- كان شخصية هادئة ويعامل الجميع باحترام وتواضع.. ويحزن عقب أى عمل إرهابى وسقوط شهداء من الجيش أو الشرطة.. وقال لنا: «قضيت معاكم أيام حلوة وهفتكركم بالخير».. واصطحب الطاقم الطبى معه لمنزله فى مصر الجديدة
- حسن يوسف ووفاء عامر وطلعت زكريا أشهر زائريه
قضى الرئيس الأسبق، محمد حسنى مبارك، 1200 يوم بين جدران مستشفى المعادى العسكرى، قبل أن يتركه لمنزله، خلّف وراءه أسرارًا وذكريات عدة مع العاملين وأطباء ومرضى المستشفى، الذى غادره عقب تنفيذ قرار الإفراج عنه فى مارس الماضى إلى فيلا هليوبوليس بمصر الجديدة. وانتقلت «انفراد» إلى مستشفى المعادى العسكرى، لمعرفة ماذا كان يدور خلال 3 سنوات فى غرفة «مبارك»، وصعدت إلى الطابق الثانى حيث يوجد «جناح د»، غرفة مرضى «209 - 201»، وهو الجناح الذى أقام به الرئيس الأسبق 3 سنوات، وزاره به عدد من كبار المسؤولين السابقين، وشخصيات عامة، وشهد فيه وهو على سرير غرفته 3 رؤساء جمهورية أتوا بعده.
صعدنا إلى الطابق الثانى بعد قطع تذاكر الزيارة، ووجدنا أبواب الجناح الذى كان يقيم به «مبارك» مغلقة، وبسؤالنا عن السبب قال أحد العاملين فى المستشفى إنه فى حالة صيانة، ولا يوجد به أحد، مرجعًا ذلك إلى أن المكان لم يشهد أى صيانة بسبب إقامة الرئيس الأسبق به لمدة 3 سنوات متوالية.
دخلنا إلى جناح إقامة الرئيس الأسبق لمقابلة أى شخص كان يتعامل معه بحكم طبيعة عمله، وقابلنا سيدتين تتوليان عملية تنظيف الجناح من الداخل، وطرقنا على الباب حتى أتت لنا سيدة وفتحت لنا الباب الذى كان مغلقًا.
ودار حوار بيننا وبين «أم ياسر»، المشرفة على الجناح «د»، فى البداية سألناها عما إذا كانت حاضرة فترة وجود الرئيس الأسبق بالجناح، فقالت إنها كانت المسؤولة عن صيانة وتنظيف الجناح خلال وجود «مبارك» فى المكان، مؤكدة أنه بعد مغادرته لا يزال الجناح مغلقًا لأعمال الصيانة، ولم يدخله نزيل.
وبسؤالها عن ذكرياتها مع الرئيس الأسبق، أجابت أن أكثر شىء تتذكره للرئيس الأسبق أنه كان شخصية هادئة، وكل العاملين بالجناح حزنوا يوم مغادرته المكان، وكان يعامل الجميع باحترام وتواضع.
وأضافت مسؤولة النظافة أن من الأشياء التى تتذكرها عن «مبارك» أنه كان يعشق أغانى «أم كلثوم»، فكلما دخلوا عليه الغرفة لتنظيفها وجدوا أغنياتها تبث عبر التليفزيون. وقالت السيدة إن الرئيس الأسبق كان ينتقل يوميًا من غرفته إلى الاستراحة، ثم يعود بعد ذلك لغرفته عقب الانتهاء من تنظيفها، وأشارت إلى أنه كان يملك هاتفًا محمولًا ونظارة قراءة، حيث كان يقرأ الجرائد بشكل يومى، ويتابع الأحداث اليومية عبر التليفزيون.
وكشفت مشرفة جناح الرئيس الأسبق بمستشفى المعادى أن «مبارك» لم يكن يتناول طعام المستشفى أثناء فترة وجوده بالجناح، وكان الطعام يأتى له من الخارج «دليفرى» من منزله، حيث تقوم زوجته سوزان ثابت بتحضيره فى البيت، ثم ترسله إلى المستشفى يوميًا.
ومن الأشياء التى تتذكرها «أم ياسر» عن فترة وجود الرئيس الأسبق، أن زوجته كانت تزوره على فترات متباعدة، بينما كان يزوره جمال وعلاء مصطحبين حفيده باستمرار، مؤكدة أن فنانين كثرًا كانوا يتوافدون على «مبارك»، من بينهم حسن يوسف، ووفاء عامر، وطلعت زكريا، وآخرون لا تعرفهم، ولكن فى بعض الأحيان كان يتم منع الزيارة عنه تمامًا حين كان محبوسًا.
وأفادت السيدة بأن طاقمًا أمنيًا كان يرافق «مبارك» فى كل تحركاته، ويحظر على العاملين دخول الجناح بالهاتف المحمول، لافتة إلى أن الرئيس الأسبق لم يكن يتحرك على قدميه، وكان يجلس على كرسى متحرك، وفى بعض الأحيان يتم إخلاء ممر الجناح من العاملين خلال خضوعه لجلسات علاج طبيعى.
وبيّنت مشرفة غرفة «مبارك» أن أيام المناسبات التى مرت على وجود الرئيس الأسبق فى المستشفى كان تشهد زيارة عدد كبير من أسرته وأقاربه، خاصة فى عيد ميلاده، حيث كان يتم إحضار «تورتة» إلى غرفته.
ونوهت «أم ياسر» فى حديثها عن ذكرياتها مع الرئيس الأسبق بأنها كانت تلاحظ على «مبارك» علامات الحزن عندما يحدث أى عمل إرهابى، ويستشهد فيه ضحايا من الشرطة والجيش.
وأوضحت مسؤولة الجناح أن الطاقم الطبى للرئيس «مبارك» كان مُكونًا من ممرضين اثنين، مشيرة إلى أنه قرر أن يأخذهما معه إلى منزله بمصر الجديدة لمتابعة حالته الصحية، حيث كان يشعر معهما بالراحة.
وكشفت «أم ياسر» أنه قبل مغادرة «مبارك» المستشفى، حضرت زوجته لترتيب وتجميع متعلقات زوجها الذى حرص بدوره على توجيه كلمة لكل العاملين بالجناح وأطباء المستشفى والممرضين، حيث قال لنا: «أنا عشت أحلى أيام حياتى معاكم، ودايمًا هفتكركم بكل خير، دى كانت عشرة معاكم».
وأقام «مبارك» 3 سنوات فى مستشفى المعادى العسكرى، بعد صدور قرار بالإقامة الجبرية من رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوى، بصفته نائب الحاكم العسكرى، فى أغسطس 2013، عقب قرار إخلاء سبيله فى قضية «هدايا الأهرام» بسبب الظروف الأمنية التى كانت تمر بها البلاد عقب عزل محمد مرسى.
وعاد الرئيس الأسبق لمنزله بمصر الجديدة فى شهر مارس الماضى بعد 6 سنوات قضاها ما بين سجن طرة ومستشفى المعادى، عقب اندلاع ثورة 25 يناير، وذلك بعد قرار نيابة شرق القاهرة الكلية، برئاسة المستشار إبراهيم صالح، المحامى العام، بإخلاء سبيله.