فيما تُعد خطوة كبيرة لسيطرة أجهزة الأمن الإسرائيلية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وفرض المزيد من الرقابة والسيطرة على كل ما ينشر عليه؛ سواء من جانب وسائل الإعلام المحلية أو النشطاء الإسرائيليين، طالبت رئيسة الرقابة العسكرية الإسرائيلية الجنرال أريئيلا بن أفراهام، للمرة الأولى عشرات مستخدمى "الموقع الأزرق" والمدونين فى إسرائيل، بتقديم كل المواد المتعلقة بالأمن للموافقة عليها قبل نشرها.
وكانت قد اقتصرت الحاجة حتى الآن للحصول على إذن مسبق لنشر ما قد يمكن أن يُفسر كمعلومات أمنية حساسة من جانب مؤسسات وسائل الإعلام، وكذلك على منظمات مثل خدمات الطوارئ والسلطات المحلية فى الخطوط الأمامية، وعدم الالتزام بالحصول على إذن بالنشر يُعتبر جريمة.
وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إنه حتى اليوم، كان يتم انتقاء تدوينات ومدونات من وسائل إعلام غير مؤسسية، مع إمكانية وجود تلميحات فيها لأمن الدولة تلقائيًا من خلال برنامج كمبيوتر، وفى مناسبات قليلة تعرضت بعضها لمقص الرقيب العسكرى بعد نشرها.
عدم التزام يعد انتهاكًا لقانون الطوارئ
ولكن فى الفترة الأخيرة، طالبت رئيسة الرقابة العسكرية، حوالى 30 مستخدمًا ومدونًا على موقع الـ"فيس بوك" يتعامل الكثير منهم مع قضايا أمنية، بتقديم كل المواد ذات الصلة للرقابة، وعدم القيام بذلك سيعتبر انتهاكًا لقانون الطوارئ الذى تعمل به إسرائيل منذ تأسيسها، وسيحاسب عليه وفقًا للقانون.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن الناشط اليسارى يوسى جورفيتس، مؤسس وأدمن صفحة "أصدقاء جورج" الشهيرة على الفيس بوك، والتى ينتقد من خلالها الأوضاع السياسية والاجتماعية والإعلامية فى إسرائيل ولديها أكثر من 10500 معجب، كان أول من نشر الخبر عبر موقع "تويتر" يوم الأربعاء الماضى، وكشف أن الرقابة العسكرية طلبت منه تقديم أى تدوينات تتعلق بالجيش الإسرائيلى أو أجهزة الأمن مسبقًا قبل نشرها.
النشطاء يرفضون القرار
وأوضحت الصحيفة، أن الناشط اليسارى تلقى الأمر من خلال رسالة على الـ"فيس بوك" من حساب رئيسة الرقابة العسكرية الشخصى، قائلاً: "أرسلت أفراهام رسالة فصلت فيها الالتزام المسبق بتقديم أية مواد تتعلق بمسائل أمنية".
وقال جورفيتس، فى تصريحات خاصة لصحيفة "هآراتس" الإسرائيلية، إنه لا يعتزم الانصياع للأمر وأنه يدرس خياراته القانونية، وصرح أيضًا لصحيفة "كالكليست" الاقتصادية، إنه اعتقد فى البداية أن رسالة رئيسة الرقابة العسكرية مجرد "مزحة" ولم يكن يتصور أن الأمر جديًا.
وفى السياق نفسه، حصل موقع "حيفراه" الإخبارى الإسرائيلى المتخصص فى القضايا الاجتماعية، والذى يعتبر منصة اجتماعية – ديمقراطية فى إسرائيل، كما يعرف نفسه، ويقوم بإصدار مجلة كل شهرين، على نسخة للأمر العسكرى.
الرقيب العسكرى
ويعتبر الرقيب العسكرى فى إسرائيل جزءًا من هيئة الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلى، ولديه الصلاحية بمنع نشر معلومات على وسائل الإعلام، ولكنه محدود من الناحية العملية بسبب ميل وسائل الإعلام إلى تجنب هذه القيود من خلال نقل الخبر عن "مصادر إخبارية أجنبية".
مناقشة حدود الرقابة
وفى أعقاب صدور الأمر، قال النائب اليسارى بالكنيست إيلان جيلون، من حزب "ميرتس" اليسارى، إنه طلب من لجنة الشئون الخارجية والدفاع فى الكنيست مناقشة حدود الرقابة.
وقال جيلون لصحيفة "كالكليست": "طلبت فتح النقاش داخل الكنيست لفهم ما هى حدود الرقابة، وإلى أى حد يمكنهم الذهاب، هل أخضع أنا أيضًا للرقابة عندما أتحدث معكم؟ هذا أمر غير مقبول على الإطلاق".
فيما قال المحامى جوناثان كلينجر، الخبير فى الحقوق الرقمية، للصحيفة العبرية، إن خطوة الرقيبة غير مسبوقة وتمس بحرية التعبير لجميع المواطنين الإسرائيليين.
وأضاف كلينجر: "لا يحتاج الرقيب ولا يستطيع التوجه للمواطنين الذين ليسوا بوسائل إعلام وتقييدهم من نشر ما يريدونه، إن القيام بإرسال أمر لأشخاص لم يخرقوا القانون فى الماضى من دون وجود شبهة ذات ركائز قوية بأنهم خرقوا القانون فى الحاضر يشكل مسًا غير متناسب بحرية التعبير".