تواصلت ردود الفعل الواسعة على وثيقة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التى أعلنت خلالها فك ارتباطها بجماعة الإخوان وعدد من المبادئ العامة للحركة وتعريفاً للدولة الفلسطينية المنشودة وغير ذلك من البنود، بين مؤيد ومعارض، ومشكك فى نوايا حماس الحقيقية من وراء تلك الوثيقة.
وفى طهران، سادت دوائر النخبة الإيرانية ووسائل الإعلام حالة من الهجوم اللافت ضد حركة حماس، الأمر الذى رد عليه ممثل الحركة لدى إيران خالد القدومى فى تصريحات لـ"انفراد" بالتأكيد على أن حماس لا تزال متمسكة بالقضية الفلسطينية وأن الميدان وحده هو الفيصل على مدى صحة تلك الادعاءات.
وبعد خلافات ما وراء الستار بين إيران وحماس بسبب موقف الأخيرة من الأزمة السورية، ورغبة الدولة الشيعية الصريحة فى انضمام الحركة للمحور الداعم للرئيس السورى بشار الأسد، جاءت وثيقة حماس لتكون القشة التى قسمت ظهر البعير فى علاقة الجانبين.
وأجمعت الصحافة الإيرانية الصادرة اليوم على أن وثيقة حماس تعد دليلا على ابتعاد الحركة عن "أصدقائها القدامى"، وقالت صحيفة "افتاب يزد" الإصلاحية فى تقرير لها إن الاحداث التى عقّدت معادلات المنطقة، ابتداء من الربيع العربى وحتى داعش وبخاصة أحداث سوريا، وتغيير الظروف السياسية أدى ذلك إلى أن تتغير علاقات حماس بإيران ولا تعود إلى سابق عهدها، مشيرة إلى أن حماس تسعى لإسقاط الرئيس السورى بشار الأسد على عكس إيران، وقالت إن تقارب حماس مع الملكة العربية السعودية خلال الاثنين أو الثلاث سنوات الأخيرة أدت إلى تفاقم الخلاف بين إيران وحماس.
واعتبرت الصحيفة أن موقف حركة حماس وقبولها إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، يعد مرحلة جديدة فى اختلاف وجهات الرأى والابتعاد اكثر فأكثر عن إيران.
واتهم المحلل السياسى الإيرانى للشئون العربية صباح زنجنة الحركة بالتطبيع والمهادنة مع إسرائيل، من خلال قبولها بحدود 67، وقال إن الاعتراف رسميا بحدود دولة فلسطين 1967 من قبل حماس يشير إلى أنها اقتربت خطوة نحو التطبيع مع السلطة الفلسطينية وحتى إسرائيل، معتبرا أن هذه الخطوة تأتى بتأثير وضغوط من دولا ترغب فى إقرار السلام بشكل أسرع مع الكيان الصهيونى، معتبرا أن موقف حماس لن يمثل موقف الشعب الفلسطينى.
وهاجم المحلل الحركة الفلسطينية قائلا إن حركة فتح وباقى الحركات بعد تراجعها تخيلت أنها ستحصل على امتيازات من إسرائيل، لم تحصل على شىء فحسب بل تحولت إلى أداة لقمع الفلسطينيين وحماس أيضا ستئول إلى نفس المصير، معتبرا أن هناك فجوة كبيرة بين الشعب الفلسطينى وحماس.
وأشار المحلل إلى عدم قبول طهران لما أوردته تلك الوثيقة، قائلا "إيران لا ترغب فى شئ أكثر من مطالب الشعب الفلسطينى، لذا فإنها لا تقبل هذا التطبيع، معتبرا أن قبول حدود 67 تم بمساعى قطرية سعودية لإحداث تقارب بين حماس و إسرائيل" على حد قوله.
من جانبها كثفت صحيفة جمهورى إسلامى الحكومية من هجومها، ووصفت بنود الوثيقة بخيانة حماس إلى فلسطين، معتبرة أن خالد مشعل استدار سياسيا بشكل مفاجئ عبر اعلان قبول حدود 67 للكيان الصهيونى، وقالت أن موقف الحركة الجديد يعتبر تراجع عن القضية الفلسطينية، واعتراف منها بحدود كيان الاحتلال الاسرائيلى، وقالت الصحيفة كان هناك تناقض فى موقف حماس، فرغم أنها زعمت عدم اعترافها باسرائيل إلا أن اعترافها بحدود 67 بمنزلة اعتراف بهذا الكيان.
وقالت الصحيفة أن حذف حماس بند السعى لتدمير إسرائيل يشير إلى تراجعها عن مواقفها السابقة، معتبرة أن السبب فى هذا التراجع هو الدولارات النفطية- على حد تعبيرها- وأن الوثيقة بمثابة الخنجر الذى طعنت به حماس الشعب والأسرى الفلسطينيين من الخلف، وهدية غير متوقعة تقدمها لكيان الاحتلال.
مشعل يرتمى فى أحضان الخائنين وتخدعه دولارات أردوغان
وقالت الصحيفة لم نكن نتوقع من خالد مشعل أن يقدم خدمات جليلة لإسرائيل ويقع فى الفخ ويرتمى فى أحضان خائنى القضية الفلسطينية، واتهمت الصحيفة الإيرانية خالد مشعل بتلقى تمويلا مشروطا من دولا عربية، وهاجمت السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس أبو مازن، معتبرة أنه أنها لا فرق بينه وبين مشعل، وقالت الصحيفة الإيرانية أن حماس سقطت فى ورطة وفخ وتم خداعها بدولارات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.
فيما تناولت صحيفة شرق تقرير حول علاقات إيران بحماس السنوات الأخيرة، وقالت أن حذف البند المتعلق بتدمير إسرائيل والاعتراف بحدود 67، سيقلب العلاقات بين الحركة وطهران التى وصفها ممثل الحركة فى طهران خالد القدومى فى مقابلة سابقة له بالاستراتيجية، ونفى وقتها ابتعاد الحركة عن طهران.
وأشارت الصحيفة الإصلاحية إلى أن العلاقات بين إيران وحماس، عاشت مرحلة تذبذب كبيرة، الربيع العربى والتطورات فى مصر وسوريا كانت إحدى منعطفات العلاقات بينهما، لافتة إلى أن حماس اتخذت مواقف رمادية من تلك الأحداث، وقالت أن زعماء حماس السنوات الماضية لم يكونوا على الحياد فى التصدى للأزمات الإقليمية.
وقالت الصحيفة أنهم عندما تخيلوا أن صعود الاخوان المسلمين فى مصر سيجعلهم قوة فى المنطقة بضوء أخضر من الولايات المتحدة، وبحسابات خاطئة اتخذوا مواقف غير سليمة تجاه سوريا، لكن مع سقوط الاخوان فى مصر وتغيير سياسات قطر لدعمهم والضغوط الاقتصادية والاجتماعية الناتجة من حاصر غزة، وتثبيت حكم بشار الأسد، أدركوا خطأهم، وعندما تفهموا أنهم فقدوا مكانتهم فى المنطقة حاولوا من جديد كسب دعم طهران لهم، وأشارت الصحيفة إلى الوفد الحمساوى الذى زار طهران مؤخرا برئاسة محمد نصر، وأعضاء المكتب السياسى للحركة ماهر عبيد وجمال عيسى، بينما لم يزور زعماء وقيادات الحركة طهران منذ 3 سنوات، لافتة إلى أن الزيارات "حسنت العلاقات لكنها لم تعود إلى سابق عهدها".
ممثل حماس لدى طهران: نرحب بالانتقادات والتعليقات
وعلق القيادى فى حركة حماس وممثل الحركة فى طهران "خالد القدومى" فى تصريح "لـ "انفراد"" قائلا لا يوجد فى وثيقة حماس ما يمكن ان يسبب فى تعكير لأى علاقة من علاقاتنا مع عالمنا العربى والإسلامى، ولا اخص دولة بالتحديد، مؤكدا على أن علاقات الحركة مع إيران فى مرحلة تشديد على بوصلة القضية الفلسطينية ونصرة شعبنا الفلسطينى، ولا أعتقد أن هناك ما يمكن وصفة بأن الوثيقة يمكن أن تعكر هذا الموضوع أو تؤثر على هذه العلاقة.
وأضاف قدومى، لا اتفق ان هناك هجوم عنيف، هناك تعليقات كما لدينا تعليقات فى عالمنا العربى، من حريصين ومحبين ومنتقدين، قائلا "أنا سعيد بكل الانتقادات فى عالمنا العربى والإسلامى التى تنم عن وعى وحقيقة، اؤكد أن وعى شعبنا الفلسطينى ووعى شعوبنا العربية والإسلامية والنخبة العربية وأحرار العالم هى الضمانة لعدم الانحراف وأن نبقى على الطريق"، لافتا إلى أن وسماع الحركة للانتقادات يزيدها يقينا أنها ننتمى للأمة العظيمة، ونرحب بمثل هذه الانتقادات، لكن الذى يؤلم أحيانا أن مثل هذه التعليقات تصل إلى حد التشكيك وهنا لا أتحدث عما ورد على وسائل التواصل الاجتماعى وبعض التعليقات ايضا فى العالم العربى.
وأكد على أن حماس فى سجلها على مدى 30 عاما من المقاومة أثبتت أن الميدان هو الذى يحكم على فكر الحركة وتواجهاتها، مشيرا إلى أن الوثيقة أكدت، على مبادئ أساسية فى النضال الفلسطينى، ولم تتنازل عن أى شىء فى حقوقنا الثابتة والتى تتعلق بعدم الاعتراف بالكيان الصهيونى، بالمطالبة بكل فلسطين من نهرها إلى بحرها بعودة اللاجئين النازحين إلى منازلهم، بالتمسك إلى القدس وبالمسجد الأقصى، كل هذه المعطيات لا أظن أن من يقرأها بعين الدقة يصل إلى نتيجة التشكيك، لكن نرحب بالانتقادات والتعليقات على قاعدة أن تتضافر الجهود فى سبيل الحفاظ على حقوق شعبنا الفلسطينى المشروعة.
لم نتشاور مع إيران أو تركيا أو قطر فى الوثيقة
وحول ما إذا كان هناك تشاور مع طهران على بنود الوثيقة، قال القدومى، إن هذه ليست مبادرة هذه وثيقة تؤكد على أفكار حركة حماس، وأنه لم تتم مشاورات مع أحد وهنا لا أعنى قطر أو إيران أو تركيا، كما ذكرنا أن هذه الورقة ورقة تصف المبادئ الفكرية للحركة والتى تحافظ على مبادئنا وحقوق شعبنا.