"اختلاف أمتى رحمة".. بهذا الحديث النبوى الشريف وضع الرسول يده على جوهر التنوع وسماحة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان ومجتمع وثقافة بشرية، وهو ما لا يُحسن قطاع من المتشبثين بالنصوص الحرفية والإسلام المظهرى فهمه والتعاطى معه، ليس لمشكلة فى الواقع، بقدر ما يمثل مشكلة كبيرة تتعلق بهذه النوعية نفسها، هذا ما يظهر جليا فى كل مواقف وآراء وممارسات قطاعات واسعة من السلفيين، وفى القلب منهم الدعوة السلفية بالإسكندرية، وقياداتها ونائب رئيسها الشيخ ياسر برهامى.
على غرار تحريم الاحتفال بعيد الأم وشم النسيم وعيد الحب، أصدر التيار السلفى فتوى جديدة، لا تقل غرابة وإثارة عن كثير من فتاواهم السابقة، بتحريم الاحتفال بليلة النصف من شهر شعبان، معتبرا الاحتفال بها بدعة تخالف صحيح الإسلام، فيما أكد دعاة أزهريون أن الاحتفال بمنتصف شهر شعبان عبادة لله سبحانه وتعالى، وأن الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الرسمية تقيم الاحتفالات فى هذه المناسبة ابتهاجا بالشهر الكريم.
داعية سلفى: الاحتفال بنصف شعبان بدعة ومن المحدثات
حرم الشيخ سامح عبد الحميد، الداعية السلفى، الاحتفال بليلة النصف من شعبان، قائلا إن هذه المناسبة "بدعة ومن المحدثات ولا يجوز الاحتفال بها".
وقال "عبد الحميد" فى فتوى غريبة له: "ليلة النصف من شعبان ليلة عادية، وليست لها ميزة خاصة أو فضل خاص، فهى ليلة كسائر الليالى بشهر شعبان، فلا يشرع الاحتفال بها، وهذا من البدع المحدثة التى لم ترد عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، ولا يجوز الإعانة على إقامة هذه الاحتفالات، ولا يجوز إلقاء الخطب والمحاضرات فيها، لأن هذا من إقراراها والتشجيع عليها، بل يجب إنكارها وعدم حضورها، فليس لهذه الاحتفالات أصل فى الشرع المطهر".
ياسر برهامى: ما يفعله أهل البدع فى نصف شعبان ليس مشروعا
كان الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، قد أطلق فتوى سابقة تتوافق تمامًا مع فتوى سامح عبد الحميد، إذ قال فى فتوى سابقة عبر الموقع الرسمى للدعوة السلفية: "يشرع قيام ليلة النصف من شعبان، دون أن يُجتمع على ذلك، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ)، ولا يقتضى هذا دعاء مخصوصًا كما يسمونه بدعاء ليلة النصف من شعبان أو صلاة معينة جماعة كما يفعل ذلك كثيرون من أهل البدع، فهذا ليس مشروعا، وكل مَن بينه وبين أخيه شحناء؛ فليسعَ إلى إزالتها حتى يغفر له".
داعية أزهرى: فتاوى السلفيين ما أنزل الله بها من سلطان
على الجانب المقابل، قال الشيخ أحمد البهى، الداعية الأزهرى، إن الاحتفال بليلة المنتصف من شعبان ليس بدعة، ولكنه جزء من العبادات التى لا يجوز تحريمها، مشيرا إلى أن الأزهر الشريف يقيم فعاليات فى هذا اليوم، وتكون أمسيات شعرية تتخللها قراءة القرآن الكريم، والأذكار والتسبيح".
وأضاف "الأزهرى" فى تصريح لـ"انفراد"، أن هذه الفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، مشددا على أن الاحتفال بمنتصف شهر شعبان حلال، ويجوز للمسلمين أن يحتفلوا بهذا المناسبة الدينية.
احتفالات واسعة للطرق الصوفية.. وشيخ "الشبراوية": راجعوا أنفسكم قبل هلاكها
فى سياق متصل، أعلنت الطرق الصوفية عن تنظيم فعاليات احتفالية فى ليلة النصف من شعبان، مؤكدة أن فتاوى التيار السلفى حول هذه الليلة خاطئة ولا يعتد بها، ولا علاقة لها بالشريعة الإسلامية.
وقال الشيخ محمد عبد الخالق الشبراوى، شيخ الطريقة الشبراوية، إن الطريق الصوفية ستقيم احتفالات عديدة فى ليلة النصف من شعبان، وستكثف العبادات كعادتها السنوية، وستبدأ هذه الاحتفالات بعد صلاة المغرب فى مقرات الطرق المختلفة، موجها رسالة للسلفيين بعد تحريمهم الاحتفال بنصف شعبان، قائلا: "راجعوا أنفسكم قبل أن توردوها مورد الهلاك، ويبعد عنكم النور وتكونون فى الظلام الحالك، فلا منقذ لكم من حكم الله المالك، ففى هذه الليلة تم تغيير القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، كرغبة رسولنا الكريم من تقلب وجهه فى السماء، فأعطاه المولى ما يريد، وكذلك ترفع الأعمال إلى بارئ السماوات والأرض، فنريد أن تُرفع أعمالنا لله بالرحمة واللين ورقة القلب وسماحة الصدر".
شيخ الطريقة الرفاعية: السلفيون تعودوا على تحريم كل شىء
من جانبه، قال الشيخ طارق الرفاعى، شيخ الطريقة الرفاعية، إن الطريقة ستقيم 3 فعاليات بمناسبة ليلة النصف من شعبان، الأولى فى مسجد عبد الرحيم القناوى بمحافظة قنا، ثم احتفالية للمشيخة العامة للطرق الصوفية بحضور كل مسؤولى الطرق الصوفية فى مسجد السيدة زينب بالقاهرة، ثم فعالية خاتمة لاحتفال المشيخة العامة.
واستنكر "الرفاعى"، فى تصريح لـ"انفراد"، فتاوى السلفيين بتحريم احتفالات ليلة النصف من شعبان، مشيرا إلى أن السلفيين تعودوا على تحريم كل شىء، مطالبا إياهم بذكر دليل من القرآن أو السنة يحرم تلك الاحتفالات، متابعا: "الناس تحتفل بعيد ميلادها وأعياد ميلاد أبنائها، فكيف لا نحتفل بليلة النصف من شعبان؟".