بالصور رغم تجريم عمالة الأطفال محليا ودوليا 200 ألف طفل يعملون بورش صناعة الأثاث فى دمياط الأطفال: النجارة أفضل من التعليم ولو اتعلمنا مش هنلاقى وظائف والحرفة فلوسها أكتر من الوظيفة

"العمل عبادة" هذا هو شعار يرفعه جميع أبناء محافظة دمياط ويتربى عليه آلاف الأطفال والصبية منذ نعومة أظافرهم بحكم نشأتهم فى بيئة عاملة، الجميع يعمل فى مهنة صناعة الأثاث، فهى مهنة يتوارثها الأجيال عن الآباء وتمتد من جيل بعد جيل لأن دمياط بطبيعتها بلد صناعى منتج للأثاث بمختلف أنواع وأشكاله بخلاف الصناعات الأخرى التى ترتبط به.

المحافظة تضم أكثر وحدها ما يقرب من 150 ألف ورشة صناعية تعمل فى مجال صناعة الأثاث والصناعات المترتبة عليه أغلبها ورش للنجارة أو فن صناعة الأويما والتنجيد والدهانات. ولا تخلو ورشة أو مصنع صغير فى دمياط من وجود الصبية الصغار أو (الواد بلية) كما يعرف فى أوساط الحرفيين هم نواة صانع وحرفى لأى مهنة أو مشروع معلم مازال تحت التدريب لإتقان الحرفة. يبلغ عدد هؤلاء الأطفال تقريبا 200 ألف صبى فى المتوسط وقابل للزيادة مع موسم الإجازات وفصل الصيف أو ما يلق عليه أصحاب الورش والصناع "الإجازة الكبيرة" ويتراوح أعمار هؤلاء الصبية ما بين 6 سنوات وحتى 15 سنة يطلق عليهم فى أغلب الأحيان عمالة موسمية أى غير منتظمة لأنها لا تداوم على العمل بصورة منتظمة منهم من يعمل فى ورشة والدة أو مع شقيقة أو لدى أحد أقاربة أو جيرانه. كل طفل يلتحق فى مهنة يرغب فى العمل فيها ويحبها حسب رغبته، والكل يعمل ويسعى لكسب رزقه من عرق جبينه، الهدف الذى يجمع عليه هؤلاء الأطفال هو شرب الصنعة والكسب الحلال .

أغلب هؤلاء الأطفال يجمع بين العمل فى الورشة ودراسته منهم من يستمر على ذلك طوال العام ومنهم من ينقطع تماما عن الذهاب إلى العمل فى فترة الدراسة، وبعض هؤلاء الأطفال يقرون التسرب من التعليم عن طيب خاطر حبا فى الصنعة أو رغبة فى كسب المال ويرفعون شعار "هو التعليم هناخد منها أية" أو تحت ضغط وإجبار من الأهالى بسبب ظروفهم الحياتية .

والباقون يتردد على الورشة فى المواسم والإجازات وخاصة الموسم الصيفى كثير منهم يحب مهنة النجارة لأنه يحلم أن يكون معلما أو صاحب ورشة أو معرض وبعضهم يذهب إلى الورشة مكره على ذلك من أجل جمع المال لمساعدة أسرته وتعليم صنعة تسنده من غدر الزمن واستجابة لمقولة الأهل (التعليم لوحده مايأكلش عيش) وصنعة فى اليد ولا الحوجة لحد) وهى عبارات كثيرة محفوظة ومحفورة فى المخزون الثقافى للشعب الدمياطى .

حب المهنة والارتباط بها لا يأتى من فراغ لأن الأمثلة تحكى واقعا لا يتوافر فى كثير من المحافظات الأخرى.

فى محافظة دمياط نماذج كثيرة للحرفى الصغير أو الواد بلية الذى يبلغ من العمر 20 سنة بالتمام والكمال ويصبح قادرا على الاستقلال بنفسه وفتح ورشة لنفسه أو يركب سيارة آخر موديل ويخطب بنت الحلال ويسعى فى تجهيز الشقة ويتجوز ومش بعيد كمان بعد 9 أشهر يكون أبا مقارنة مع زملائه فى حجرات الدراسة أو ما يطلقون عليه بتاع المدارس أو العلام يستغرق وقتا طويلا وكفاحا مريرا فى الدراسة والحصول على الشهادة مرحلة أخرى فى البحث على وظيفة يتعيش منها .

فى جولة ميدانية داخل شوارع دمياط ورش كثيرة جميعها أسفل المنازل كل ورشة فيها صبى أو اثنان وأحيانا ثلاثة حسب طبيعة العمل، وحجم الإنتاج كل واحد يعرف دوره وعمله حسب سنة وحسب بنيانه الجسدى منهم مهمته إشعال النيران أسفل الغرابة وهى التى تستخدم لصهر قطع الغراء الكبيرة وتستخدم فى لصق الأخشاب - والغراية هى غاليا أولى مهام العمل والمقصود بها غراية الغراء التى توضع على وأبور جاز للحصول على لزوجة معينة وتصبح جاهزة للاستخدام، وآخر يقضى طلبات الورشة من السوق أو ينظف الورشة من نشارة الأخشاب، وغيرة يساعد فى العمل من تجهيز وصنفرة وتربيط الأخشاب ومساعدة المعلم وغيره .

حواديت كثيرة تخفيها وجوه بريئة محرومة من طفولتها أحيانا وارتسم عليها علامات الشقاء والتعب برغبتها أو مجبرة على ذلك .

يقول محمد ركة 15 سنة نجار المهنة أحسن من التعليم لأن المثل بيقول "مهنة فى اليد ولا الحوجة لحد" أنا تركت المدرسة وأنا فى الصف الخامس وتعلمت صناعة النجارة لأن الصنعة فلوسها أكتر، وأى حرفى يتحصل على 200 جنيه أسبوعيا ولمن تمرس فى المهنة يصل مبلغة الأسبوعى 300 جنيها يعنى فى النهاية هى أحسن من أى وظيفة حكومية. يشاركه الرأى وليد طه أويمجى 16 سنة مهنة الأويما من المهن الصعبة فى مجال صناعة الأثاث وهى مهنة فن وذوق فضلت أتعلمها عن غيرها من المهن المتعلقة بصناعة الأثاث وبدأت أحب المهنة بعد ما حصلت على الشهادة الابتدائية لأنى فى النهاية عارف أنى بعد العلام مصيرى فى الآخر الورشة زى أهلى وأقاربى وفضلت أخدها من قاصرها والتزم فى الورشة من بدرى عشان أتعلم واشرب الصنعة صح .

فيما أوضح على ناصر 13 عاما نجار تعلمت الصناعة منذ 4 سنوات وكانت رغبتى اتعمل حرفة صناعة الأثاث أسوة بوالدى الذى يعمل أويمجى وكنت باحرص انى أروح معاه الورشة وترددى على الورشة باستمرار كان سبب فى حبى لهذه المهنة وقررت اتعلمها وأكون نجار وصاحب ورشة.

ويشاركه الرأى صديقه وزميله محسن حسن جبة 11سنة الذى أضاف أن معظم أبناء عائلتنا يتعلمون حرفة صناعة الأثاث وكل واحد بيختار مهنة معينة وكل واحد حسب رغبته وحبه لأى حرفة والعمل فى النجارة حلو وبيكسب بس لما نتعلم صح ونبقى نجارين بجد.

ويضيف محمود محمود البربير 11سنة أنا اخترت حاجة مختلفة فى مهنة الاثاث وهى تصميم الاثاث ودى جانب مهم جدا لأنه شغل هندسى ومحتاج فن وذوق وده اتعلمته من والدى وكنت بروح معاه الورشة وعمرى 3سنوات ووالدى علمنى وشجعنى بالرسم على الخشب وتعلم فن الاويما وأنا بجمع بين الورشة والمدرسة عشان التعليم مهم وتعلم صنعة أمر مهم جدا لينا.

من جانبها قالت عزة الهراوى مدير مركز النيل للإعلام بدمياط هذه الظاهرة منتشرة فى دمياط ولكنها تحتاج إلى تقنين وهو يبدأ بالتصدى ومواجهة التسرب من التعليم ووضع عقوبات صارمة على الورش وأصحاب المهن التى تشغل الأطفال فى مهن خطرة، ويحتاج الأمر إلى تضافر جهود التربية والتعليم والقوى العاملة وكل الجهات المعنية بحقوق الطفل.

وأضافت أن هذه الظاهرة هى منتشرة فى دمياط بحكم طبيعتها ولكنها تحتاج إلى تقنين وتشريع وهنا يأتى دور نواب البرلمان والهدف هو الحفاظ على حق الطفل فى حياة كريمة وتأمينه صحيا ومهنيا واجتماعيا.

ويضيف الدكتور عبد الناصر أنيس أستاذ علم النفس والصحة النفسية بجامعة دمياط، أن عمالة الأطفال مجرمة بحكم القوانين والتشريعات المحلية والإقليمية والدولية، حيث إن عمل الطفل يحرمه من حقوقه الطبيعية فى التعليم والتكوين والإعداد للمواطنة الصالحة، بل الأكثر من ذلك أن يضعه فى مواقف عمل يتم فى بيئات غاية فى القسوة ويحرمه من أن ينعم بحقوقه كطفل يربى وينشئ فى بيئة طبيعية فى رعاية الوالدين والأسرة ثم رعاية المدرسة بما تمثله من مؤسسة تربوية تهدف إلى إعداد المواطن الصالح لنفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه.

ويترتب على ذلك أن يحمل هذا الطفل معتقدات خاطئة عن مجتمعه الذى حرمه طفولته وتعليمه وتربيته ورعايته مثل الأطفال الآخرين ومن ثم ينظر هذا الطفل إلى المجتمع نظرة عدائية متمردة، وقد تتحول إلى سلوك تدميرى لكل ما حرم منه، بل وللأطفال فى نفس سنه كذلك، باعتبار أنهم حصل على حقوقهم الطبيعية التى حرمه المجتمع منها.

وأضاف إذا كنا نتحدث عن التربية المهنية للأطفال والمراهقين فى عمر المدرسة خلال الإجازات الصيفية أو منتصف العام فهذا أمر محمود وله العديد من الآثار الإيجابية، ورغم أن ذلك هو دور أصيل من أدوار المدرسة فى إطار ما يسمى بمناهج الأنشطة والتربية المهنية، فلا مشكلة على الإطلاق أن تقوم به مؤسسات المجتمع الأخرى حتى وإن كان الأمر بتوجيه من الوالدين، ونحن نوجه أبناءنا لهذا النوع من التربية المهنية بالورش والمحلات والشركات والمصانع خلال الإجازات.
















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;