- كارثة مهنية.. منى مينا حولت العمل النقابى إلى نشاط سياسى
- دولة أمناء الشرطة "ورم خبيث" يهدد جسد الدولة بانتكاسة كبرى
الطب والتمريض مهنة إنسانية ، قوامها التضحية والمثابرة والإخلاص والتفانى، والعطاء والرحمة والرأفة، والترفع عن الذاتية والأنانية، والطبيب يحظى بالحب والاحترام والتقدير والإعجاب من الآخرين أينما ذهب ، احتراما لمهنته فى تخفيف الألام.
ومنذ أن عرفت مصر مهنة الطب، والأطباء يحظون بكل التقدير والاحترام ، وتعد المهنة الأولى فى أحلام الأطفال والشباب، ولكن هل بالفعل مهنة الطب فى مصر مازلت تغرد بالإنسانية والرحمة والرأفة؟
الحقيقة أنه ومنذ أن انحرفت نقابة الأطباء عن مسارها المهنى ، من الاهتمام بتطوير أداء أعضائها ومحاسبة المقصرين والمطالبة بتطوير المستشفيات ، والجلوس فى خندق المواطنين لتخفيف ألامهم ، إلى تسييس عملها واختطاف جماعات إرهابية وظلامية لها طوال العقود الماضية، انهارت المهنة وشعاراتها البراقة، وأصبحت تمثل عبئا وورما خبيثا فى جسد المصريين.
وفى الوقت الراهن تحولت نقابة الأطباء بقيادة منى مينا ، إلى مقر للعمل السياسى، وتحول عدد كبير من الأطباء ، من لقب "دكتور" إلى لقب "ناشط سياسى" ، ببساطة واختصار شديد رأينا الناشطة منى مينا تأخذ النقابة إلى أنفاق السياسة الكارثية فى هذا التوقيت الخطير من عمر الوطن.
النقابة وخلال الأيام القليلة الماضية اشتبكت مع "دولة أمناء الشرطة" الذين يمثلون ورما خبيثا أيضا فى جسد وزارة الداخلية، وبدأ الصراع الدامى بين الدولتين ، دولة نقابة الأطباء ودولة أمناء الشرطة، فى معركة " تحطيم الإرادة" ، ومن الذى يتمتع بصوت عال وجهورى.
ووسط هذا الصراع الدامى بين الدولتين ، أو الإمبراطوريتين ، سمهما كيفما شئت ، سقط المواطن الغلبان من أجندة الدولتين، مع أن هذا المواطن هو الأصل فى تأسيس ووجودهما.
دولة نقابة الأطباء بقيادة الناشطة منى مينا ، قررت إغلاق مستشفى المطرية، ومحاولة إغلاق أى مستشفى يتعرض فيها الأطباء لأى احتكاك مع ضابط أو أمين شرطة، أو حتى مجند ، وكأن المستشفيات أملاك خاصة بالنقابة تتحكم فيها كيفما تشاء.
انتفضت نقابة الأطباء ضد دولة أمناء الشرطة، ولها الحق فى ذلك ، ولها الحق فى الدفاع عن أعضائها ضد تجاوزات أى شخص مهما كان منصبه، أو جهة مهما كانت وضعها، ولكن ليس لها أى حق أن تغلق المستشفيات، ويجب محاسبة مجلس النقابة، ولا يجب خلط الأوراق ، والسير كالقطيع وراء شعارات جوفاء ومشاعر غاضبة عكس اتجاه الحقائق .
الحقيقة أنه ليس من حق لا نقابة الأطباء، أو أى جهة أخرى ، ولا من حق أى شخص أيا كان إغلاق مؤسسات عامة، أو تعطيل مصالح الناس، ويجب على دولة "أطبطب وأدلع" أن يشتد عزمها ، وتطبق القانون بقوة على كل من يحاول ممارسة أعمال البلطجة.
ما هذا الضعف والترهل ، والارتعاش والطبطبة للدولة، أمام حملة الشتائم والتهديد من أشخاص ، وروابط ، وجماعات ، ونقابات ، ويوما بعد يوم تزداد رقعة الاحتجاجات والاعتراضات ، وإغلاق المنشآت ، والشعب المصرى الشقيق يدفع الثمن.
دفع الثمن عندما أغلقت نقابة الأطباء مستشفى المطرية، ومات مريض على أبوابها، وتألم العشرات من المرضى المترددين عليها، والدولة تقف أمام الناشطة منى مينا، ومجلسها موقف المتفرج المعجب بالأداء الكارثى، وحذارى من انفلات اللجام القانونى.
أيضا اتخذت الدولة من مدرجات المشاهدين المعجبين بأداء دولة أمناء الشرطة ، الذين أصبحوا قنابل موقوتة ستنفجر بقوة وعنف فى وجه وزارة الداخلية ، من ناحية ، والدولة من ناحية ثانية، وتستشعر أن أمناء الشرطة تحولوا إلى تنظيم ، هدفه زعزعة الاستقرار ، وتأجيج الشارع ضد الدولة، والمصيبة أنه لا يعلمون أنه فى حالة اشتعال الوضع فى الشارع أول من سيدفع الثمن باهظا ، هم أمناء الشرطة.
ووسط هذا الصخب ، والصراع الفئوى ، وانتفاضة نقابة الأطباء ، وقرارها اغلاق مستشفى المطرية، وجدنا صمتا مطبقا لهذه النقابة أمام كوارث الأطباء ، فى مستشفى كفر الشيخ عندما تم نقل فيروس الايدز لمرضى الفشل الكلوى، وفى مستشفى طنطا عندما تسببوا فى إصابة المواطنين بالعمى.
الناشطة منى مينا لم نجدها تنزعج من كوارث الأطباء ، أو يحرك لها ساكنا أن مريض ذهب لمستشفى البدارى ولم يجد أطباء فمات ، ولم تتحرك وتعلن غضبها من وفاة وإصابة العشرات بحروق فى مستشفى خاص بالإسكندرية، وعاهات فى مستشفيات عديدة ، ولم تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور ضد رفض المستشفيات علاج الغلابة.
لم نر النقابة ، ولا الناشطة منى مينا يهتز لها جفن من حالات الإهمال الشديدة للأطباء بنسيان الفوط والمشارط فى بطون المصريين، لم نرها تنتفض من حجم البلاغات بسرقة الأعضاء البشرية والتجارة فيها ، ونشرتها وسائل الإعلام فى المستشفيات الخاصة، للدرجة أن الإعلام الغربى صنف القاهرة بأنها السوق الأول فى تجارة الأعضاء البشرية.
منى مينا انتفضت فقط لاندلاع معركة بين بعض الأطباء وعدد من أمناء الشرطة، وحاولت تسيس الأمر وتحويله من خانة الاحتكاك الطبيعى أو المشاجرة بين أطراف ، إلى قضية أمن قومى ، ثم ارتكبت ما هو أبشع، بإغلاق المستشفى تحت سمع وبصر دولة "أطبطب وأدلع وأهشك كمان".