رسوماتهم بصورة أفضل مع احترامى لكل الأساتذة من الأجيال القديمة.
- الرسام البرازيلى كارلوس لاتوف حظى بشهر واسعة بين الشباب.. ما الأسباب؟
كارلوس لاتوف فنان رائع للغاية.. واستطاع استغلال أحداث ثورة 25 يناير على أفضل وجه من أجل الترويج لأعماله.. لاسيما أنه كان يترجمها للعربية والإنجليزية للوصول إلى أكبر عدد من المتابعين له.
- ماذا يعنى استغلال لاتوف لـ"أحداث" ثورة 25 يناير؟
فى عالم الكاريكاتير هناك ما يسمى بـ"التريند" أى القضايا التى تثير الرأى العام.. ورسام الكاريكاتير بيكون مُراقبًا لهذه القضايا.. من أجل تقديمها فى الأغلب فى شكل محتوى ساخر.. وفى قضايا الرأى العام تجد "الشير" سريعًا مثلما حدث فى واقعة "بلالين" أحمد مالك أو أمناء الشرطة.. وربما تنتشر الرسومات وإن كانت ليست على المستوى المطلوب.. لكن إذا استطاع الفنان توصيل فكرته بشكل ساخر وانتزع الضحكة من متابعى أعماله فى تلك القضايا تكون قد اكتملت المهمة.. وهذا ما استطاع لاتوف القيام به بشكل جيد.
- هل ترى أن واقعة القبض عليك.. أعادت انتباه المصريين لفن الكاريكاتير؟
إلى حد كبير.. والمُهم بالنسبة لىّ انتقال الفكرة إلى فئات مختلفة خصوصًا أن فن الكاريكاتير هو من فنون الحضارة كونه من أكثرها تعبيرًا عن الواقع الذى نعيش فيه اجتماعيًا.. وفكرة صفحة الورقة كانت "أن تصبح متنفسًا "للناس اللىّ بتيجى مقهورة وبائسة من شغلها تتفرج عليها وتضحك وتنام".. لأننا بنتكلم عن موضوعات فكرتها شائكة بلغة محترمة لأن من قواعد الكاريكاتير ألا تشتم أو تتطول على أشخاص بصورة مُسيئة.. ممكن أعبر بطريقة ساخرة.. وعن نفسى كنت بعمل حوار بين طرفين لكن بشكل يخليك تضحك.
تحدثت عن القواعد المهنية.. كيف ترى الهجوم عليك من أشخاص نصبوك بطلاً فى البداية؟
"الهجوم بدأ أول لمّا قلت الشرطة عاملتنى كويس.. من الآخر الإخوان عملوا حفلة علىّ زى ما بنقول كشباب.. أنا غير منحاز لأى طرف.. ولست محسوبًا على أى طرف.. هم كانوا عاوزين يستغلوا الموقف.. "مينفعش عشان أنا قلت متعذبتش الناس تطلع تهاجمنى.. على قول الحقيقة وفى أوقات على تصريحات أنا مقلتهاش لك اللى يشتم ربنا يسامحه".
- رسوماتك كانت ضد حكم الإخوان.. فهل هذا السبب؟
أنا فعلا كنت ضد محمد مرسى وكل سياسات الإخوان لكن هذه وجهة نظرى لكن هذا ليس معناه محاولة استغلال الموقف أو الهجوم علىّ.. وللأسف كان فى ناس نفسه تقول أنى اتعذبت وطلع عينى.. لكن هذا لم يحدث أنا سردت للجميع ما حدث بدون زيادة أونقصان.. للأسف كان فى "زيطة كتير".. وعلى فكرة معاملة الداخلية الجيدة ليس امتنانًا منهم لكنه الواجب لأنى لم أفعل شيئًا أساسًا.
- هل هذا الهجوم سيجعلك تفكر قبل نشر رسوم تخص القضايا السياسية؟
سأشارك برسوماتى السياسية أو غيرها فى أى قضية تشغل الرأى العام لأنها تعبر عن وجهة نظرى.. وللأسف ثقافة الاختلاف تنقصنا.. مثلاً أنا رسمت رسمة ضد ثورة 32 يوليو ففوجئت بهجوم الناصرين رغم توضيحى أنى لست ضد تلك الثورة بشكل كامل لكنى ضد تصرفات حدثت بها.
- البعض يعتبر غياب ثقافة الحوار أحد أهم أسباب عدم تحقيق ثورة 25 يناير لأهدافها؟
بشكل كبير فأنا مؤمن بثورة 25 يناير لكنى اعترف بأن هناك أخطاء حدثت بها.. بخلاف إن حسبى الله ونعم الوكيل فى الإخوان.. لكن المبادئ عندنا ممكن نقول عليها "سايحة" بمعنى أنك لو قلت كلمة تحتسب عليك إلى أن يثبت العكس.. وهذا ما أجده فعندما أنشر رسمة سياسية أو ثقافية أو اجتماعية أفاجأ بشتائم.. وبالفعل لن تستطيع إرضاء كل الناس.. وللأسف أقول تانية مشكلتنا "الزيطة".
بمناسبة الحديث عن "الزيطة".. كيف تابعت التعامل الإعلامى مع واقعتك؟
وبالنسبة لىّ رفضت الحديث مع أى وسيلة إعلام خارج مصر حتى لا يقل أنى استغل الحدث للترويج الخاطئ عن صورة البلد.. ولا يوجد سوى برنامج عبّر "بى بى سى" لأنى على علم بالقائمين عليه.. خشية أن يتم استغلال الحدث فى طريق ما للهجوم أو النقد فى غير موضعه.. وبصراحة للأسف الكل استغل الحدث لمصالحته حتى الصحف المصرية لعبت على هواها.. وللأسف تلك المشكلة من أهم مشكلاتنا حاليًا.
- طُرحت فكرة حوار الرئاسة مع الشباب.. فهل قابلتها؟
بالفعل أعلنت موافقتي فى حالة واحدة هى التوجه برفقة الشباب من كل الأطياف حتى المختلفين مع مؤسسات الدولة.. ومن ثم نذهب لتقديم الأفكار القادرة على إفادة ذلك البلد.. لتكون بمثابة خارطة طريق لإصلاح مصر.. خاصة أنه يجب استغلال فكر الشباب والاستفادة به تطبيق أفضل من أن تستفيد به دول أخرى.
- هل ترى أن معدلات الهجرة بين الشباب فى زيادة؟
بشكل كبير.. ويجب على الدولة كسر الفجوة بينها والشباب وخصوصا جيلنا.. وللعلم جالى عروض للهجرة بعد حوارى الأخير لكنى رفضت لأنى لا أجد شيئًا أهرب منه.
- إلى أى مدى ترى تلك الظاهرة خطيرة؟
الدولة قائمة على شبابها.. لو فقدوا الأمل هتقع البلد بشكل نهائى.. لذا يجب التركيز مع الشباب بصورة أفضل وفتح حوار معاها.."الكلام عن الحوار جميل جدًا بس الفعل مفيش هى ديه كل الحكاية".