نقلا عن العدد اليومى...
بالرغم من أخطاء الناتو فى ليبيا، واضح أن هناك اتجاهات غامضة تقود لاستمرار الفوضى، وبالرغم من اعتراف قادة أوروبا ومن شاركوا فى إسقاط القذافى بأخطاء التدخل من دون سيناريوهات لترتيب الأوضاع، يبدو سيناريو الفوضى متعمدًا، وهناك اتهامات للولايات المتحدة بأنها تدفع نحو سيناريو الفوضى، بدليل أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يعيد الدفع نحو السيناريو السورى بالرغم من خطئه، وما تسبب فيه من انتشار وتوسع للتنظيمات الإرهابية، وتستمر نفس السيناريوهات التى ثبت خطؤها، فيما يراه محللون أمرًا متعمدًا يهدف لاستمرار الفوضى فى ليبيا لفترة، بهدف التقسيم. والموقف الأمريكى لا يخلو من غموض وازدواجية، حيث يقف أوباما مترددًا فى التدخل ضد «داعش» والتنظيمات الإرهابية، وأوباما يواجه ضغوطًا من مساعديه لشؤون الأمن القومى للسماح بفتح جبهة جديدة ضد «داعش» فى ليبيا، لكن الرئيس الأمريكى يرفض التدخل المباشر، وينصح بمضاعفة الجهود من أجل دعم تشكيل حكومة وحدة وطنية فى ليبيا، وهى حكومة لا تبدو لها آفاق، كما أنها تخضع للصراعات والقوى على الأرض الليبية.
أوباما- حسب محللين- يتجه لتكرار السيناريو السورى، والتدخل لتدريب ميليشيات وتسليحها، وهو أمر يضاعف من فوضى الصراع، ولا يقدم حلًا، خاصة مع الدفع بسيناريوهات دراسة قيام الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» بمهام شبه عسكرية، بينما تدخل أعداد كبيرة من القوات البرية الأمريكية هو أمر غير مطروح.
وكما أشار وزير الدفاع الأمريكى آشتون كارتر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكى، الجنرال جوزيف دانفورد، فإن هناك حاجة لوجود قوات عسكرية من الولايات المتحدة والحلفاء، لكن أوباما لم يتخذ بعد قرارًا بشأن حجم أى تدخل عسكرى أمريكى محتمل.
وتقلل الولايات المتحدة من خطر «داعش» والتنظيمات الإرهابية، وتتجاهل تدخلات دول مثل تركيا وقطر فى تمويل التنظيمات المسلحة، وتورط أجهزة ودول فى سرقة نفط ليبيا، وإخراجها من السوق، واتهامات روسيا لتركيا وأردوغان بالتحالف مع «داعش» بسوريا والعراق، وتورطه فى تنظيم دخول تنظيم «داعش» وخروجه، والأسلحة، والتقارير التى نشرتها تركيا بصور بلال أردوغان مع قيادات «داعش»، والتحالف معهم فى تهريب البترول السورى والعراقى، فضلًا على الارتباك التركى بعد تدخل روسيا فى سوريا علنًا وبدء القصف.
ويبدو الموقف الأمريكى الملتبس والمرتبك من تناقض الرأى تجاه ما يحدث فى ليبيا، حيث يقول وزير الدفاع الأمريكى آشتون كارتر إن الولايات المتحدة تراقب أحداث ليبيا، وترى أن تنظيم «داعش» استغل البيئة السياسية المضطربة فى التوسع، وتدبير مخططات إرهابية، لكنه يتجاهل فوضى الإرهاب، ويتحدث عن أهمية دعم الليبيين لتوحيد صفوفهم، وتشكيل حكومة تتولى إدارة البلاد، ومع إشارات التدخل العسكرى الغربية تُبدى تونس مخاوفها من التدخل غير المحسوب فى ليبيا، والذى يمكن أن يدعم فوضى جديدة، وقد حذر الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى الأسبوع الماضى الدول العظمى من عواقب التدخل العسكرى فى ليبيا دون استشارة تونس، لأن بلاده تتأثر بما يجرى، وتعانى من تهديدات الإرهاب، فضلًا على تأثيرات الفوضى الليبية.
اللافت أن الغرب وأمريكا لا ينصتون كثيرًا لوجهات نظر دول الجوار الليبى، خاصة مصر وتونس، مع أنهما لديهما تصورات أوضح عن الأخطار، وتصر أمريكا على مواصلة الحل السورى بالرغم من فشله.