فى دولة القانون ينتصر القانون فى النهاية، وما بين السلطة التشريعية التى تعمل على وضع الهيكل التشريعى والقانونى للبلاد، والسلطة القضائية التى تقف حارسا وراعيا لتطبيق هذا القانون، لا يمكن أن يتجاوز الخلاف صفته القانونية، ولا يتوقع عاقل أن ينحاز القضاة لغير القانون، الطبيعى أن يكون رجال القانون جنودا فى معركة الدفاع عن القانون، وهو ما حدث بالفعل.
بعد شهور من الشد والجذب، لأسباب بعضها يتعلق بقواعد مستقرة وأعراف غير منصوص عليها ضمن البناء القانونى لقوانين الهيئات القضائية المختلفة، فيما يخص آليات اختيار وتعيين رؤسائها، وسجال مع مشروع قانون الهيئات القضائية، لتعديل المادة 44 من قانون السلطة القضائية، والمواد الشبيهة فى قوانين مجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، حسم البرلمان الجدل بممارسة حقه التشريعى الدستورى، وإقرار مشروع القانون الذى تقدم به النائب أحمد حلمى الشريف، وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، وحسم الرئيس الخلاف، باعتباره حكما بين السلطات، بتصديقه على القانون، ووقف القضاة موقفهم الطبيعى كحماة للدستور والقانون ومدافعين عنهما.
القضاة يرفعون شعار الالتزام بقانون الهيئات القضائية الجديد
"القانون صدر ولا بد من تنفيذه، والسبيل الوحيد للاعتراض عليه هو الطريق القانونى، بالطعن أمام المحكمة الدستورية العليا".. هذا هو الشعار الذى يرفعه القضاة الآن، بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى على قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، إذ أعلنت هيئة النيابة الإدارية، ومجلس الدولة رسميا تنفيذهما للقانون، وإرسالهما لترشيحاتهما لرئاسة الهيئة والمجلس لرئيس الجمهورية فى الموعد المحدد قانونا.
أما هيئة قضايا الدولة، فحسبما يقول المستشار رفيق شريف، نائب رئيس الهيئة، فقد انتهت أيضا من ترشيحاتها، ومن المنتظر إرسالها لرئيس الجمهورية، اليوم الأحد، ويلحق الجهات الثلاثة فى هذا مجلس القضاء الأعلى، الذى يعلن رسميا خلال الساعات المقبلة، إرسال ترشيحاته لرئاسة محكمة النقض، ليختار الرئيس من يخلف المستشار مصطفى شفيق، رئيس المحكمة ومجلس القضاء الأعلى الحالى.
محكمة النقض تنفى الدعوة لجمعية عمومية طارئة بعد غد الثلاثاء
المؤشرات والمواقف المتتابعة التى تؤكد انتهاء الأزمة، شملت أيضا نفى محكمة النقض، فى بيان رسمى صادر عنها، اليوم الأحد، انعقاد جمعية عمومية غير عادية لها فى الثلاثاء المقبل، 2 مايو، وهو الأمر الذى أعلنه نادى القضاة فى وقت سابق، بعدما أكد جمعه توقيعات 436 عضوا بالمحكمة لطلب عقد هذه العمومية الطارئة، إلا أن محكمة النقض، وبحسب بيانها الصادر اليوم، أكدت أن رئيس المحكمة لم يدع لانعقاد جمعية عمومية غير عادية، كما لم يتقدم أحد من قضاة المحكمة أعضاء الجمعية بطلب لعقدها حتى صدور البيان، مشيرة لانعقاد جمعيتها العمومية العادية لاختيار الأعضاء الجدد، وتوزيع العمل الصيفى، الثلاثاء 23 مايو المقبل.
اجتماع لرؤساء أندية قضاة الأقاليم غدا.. و"قضايا الدولة" تنتهى من ترشيحاتها
على جانب آخر، يعقد رؤساء أندية قضاة الأقاليم اجتماعا ظهر غد الاثنين، فى نادى القضاة النهرى، لبحث وتدارس موقف القضاة من تعديل المادة 44 من قانون السلطة القضائية بشأن تعيين رئيس محكمة النقض، خاصة بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى عليه، إذ يدرس الأعضاء اتخاذ المسار القانونى والطعن على القانون الجديد، إضافة إلى النقاش حول جدول أعمال الجمعية العمومية الطارئة للنادى المقرر عقدها الجمعة المقبلة.
من جانبه، قال المستشار رفيق شريف، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، فى تصريح خاص لـ"انفراد"، إن المجلس الأعلى للهيئة انتهى من تحديد ترشيحاته فيما يتعلق باختيار رئيس الهيئة الجديد، وأرسلها لرئيس الجمهورية اليوم الأحد، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة برئاسة المستشار على سكر، اجتمع أمس السبت، وقرر ترشيح ثلاثة من بين أقدم 7 نواب لرئيس الهيئة، حسبما تنص التعديلات الجديدة.
مجلس القضاء الأعلى يجهز ترشيحاته.. ونادى قضاة الإسكندرية: نحترم القانون
فى سياق متصل، من المتوقع أن يرسل مجلس القضاء الأعلى 3 أسماء من أقدم 7 نواب لرئيس محكمة النقض لرئيس الجمهورية خلال ساعات، ليختار منهم الرئيس الجديد للمحكمة، حسبما تنص التعديلات الجديدة، وبذلك تكون الهيئات الأربعة قد التزمت بتطبيق القانون الجديد وفق نصوصه وضوابطه.
وقال المستشار عبد العزيز أبو عيانة، رئيس نادى قضاة الإسكندرية، إن اجتماع غد الاثنين، الذى يضم رؤساء أندية قضاة الأقاليم، سيتضمن مداولات القضاة حول موقفهم الآن، وكيفية تخطى هذه المرحلة الصعبة، مشيرا إلى أنه لا بد من احترام القانون طالما أنه صدر رسميا، وأنهم سيتقدمون للبرلمان بمشروع متكامل لتعديل قانون السلطة القضائية خلال الدورة الحالية، متابعا: "جزء من اعتراض القضاة على التعديلات لرغبتهم فى تعديل القانون بأكمله وليس مادة واحدة فقط، كما كانوا يرغبون فى أن تكون الأولوية لتعديلات قانون الإجراءات الجنائية لتحقيق العدالة الناجزة".
وشدد "أبو عيانة"، على أن الدولة تمر بظروف صعبة، ولا يمكن أن يتسبب القضاة بأى حال من الأحوال فى أى أزمات للدولة فى هذا الوقت العصيب، ولهذا سيكون تحركهم فى إطار القانون، وفى حيز الإجراءات القانونية، مع الالتزام بالنص الجديد.
الرئيس عبد الفتاح السيسى يصدق على قانون الهيئات القضائية ليدخل حيز التنفيذ
كان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد صدّق على قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية الأربعة، مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، الخميس الماضى، بعد موافقة مجلس النواب عليه بشكل نهائى وإرساله لرئيس الجمهورية لإصداره.
ويتضمن القانون الجديد تعديلا لآلية اختيار رؤساء الهيئات القضائية الأربعة وتعيينهم، من الاختيار بالأقدمية بشكل عرفى غير منصوص عليه فى القانون، إلى إرسال قائمة ترشيحات من كل هيئة، تتضمن 3 أسماء من بين أقدم 7 نواب لرئيس المجلس، ليختار الرئيس من بينهم.