أحدثت الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس حالة من الجدل فى الشارع العربى والدولى، بعد الخطوات التى اتخذتها الحركة والإستراتيجية التى ستتبعها خلال الفترة المقبلة، إضافة لفك ارتباط الحركة بجماعة الإخوان، حتى تنأى بنفسها عن الدور التخريبى للجماعة الإرهابية فى الدول العربية، لكن إعلان حماس لفك هذا الارتباط فى وجود قيادات من الجماعة بالدوحة يصعب تصديقه.
بدوره قال المحلل السياسى الفلسطينى، طلال عوكل، إن اعلان انفصال حركة حماس عن الإخوان ليست مناورة سياسية، مؤكدًا إن نص الوثيقة يقول عمليا إن مرجعية حماس هى الدين الإسلامى وليس الجماعة، فالعودة للمرجعية الدينية لا تعنى إن حركة حماس تعود للعلاقات التنظيمية والإدارية مع جماعة الإخوان وهو ما أكدت عليه بنود الوثيقة.
وأكد "عوكل" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، من غزة، إن حركة حماس تتطلع للتخفيف عن نفسها عبء وثقل جماعة الإخوان، التى واجهت الفشل وتم تصنيفها جماعة "إرهابية" ويتم التعامل معها على هذا الأساس، موضحًا إن حماس تعتقد أنه بفك ارتباطها بجماعة الإخوان، ستفتح أبواب العلاقة مع مصر وبعض الدول العربية.
وحول سبب حرص حماس على ترجمة الوثيقة للغة الإنجليزية والرسالة التى ترغب فى إيصالها للدول الغربية، أكد المحلل الفلسطينى، إن حماس ترغب فى وصول الوثيقة للدول الأوروبية لأنها معنية بمد يدها لتلك الدول وتتطلع لأن تكون الوثيقة بداية لتحريك إيجابى فى العلاقة مع الأوروبيين وتحسين وجه حركة حماس أمام تلك الدول.
بدوره أكد المحلل السياسى الفلسطينى، أكرم عطالله، إن حركة حماس مرتبطة ارتباط ايديولوجى مع جماعة الإخوان، وهو أكبر من الارتباطات، مشيرًا إلى إن المستقبل سيحكم على سلوك حماس ومدى ارتباطها مع جماعة الإخوان والانفصال عنها تنظيميا وهيكليا.
وبسؤاله عن إمكانية إقدام حماس على التفاوض مع إسرائيل عبر قطر، أكد "عطالله"، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" من غزة، إن منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى، ومن مصلحة الحركة الدخول فى المنظمة، موضحًا إن قطر رعت اتصالات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، مرجحًا أن تتحول تلك الاتصالات من ادارية وأمنية إلى اتصالات سياسية، مؤكدًا إن إسرائيل تريد الدفع بما وصفه "كيانية" مستقلة لغزة.
وأكد المحلل السياسى الفلسطينى، إن حركة حماس تقدم نفسها باعتبارها بديلا واقعيا ونموذج سياسى ويمكن أن تلعب قطر دور الوسيط بين حماس وإسرائيل، مشيرا إلى إن حماس ترجمت الوثيقة للانجليزية كى يكون هناك تفهم دولى، وبعثت الحركة برسالة للمجتمع الدولى وجزء من العرب.
وحملت وثيقة حركة حماس، عدد من الرسائل المباشرة وغير المباشرة، حول طبيعة علاقتها بإسرائيل ومحاولاتها التقرب من الإدارة الأمريكية عقب تسلم الرئيس دونالد ترامب مفاتيح البيت الأبيض، فى ظل توافقات برعاية قطرية لتقريب وجهات النظر بين إسرائيل وحركة حماس، سعيًا للتقرب للإدارة الأمريكية الجديدة، وما يتردد من دعوة ترامب لقمة "عربية - أمريكية" خلال شهر يوليو لبعض قادة المنطقة للوصول لحل للقضية الفلسطينية، إضافة للتحركات العربية والإقليمية التى جرت على مدار الأشهر الأخيرة للتوافق على رؤية واستراتيجية عربية موحدة لإيجاد حل لمشكلة الصراع، الفلسطينى الإسرائيلى، وسبل دفع عملية السلام بين الجانبين.
وعقب المواقف السلبية التى اتخذتها حماس من ثورات الربيع العربى عام 2011 وتدخلاتها السافرة فى شئون تلك الدول، حرصت حماس خلال وثيقتها الجديدة عن رفضها التدخل فى الشؤون الداخلية للدول، كما ترفض الدخول فى النزاعات والصراعات بينها، مؤكدة إنها تتبنى سياسة الانفتاح على مختلف دول العالم، وخاصة العربية والإسلامية، وتسعى إلى بناء علاقات متوازنة، يكون معيارُها الجمعَ بين متطلبات القضية الفلسطينية ومصلحة الشعب الفلسطينى، وبين مصلحةِ الأمَّة ونهضتها وأمنها.
ومن المقرر أن تفتح حركة حماس بواسطة رئيس المكتب السياسى المقبل إسماعيل هنية، اتصالات مع المجتمع الدولى ودول عربية، لشرح الوثيقة التى كشفت عنها وتحتاج لتسويقها لدى المسئولين المصريين وعدد من الدول العربية والغربية، فالحركة تسعى للانفتاح فى المرحلة المقبلة وأكثر ديناميكية فى التعاطى مع السياسات الغربية.