فى أول رد فعل من قبل السفارة السودانية على تحقيق "انفراد" الاستقصائى الخاص بقيام عصابات الاتجار البشرية بتزوير جوازات سفر سودانية للاجئين الأفارقة، قال الدكتور الصادق الجعلى، المستشار الطبى بالسفارة السودانية، إنه تم إيقاف منح الموافقات المتعلقة بعمليات زراعة الكلى للمرضى السودانيين من قبل سفارتهم فى القاهرة وإلزامهم بالتصديق على أوراقهم فى دولة السودان نفسها وإرسالها مرة أخرى لوزارة الصحة المصرية للتأكد من سلامة بيانات المتبرع والمريض، وذلك للحد من المخالفات التى تم رصدها مؤخرا والتى تقوم بها عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية.
وأضاف الجعلى فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" أن هذا القرار ليس الهدف منه منع المرضى السودانيين من العلاج فى مصر كما يثير البعض، ولكنه جاء حماية للمواطنين من محاولات استغلالهم من قبل العصابات الخارجة عن القانون، مشيرا إلى أن وزارة الصحة السودانية اتخذت هذا القرار وتم تعميمه فى كافة البلاد التى يقصدها المرضى السودانيين لإجراء عمليات نقل وزراعة الأعضاء مثل مصر وعمان والهند، عقب التحقيق الاستقصائى الذى نشرته "انفراد" والخاص بقيام عصابات الاتجار فى الأعضاء البشرية بتزوير جوازات سفر سودانية لتمريرها فى وزارة الصحة لإجراء العمليات بشكل غير قانونى .
وكشف الجعلى عن أنه بعد نشر التحقيق مباشرة تم تشكيل لجنة طبية من قبل السفارة نفسها وتخصيص طبيب استشارى مختص فى أمراض الكلى مخول بمراجعة ملفات المرضى التى تتسلمها السفارة والتى تشمل على كافة الفحوصات الطبية الخاصة بتشخيص الحالات المرضية قبل اجراء العملية للتأكد من سلامة المعلومات الواردة، كما حددت اللجنة مهاما إضافية لهذا الطبيب المختص تتعلق بزيارة المواطنين السودانيين فى المستشفيات التى يتم إجراء عمليات نقل وزارعة الكلى فيها للتأكد من سلامة الإجراءات التى تم اتباعها وعدم إصابة المرضى بأى مضاعفات، قائلا: "أصدرنا قرارا من قبل السفارة باختصاصات اللجنة المشكلة حديثا ومستشارها الطبى وتم تعميمه على كل المستشفيات التى تعاقدنا معها سواء كانت عامة أو خاصة".
وأضاف الجعلى: منذ أن بدأ المواطنون السودانيون يقصدون مصر لإجراء مثل عمليات نقل وزراعة الكلى، تم الاتفاق مع عدد من المستشفيات التى تتبع الأمانة العامة والمصرح لها بإجراء هذا النوع من العمليات سواء كانت عامة أو خاصة، ووفقا للأرقام الرسمية التى نتعامل على أساسها لا يتجاوز قيمة العملية أكثر من 7 آلاف دولار وليس 30 أو 40 ألف دولار كما توهم تلك العصابات المرضى والمتبرعين.
وتابع: المشكلة التى كانت تقابلنا أن بعض المواطنين السودانيين يأتون لمصر من داخل او خارج السودان ولكن لا يقصدون سفارة بلدهم بل يتعاملون مع بعض الأطباء بشكل مباشر بعدما يقعون تحت سيطرة بعض السماسرة يوجهوهم وفقا لرغبتهم واستغلالا لحاجتهم ويوفرون لهم المتبرع بشكل غير قانونى، ولكنهم يفاجئوا فى النهاية أن العملية لن تتم إلا بعد الحصول على موافقة السفارة فيأتون إلينا ولكن بعد فوات الأوان على عكس مواطنين آخرين يأتون من السودان ومعهم اوراق مصدقة من قبل القومسيون الطبى - وهو عضو فى اللجنة العليا لزراعة الأعضاء بالسودان - ومعهم المتبرع .
وأشار الجعلى إلى أن السفارة كانت تمنح موافقتها بناء على توافر كافة البيانات المطلوبة من أوراق التحاليل والفحوصات للمتبرع والمريض وجوازات السفر الخاصة بهم وصورهم الشخصية بعدها يتوقف دور المستشار الطبى للسفارة على إرسال هذه الجوازات لقسم الجوازات للتأكد من مدى صحتها ولكن نتيجة ما أثير حول قيام بعض الخارجين عن القانون بتزوير أوراق وجوازات السفر السودانية لتمريرها أمام وزارة الصحة بعيدا عن السفارة السودانية - وهذا ما كشف عنه تحقيق "انفراد" الاستقصائى - اتخذت وزارة الصحة السودانية قرارا من شأنه الحد من تلك العمليات المخالفة وهو أن يحضر المريض والمتبرع الراغبين فى إجراء العملية فى مصر بأوراقهم مصدقة من السودان من قبل القوموسيون الطبى أو أن يرسلوها من مصر للتصديق عليها هناك وإعادتها مرة أخرى لوزارة الصحة المصرية - هذا بالنسبة للمرضى الذين قطعوا شوطا كبيرا فى إجراءات العملية فى مصر قبل صدور القرار.
جدير بالذكر أن وزارة الصحة وضعت استنادا على القانون رقم 5 لسنة 2010 مجموعة من الإجراءات لتنفيذ عملية نقل وزراعة الأعضاء البشرية بين الأجانب من أبناء الجنسية الواحدة وهى: توافر أصل جواز السفر للمتبرع والمريض وصورة منه، إلى جانب صورتين شخصيتين وتقرير طبى يفيد احتياج المريض للزرع من اللجنة الطبية بالمستشفى، الذى ستجرى به العملية وتقرير طبى آخر عن حالة المتبرع الصحية يفيد لياقته الطبية لإجراء الجراحة بعد الاطلاع على الفحوصات والتحاليل والإشاعات من اللجنة الطبية بالمستشفى الذى ستجرى به العملية، إلى جانب التحاليل الخاصة بالتوافق وإحضار محضر إثبات حالة من قسم الشرطة بالموافقة على التبرع أو توثيق الموافقة على التبرع بالشهر العقارى، فضلا عن حضور اثنين من أقارب الدرجة الأولى معه امام لجنة الموافقات بالنسبة للمتبرع، وأخيرًا خطاب من سفارة الدولة التى ينتمى إليها المريض والمتبرع بطلب الموافقة على إجراء عملية الزرع وإقرار من القنصلية أن المريض والمتبرع من نفس الجنسية.
كانت "انفراد" أجرت تحقيقا استقصائيا عن عصابات تجارة الأعضاء والتى تستغل حاجة اللاجئين الأفارقة، وطالبى اللجوء، وترى فيهم صيدًا ثمينًا للزج بهم فى مثل تلك العمليات المخالفة، وذلك عن طريق التلاعب فى الأوراق الرسمية الخاصة بهؤلاء اللاجئين، وتزوير جنسياتهم، بهدف تسهيل وتنفيذ عمليات نقل وزراعة الأعضاء لمرضى من جنسيات مختلفة، مقابل حصولهم على مبالغ مالية، وذلك مخالفة للقانون رقم 5 لسنة 2010، الذى تنص المادة الرابعة منه على أنه لا يجوز نقل أى عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حى لزراعته فى جسم إنسان آخر، إلا إذا كان ذلك على سبيل التبرع دون مقابل مادى، وأن تتم عملية النقل والزراعة بين أبناء الجنسية الواحدة .