تأهلت مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف، زعيمة حزب الجبهة الوطنية إلى الجولة الثانية فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية فى مواجهة المرشح الشاب المستقل، إيمانويل ماكرون الذى يمثل تيار الوسط، والمقررة فى 7 مايو المقبل، وذلك بحسب النتائج شبه النهائية لفرز الأصوات فى الجولة الأولى التى جرت اليوم.
وبحسب مراقبون، استطاعت لوبان التأهل لجولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية لعدة أسباب فى مقدمتها الهجمات الإرهابية التى شهدتها فرنسا والتى كان آخرها هجوم الشانزليزيه، وتبنى لوبان موقف واضح من الإرهاب بجانب خطابها المتشدد ضد الأقليات والمهاجرين، فضلاً عن ضعف نفوذ الاتحاد الأوروبى والكيانات الداعية للاستمرار فى عضويته داخل فرنسا.
وقبل انطلاق الجولة الأولى من الانتخابات ، كشفت استطلاعات رأى تأييد غالبية أفراد الشرطة لزعيمة اليمين المتطرف فى الانتخابات.
ومن أقوى تصريحات لوبان التى قادتها إلى الجولة الثانية، أن دعم بلادها لما يسمى بـ"المعارضة المعتدلة" فى سوريا كان خطأ، وكذلك إغلاق السفارة الفرنسية فى دمشق، وذلك خلال حديث صحفى لها، مضيفة " أعداء أعدائنا هم أصدقائنا و(الرئيس السورى) بشار الأسد هو عدو تنظيم داعش".
وأضافت: "دبلوماسيتنا يجب أن تترسخ على أسس الاستقلالية والاعتدال"، وأعربت عن دعمها لسياسة عدم التدخل فى شئون الآخرين، مشيرة إلى أن "البعض فى فرنسا يحلم بسياسة التدخل الاستعمارى".
وتابعت: "فرنسا خاضت حروبا لم تكن حروبها ولم تكن لمصلحتها، مثل التدخل الفرنسى فى ليبيا الذى أدى إلى صعود الإسلاميين، الكل يعرف بأن ليبيا كانت هى البوابة التى تسمح للمهاجرين بالعبور إلى أوروبا، وعلى الرغم من ذلك ذهبنا إلى ليبيا وخضنا حربا"، وقالت، "يجب أن تكون السياسة الخارجية الفرنسية واقعية".
كما تتبنى لوبان موقفا معاديا للاتحاد الأوروبى، وتدعو للخروج من عضويته، واصفة إياه بـ"منظومة خطيرة وسيئة" وأكدت أن الاتحاد "أفلس وأثبت فشله"، واعتبرت المرشحة الفرنسية لرئاسة فرنسا، أن الشعوب الأوروبية باتت تدرك خطر الاتحاد الأوروبى، مشيرة إلى أنها ستعمل على صياغة منظومة جديدة للدول الأوروبية، وعبرت عن نيتها أن تصبح فرنسا مستقلة عن حلف شمال الأطلسى (الناتو).
وتتمتع لوبان بخبرة سياسية جعلتها تتمكن من استقطاب أعداد مهولة من الشعب الفرنسى فى صفها، وذلك عن طريق استغلالها للإسلاموفوبيا والحالة التى يعيشها الفرنسيين من الشعور بغياب الأمن والتهديد المستمر من الإرهاب الذى نال من البلاد بالفعل مرارا وتكرارا خلال عامين فقط، وتعتمد لوبان فى برنامجها الانتخابى فى المقام الأول على هذه النقطة، إذ تتعهد دوما بحماية الفرنسيين وتوفير السلام والأمن للجميع، وذلك من خلال العديد من الإجراءات الحاسمة المتمثلة فى طرد اللاجئين الذين قد يندس بينهم العناصر المتطرفة، إضافة إلى سحب الجنسية الفرنسية وطرد كل من يثبت تورطه أو مجرد شروعه فى القيام بأى عملية إرهابية من البلاد.
ومن أهم التدابير التى تعدها لوبان اليمينة ذات الفكر المتشدد، هى تكثيف الإجراءات الأمنية والتدقيق على الحدود الفرنسية، وإنهاء اتفاقية شنجن، كما تنوى زعيمة الجبهة الوطنية طرد الأئمة المتطرفين أو الداعين للكراهية من البلاد، وإغلاق مساجدهم وتحييد الجمعيات والمنظمات التى تتبنى نفس النهج، والتى على رأسها منظمات تابعة لجماعة "الإخوان" الإرهابية.
ومن ناحية أخرى، يعتبر تنظيم داعش الإرهابى من خلال هجومه الأخير فى باريس، الذى أدى إلى مقتل منفذه بالإضافة إلى شرطى فرنسى "كمن يدلى بصوته وبشكل مبكر" فى الانتخابات الرئاسية المحتدمة بين اليمين المتطرف واليسار المتشدد، وأحزاب الوسط، وهذا الهجوم الدموى إشارة واضحة لترجيح كفة اليمين المتطرف على منافسيه.
وفى هذا السياق، أكد عدد من الخبراء الفرنسيون أن الهجوم يعد هدية ثمينة لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان قبل ساعات من الدور الأول للانتخابات، وربما يمكنها من حسم الانتخابات من الجولة الأولى، لاسيما أن لوبان طالما بنت برامجها الانتخابية على ضرورة محاربة الإرهاب.