يوما بعد يوم يتزايد قلق الدوائر السياسية، والنخب الفرنسية والأوروبية على حد السواء، من احتمالات فوز مرشحة اليمين المتطرف وزعيمة حزب الجبهة الوطنية، مارين لوبان ـ رغم ضآلتها السياسية ـ برئاسة فرنسا، أمام منافسها الأوفر حظا، والمدعوم من غالبية الأحزاب والمسؤولين الحاليين والسابقين، المرشح الشاب المستقل إيمانويل ماكرون.
وقبل 5 أيام من جولة الحسم فى سباق الرئاسة، المقرر انطلاقها 7 مايو الجارى، أجمع عدد من المسؤولين الفرنسيين والشخصيات العامة، على التحذير من التصويت لـ"لوبان"، فى ضوء ما تمثله من أفكار متطرفة، وما تتبناه من برنامج انتخابى مثير للجدل، يدعو على سبيل المثال للخروج العاجل من الاتحاد الأوروبى، وإلغاء كل ما يربط فرنسا بدول القارة، من اتفاقيات تجارية واقتصادية وحركة سفر، بموجب عضويتها فى الاتحاد، بخلاف موقفها المتشدد من الأقليات الدينية والفرنسيين من أصول إسلامية.
رئيس وزراء فرنسا: الاتحاد الأوروبى لن يتحمل فوز مارين لوبان
فى حوار مطول مع صحيفة "ليبراسيون" اليسارية، قال رئيس الوزراء الفرنسى برنار كازنوف، إن الاتحاد الأوروبى "لن يتحمل فوز زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية، فالاتحاد الذى أضعفه خروج بريطانيا، لن يتحمل صدمة جديدة بوصول حكومة فرنسية تناهضه صراحة".
ومن رئيس الوزراء، إلى المرشح اليسارى الخاسر فى الجولة الأولى من الانتخابات، جون لوك ميلانشون، لم يختلف الأمر كثيرا، ولم تقل حدة التحذير من "كابوس لوبان" الذى يداهم فرنسا ـ الرسمية وشبه الرسمية ـ وفى حوار مع قناة "تى إف 1" الفرنسية، قال ميلانشون: "أقول لمن يسمعنى، لا ترتكبوا الخطأ الفظيع بوضع بطاقة تصويت لصالح الجبهة الوطنية".
وبرر المرشح الخاسر موقفه بعدم دعوة أنصاره صراحة لدعم "ماكرون"، وهو الموقف الذى انتقده كثيرون من السياسيين الفرنسيين، بالقول: "لا يوجد غموض فى موقفى، ولن أصوت للجبهة الوطنية، وأنا أحاربها، وأقول لمن يسمعنى لا ترتكبوا الخطأ الفظيع بوضع بطاقة تصويت لصالح الجبهة الوطنية، لأنكم ستدفعون البلاد إلى اشتعال عام، لن يرى أحد نهايته، فالتصويت لصالح الجبهة الوطنية سيكون خطأ جسيما".
ماكرون: يجب أن يكون الصراع على الأفكار بدلا من مهاجمة الشخص ذاته
فى المقابل، يواصل المرشح الشاب إيمانويل ماكرون معركة الأيام الفاصلة، قبل أقل من أسبوع على جولة الحسم الرئاسية، وفى ضوء هذا السباق المحموم قال فى لقاء مع قناة "بى إف إم تى فى" الفرنسية: "نخشى من فوز لوبان، إنها تحمل للبلاد مشروعا كارثيا مملوءًا بالمخاطر، والمشكلة الحقيقية أننا أمام 20% من الفرنسيين المقتنعين بها، والذين يرونها تتصرف لصالح البلاد".
وأضاف "ماكرون" فى لقائه: "من ناحيتى أعمل على مواجهة مشروعها المبنى على الأكاذيب، ولا بد من الإصرار على إقناع الشعب الفرنسى بخطورة فوز لوبان فى الجولة الثانية من الانتخابات، فلا مجال للهروب، ويجب أن يكون الصراع على الأفكار، ولمس النقاط الحساسة فى المشروعات والبرامج الانتخابية، بدلا من مهاجمة الشخص ذاته".
واستطرد المرشح الشاب: "لا بد من أن تكون لدى رئيس البلاد المسؤولية الكاملة تجاه المجتمع المدنى، ودعونا نذكر، ما هى آليات لوبان لحل المشكلات الاجتماعية، مثل أزمة سائقى التاكسى، وأزمة الموظفين الذين يعانون من نقص مرتباتهم؟ ما تلمسه واقعيا فى برنامج لوبان هو القمع واستخدام التدابير التى تهدد الإطار الديمقراطى للبلاد".
إيمانويل ماكرون يتقدم استطلاعات الرأى بفارق 18%
يُذكر أن المرشح الشاب إيمانويل ماكرون ما زال متربعا على عرش استطلاعات الرأى، متفوقا على منافسته مارين لوبان بفارق 18% من الناخبين المستطلعة آراؤهم، وكشف معهد "كانتار سوفر- وان بوينت"، بحسب ما نشرته صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية واسعة الانتشار، وإذاعة "إل سى آى"، عن أن "ماكرون" حقق 59%، بينما حصلت لوبان على 41% فقط
وفور إعلان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية، أعلن 8 مرشحين خاسرين من أصل 9، تأييدهم للمرشح المستقل إيمانويل ماكرون فى مواجهة لوبان، لينضموا بذلك لقائمة طويلة من الشخصيات العامة والمسؤولين الحاليين والسابقين، الذين حذروا من عواقب فوز مرشحة اليمين المتطرف بالمنصب الأول فى البلاد، وتحركوا فى إطار مواجهتها وتحجيم فرصها فى صناديق فرنسا الأحد المقبل.