يحتفل المسلمون فى شهر شعبان بليلة النصف من شعبان وهى ليلة يطلع فيها على خلقه فيغفر لهم جميعا إلا لمشرك أو مشاحن، وهى ليلة يحرص على قيامها وصومها، وهى ليلة مباركة ورد فى ذكر فضلها عدد كبير من الأحاديث ومن الأحاديث الواردة فى فضلها: حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت: فقدت النبى صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة، فخرجت أطلبه فإذا هو بالبقيع رافع رأسه إلى السماء، فقال: «يا عائشة، أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟» فقلت: وما بى ذلك، ولكنى ظننت أنك أتيت بعض نساءك، فقال: «إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب» رواه الترمذى وابن ماجه وأحمد.
الشيخ سامح عبد الحميد، الداعية السلفى، قال أن ليالى شهر شعبان "كلها زى بعضها" لايوجد حديث يميزها أو ليلة معينة أو احتفال معين، والاحتفالات بتكون "بهرجة" زيادة وليس فيها فائدة شرعية والنبى صلى الله عليه وسلم، والصحابة والعلماء لم يحتفلوا بها فلا يوجد أحد من الائمة الأربعة طالب بالاحتفال بتلك الليلة.
وأضاف فى تصريحات لـ "انفراد"، تلك أعياد مبتدعة دخيلة فى الدين ليس لها أى سند شرعى ولا يجوز الاحتفال بها واختصاصها، ولا يجوز المشاركة فيها لأنها احتفالات بدعية جديدة ومخترعة من الدولة الفاطمية فلم يحرص عليها ابن تيمية والائمة الأربعة ولو كانت تلك الاحتفالات فيها خير لكان الائمة حرصوا عليه.
الشيخ أحمد البهى، إمام وخطيب مسجد السيدة زينب، رد قائلا: ترتبط ليلة النصف من شعبان بتغيير قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة فى مكة المكرمة حيث ذكر عدد من المؤرخين ورواة السيرة النبوية أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة كان فى الخامس عشر من شعبان، فى السنة الثانية للهجرة، ويوافق نوفمبر 623م، وهناك قول أن ذلك منتصف شهر رجب، قال الجمهور الأعظم، إنما صرفت فى النصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة وبه قال ابن حبيب وذكره النووى فى (الروضة).
وأضاف فى تصريحات لـ "انفراد" وجاء فى فضلها عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله: "يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"، وعن أبى بكر قال: «قال رسول الله : "ينزل الله ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل نفس إلا إنسانا فى قلبه شحناء أو مشركا بالله عز وجل.
وتابع: أن العبادة فيها لها أجر مخصوص فعن على بن أبى طالب قال: قال رسول الله: "إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها إلى سماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه ألا من مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر".
أما ردا على من يحكمون ببدعية تلك الليلة قال: يزعم البعض أن هذه الليلة لا يوجد لها رمزية خاصة فى العبادة ولا يجوز الاحتفال بها لأن كثير من أحاديث الباب ضعيفة، فيما رد جمهور العلماء سلفا وخلفا بأن الأحاديث الواردة فى فضل هذه الليلة صحيحة، وحتى الضعيف منها فيعمل به فى هذا الباب لأنه من فضائل الأعمال ويقولون بأنه قد ورد عن جماعة من السلف اعتناؤهم بهذه الليلة واجتهادهم بالعبادة فيها كما قال ذلك ابن رجب الحنبلى: «وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها فى العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها.
إلى ذلك قال الشيخ عبد الله رشدى، إمام وخطيب جامع السيدة نفيسة، أن ليلة النصف من شعبان ورد فى فضلها أحاديث عديدة، وأن من يقول إنها بدعة عليه أن يراجع أقوال الأئمة فى شهر شعبان عامة وليس فقط ليلة النصف منه، فلا يجب أن يحكم على شىء لا يعرفه فهذا يعد من قبيل التعجل فى الحكم على نصوص شرعية، لافتا إلى أن ابن تيمية نفسه ذكر أن هناك طوائف من السلف كانوا يقيمونها، لافتا إلى أن المشكلة أننا نعانى من أن كل واحد يتكلم فى أمر الله وهو لا يحسنه.
من جانبها قالت دار الإفتاء المصرية أن ليلة النصف من شعبان هى ليلة عظيمة، عظم النبى صلى الله عليه وسلم شأنها؛ فقال: «إن الله ليطلع فى ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن»، وفى رواية: «إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين ويملى للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه»، وقد ورد فى فضل تلك الليلة أحاديث بعضها مقبول وبعضها ضعيف، غير أن الضعيف يعمل به فى فضائل الأعمال، ولذلك يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها.
وأضافت أن إحياء تلك الليلة أمر مشروع ما لم يعتقد فاعل ذلك أنه واجب شرعى يأثم تاركه؛ فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: «كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يأتى مسجد قباء كل سبت ماشيا وراكبا» رواه البخارى، قال فى هذا الحديث على اختلاف طرقه دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة والمداومة على ذلك.
وعلى ذلك: فإحياء ليلة النصف من شعبان أمر مشروع لا بدعة فيه ولا كراهة، بشرط أن لا يكون على جهة الإلزام والإيجاب، فإن كان على سبيل إلزام الغير وتأثيم من لم يشارك فيه فإنه يصبح بدعة بإيجاب ما لم يوجبه الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا هو المعنى الذى من أجلهكَرِه مَن كَرِه مِنالسلف إحياء هذه الليلة جماعة، فإن انتفى الإيجاب فلا كراهة.