منذ ساعات نشر الزميل مدحت صفوت على موقعنا انفراد الذى يتسع لمختلف الأراء تحليلا تحت عنوان .." ظاهرة الفنانة الداعية عمرها 35 سنة بدأت مع شمس البارودى والتحقت بها هناء ثروت وحنان ترك وأخيرا حلا شيحا.. وسما المصرى أول محاولة للجمع بين الدين والدنيا".
وخلال هذا التحليل تحدث الزميل عما أسماه بظاهرة الراقصة الداعية تعليقا على إعلان سما المصرى اعتزامها تقديم برنامج دينى خلال شهر رمضان ، وأكد أن هذه الظاهرة ليست جديدة على مصر وأنها بدأت منذ بداية الثمانينات ، بمن أطلق عليهن "أخوات سما فى المهنة" ومنهن الفنانة المعتزلة شمس البارودى.
وربط الزميل بين حجاب واعتزال الفنانات وبين ما أسماه المد الخليجى وانتشار الثقافة البدوية فى السبعينات وبداية الثمانينات ،وصب العديد من الاتهامات على بعض الفنانات المعتزلات اللاتى ارتدين الحجاب واتهمهن بالتربح بالدين وتقمص دور الداعيات.
وفى الحقيقة ومن واقع ما أعرفه عن تفاصيل حياة شمس البارودى بحكم عملى الصحفى وما أجريته معها من حوارت خلال السنوات الماضية ، شعرت بأن ما كتبه الزميل يحوى ظلما كبيرا وقياسا غير منصف وتفتيشا فى النوايا لا يتناسب ما عهدته على زميلى العزيز مدحت صفوت من إنصاف واحترام لحرية الآخرين وخاصة المرأة فى اختيار طريقة حياتها وملابسها وما تعتنقه من أفكار.
فمنذ سنوات وتحديدا عام 2009 أجريت أول حوار صحفى مع الفنانة المعتزلة شمس البارودى تحدثت خلاله بعد طول صمت عن قصة اعتزالها وارتدائها للحجاب ثم النقاب ثم اكتفاءها بالحجاب مرة أخرى ، وبعدها أجريت أكثر من حوار معها فى مناسبات مختلفة ، كلما انتشرت شائعة من الشائعات الكاذبة التى تطاردها منذ قرار اعتزالها حتى يومنا هذا بالعودة إلى الأضواء مرة أخرى ، وتحدثت الحاجة شمس - وهو اللقب التى تحب أن يناديها الناس به- خلال هذه الحوارات عن أسباب اعتزالها وما تعرضت له من هجوم واتهامات استمرت ولم تنقطع حتى الآن ، وما تلقته من إغراءات وعروض بمبالغ خيالية إما للعودة للتمثيل أو لتقديم برامج دينية أو الحديث عن سيرتها الشخصية ، ولا يزال بعض هذه العروض قائما حتى الأن رغم رفضها المستمر وتأكيدها أنها لن تعود للأضواء بأى شكل من الأشكال.
تعرضت شمس البارودى منذ اعتزالها لهجمة شرسة فتشت فى نواياها ، رغم أنها اعتزلت فى صمت ولم ترد على أى من هذه الاتهامات ،ولم تطلق أى فتاوى أو تدلى بأى تصريحات سواء لتحريم الفن أو لدعوة الفنانات للاعتزال ، وغير صحيح أنها جعلت من نفسها داعية أو أصدرت أى فتاوى سواء على شاشات التلفزيون أو عبر شرائط كاسيت كما ذكر الزميل، ولكن لم يستوعب البعض أن تعتزل شمس وهى فى قمة شهرتها وجمالها ، فانهالت عليها الاتهامات وهاجمها من يفتشون فى النوايا بعدما أدت العمرة وقررت بعدها ألا تعود للأضواء رغم أنها كانت تستعد لفيلم جديد اشترت ملابسه من فرنسا.
وبعد 4 سنوات من الحجاب قررت شمس ارتداء النقاب وارتدته لمدة 20 عاما ، وتحملت فى سبيل قرارها المنع من دخول بعض الأماكن العامة ، كما تحملت ظروفا مادية صعبة وهى التى اعتادت على حياة البذخ والترف منذ طفولتها ، خاصة بعدما قرر زوجها الفنان حسن يوسف الابتعاد عن الفن لفترة حتى أفتاه الشيخ الشعراوى بأن الفن حلاله حلال وحرامه حرام ،وقال له : "كما علمت الشباب الشقاوة علمهم التقرب للدين" ، فتحملت شمس خلال هذه الفترة نتيجة قرارها واستغنت عمن يعاونوها فى المنزل واشترت المواد الغذائية من المجمعات الاستهلاكية ،ولم ترضخ لكل الإغراءات التى عرضت عليها للعودة للتمثيل ، وأعلنت فى إعلان مدفوع تبرأها من أعمالها التى لم تستطع منعها.
واشتدت حملات الهجوم على شمس كلما قررت أى من الفنانات الاعتزال أو ارتداء الحجاب ، رغم أنها لم تشجع أى منهن على هذه القرارات ،ولكنهن كن يتحدثن معها بعد اتخاذ القرار أو يزورونها فى المنزل ، كما فعلت الفنانة شادية التى اتصلت بشمس البارودى تليفونيا بعدما قررت الاعتزال وكذلك سهير البابلى وهناء ثروت ، ومن شدة ما تعرضت له من هجوم قررت شمس التوقف عن استقبال أى من الفنانات ، أو الصديقات اللاتى كن يذهبن إليها للحديث عن اسباب اعتزالها وكيف تركت حياة الفن والشهرة والإغراء ، رغم أنه من حق أى إنسان أن يستقبل زملاءه وأصدقائه فى بيته ، واكتفت بالبكاء والدعاء بأن يثبتها الله على ما اختارته لنفسها .
ورغم حالة العزلة التى فرضتها شمس على نفسها لم تتوقف حملات الهجوم والشائعات التى طاردتها ، خاصة بعدما قررت خلع النقاب بعد 20 عاما من ارتداءه ، بعدما كبر أبناءها وأصبحوا شبابا ، وعندما اضطرت للسفر إلى ابنتها فى انجلترا فى الوقت الذى شهدت أوربا تضييقا شديدا على المنتقبات ، واكتفت شمس بالحجاب وكانت قد حصلت على فتوى من الشيخ الشعراوى بأن النقاب لا يفرض ولا يرفض وليس معلوما من الدين بالضرورة.
واستمرت الاتهامات و الشائعات كلما ظهرت شمس فى أى مناسبة اجتماعية أو التقطت لها صورة عن دون تعمد منها مع زوجها الفنان حسن يوسف ، ولاحقتها العروض بتقديم برنامج دينى أو برنامج يتحدث عن سيرتها الذاتية ولكنها رفضت رغم ضخامة المبالغ المعروضة عليها ، وأكدت فى حوارها معى أن للدعوة أهلها من العلماء وأنها ليست جديرة للقيام بهذا الدور ، كما أكدت أنها لن تعود للتمثيل ولو فى أدوار دينية مهما كانت الإغراءات ،مشيرة إلى أنها لم تحب التمثيل وقالت : أنا مكتفية بمعية الله ورسوله ولا أريد أن يشغلنى شيئ عن حياتى التى اخترتها لنفسى وأخشى فتنة الإعلام التى تستلزم أن أنشغل بمظهرى وجمالى ."
وعلى عكس ما ذكره الزميل مدحت صفوت لم تكن شمس البارودى على علاقة بأى من التيارات الاسلامية بل انتقدت خلال حوارى معها أثناء فترة حكم الإخوان طريقة السلفيين والإخوان فى الدعوة ، وأكدت أنهم غلاظ القلوب ينفرون الناس من الدين بالتشدد والأحكام المتطرفة ، قالت الحاجة شمس هذا فى أوج قوة التيارات الإسلامية فترة حكم الإخوان ولم تنافق أحدا لأنها لم تعتد أن تأكل على موائد الحكام -على حد قولها –
وأزعم أننى كنت شاهدة على رفض الحاجة شمس الظهور والعودة للأضواء من جديد عندما انهالت العروض بعد حوارى معها لاستضافتها فى عدد من البرامج الفضائية وبأى مقابل ولكنها رفضت رفضا قاطعا.
ولم تنتقد شمس أى من الفنانات المعتزلات اللاتى عدن للتمثيل من جديد ، وأكدت أن لكل شخص ظروفه ، ولا يجب ان نلوم أحد أو نفتش فى نيته ، رغم أن الكثيرين فتشوا فى نيتها منذ أن قررت الابتعاد عن الأضواء و حتى الأن .
وأخيرا فمن غير المعقول بعد مرور أكثر من 35 عاما على اعتزال شمس أن تستمر نفس الاتهامات ، ومن غير المنطقى بعد كل ما تحملته أن يتهمها الزميل بأنها اتخذت من الدعوة وظيفة بدلا من التمثيل، ورغم أننى لم أقترب من الفنانة هناء ثروت أو حنان ترك أو حلا شيحة ، إلا أننى أرفض أن نفتش فى نوايا أى منهن ، وأرى أنه لا يجب تعميم الأحكام عليهن ، فلا وجه للتشبيه أو التطابق بينهن ، أو بين أى منهن وبين سما المصرى ، فهناء ثروت لم تظهر مطلقا بعدما اعتزلت ، كما أن حنان ترك استمرت فى التمثيل رغم ارتداء الحجاب .
ومن الإنصاف إن كنا نحترم حرية المرأة وحقها فى الاختيار ، إذا ما قررت خلع الحجاب، أن نحترم حريتها فى ارتدائه ، وأن نحترم حرية من اختارت الابتعاد عن الأضواء وأن نكف عن التفتيش فى النوايا.