نجحت روسيا فى رؤيتها لوقف إطلاق النار فى بعض المدن والمناطق السورية، ووقعت موسكو وطهران وأنقرة فى أستانة، الخميس، مذكرة تفاهم بشأن إقامة مناطق آمنة فى سوريا، فى حين انسحب وفد المعارضة السورية المسلحة من جولة جديدة من محادثات السلام الرابعة فى عاصمة كازاخستان.
ورفضت قيادات المعارضة السورية المسلحة أن تكون إيران راع للاتفاق الموقع حول المناطق الآمنة، وقال وزير خارجية كازاخستان خيرت عبد الرحمنوف ان الجولة المقبلة من محادثات السلام فى أستانة ستنطلق فى يوليو المقبل.
ويهدف الاتفاق الموقع فى أستانة لإنشاء مناطق آمنة لتوفير التدخل الإنسانى من خلال ممرات آمنة لحماية مدنيين حقوقهم مهدرة ويتعرضون للتعذيب والقتل والدمار، من خلال قرار يصدر عن مجلس الأمن بناء على توصيات لجنة حقوق الإنسان، وهذه الظاهرة ليست جديدة في العلاقات الدولية، فقد قامت الأمم المتحدة بالتدخل فى عدد من الدول بهدف التدخل لحماية المدنيين وحماية حقوق الإنسان، وحماية الأقليات وتقديم المساعدة الإنسانية.
ولا يمكن إقامة مناطق عازلة أو آمنة فى سوريا بدون عملية حظر للطيران وهى ما تتطلب ضرورة منع تحليق الطائرات فى أجواء المناطق الأربع ، ويتطلب فرض الحظر الجوي إقامة دوريات على مدار الساعة فوق المجال الجوى للمنطقة المفروضة ومنع أى استهداف لها من طيران قد يهددها بالخطر.
بدوره قال المبعوث الروسى إلى محادثات السلام السورية ألكسندر لافرنتييف، اليوم الجمعة، إن المناطق الآمنة التى ستقام فى سوريا ستغلق أمام الطائرات الحربية الأمريكية وطائرات التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة.
وأظهرت التجارب الدولية أن المناطق الآمنة نادرا ما تبقى آمنة، وغالبا ما تشكل خطورة كبيرة على المدنيين داخلها، إذ سيكون وعد السلامة فيها ضربا من الوهم إن لم تتحقق الضمانات الكافية، يمكن ان تتعرض المناطق الآمنة لهجوم متعمد.
من جانبه قال رئيس وفد الحكومة السورية فى آستانة بشار الجعفرى، أكد أن سوريا تساند المبادرة الروسية لإقامة مناطق آمنة.
وانتهت مفاوضات آستانة فى جولتها الرابعة أمس باختراق روسى، تمثّل فى التوافق على فكرة إنشاء مناطق تهدئة فى ريف دمشق وإدلب وشمال حمص والجنوب السورى، وتشمل مذكرة التوقيع عدة بنود في هذا الشأن اشتملت على أجندة زمنية يبدأ تنفيذها غداً السبت بإقرار وقف شامل للنار فى هذه المناطق الأربع على أن يتم تشكيل فريق عمل فى غضون أسبوعين لوضع خرائط محددة للمناطق وتحديد آليات الرقابة.
ورفضت المعارضة المسلحة القبول ببند في الاقتراح الروسي تحدث عن إحلال قوات مراقبة من البلدان الضامنة، في احتجاج واضح على أى دور لإيران يشرف على وقف النار فى وقت تقوم قوات إيرانية أو تعمل تحت إشراف إيران بجزء لا يُستهان به من العمل العسكري ضد مناطق سيطرة المعارضة، انسحب جانب من وفد المعارضة عندما دعى رئيس الوفد الإيرانى إلى المنصة لتوقيع المذكرة.
وأثار هذا التطور ارتياحاً فى موسكو ووصفه رئيس الوفد الروسى بأنه يمهّد لوقف شامل للنار ولاستئناف العملية السياسية، وقال إن روسيا ستعمل ما فى وسعها لتجنب استخدام الطيران فى المناطق الآمنة، مؤكداً أن الاتفاق ينص على هدنة لستة شهور قابلة للتمديد. وفى تطور لافت بدا أنه هدف إلى استرضاء المعارضة، قال المبعوث الروسى إن الحديث عن انسحاب القوات الخاضعة لإيران من سوريا ممكن بعد تثبيت هدنة مستقرة.
ورحب المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بالاتفاق، وقال إنه خطوة في الاتجاه الصحيح نحو وقف إراقة الدماء. لكن المعارضة أعلنت رفضها أى اتفاق عسكرى أو سياسى لا يستند بشكل ملزم إلى قرار مجلس الأمن الرقم 2118 وكل القرارات المرتبطة به.
وقال متحدث باسم الوفد المعارض المشارك فى أستانة أسامة أبو زيد إن أى اتفاق لوقف النار يجب أن يشمل كل أراضى سوريا، مشدداً على أن المعارضة تريد أن تحافظ سوريا على وحدتها.
بدورها رحبت مصر، فى بيان صادر عن وزارة الخارجية، الخميس، بالاتفاق الذى تم التوقيع عليه فى ختام الجولة الرابعة من مفاوضات أستانة بشأن الأزمة السورية، والذى ينص على إقامة أربع مناطق منخفضة التوتر فى سوريا.
وأكد البيان دعم مصر لكافة الجهود الرامية إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار فى جميع الأراضى السورية، والوقف الفورى للعنف، وتحسين الأوضاع الإنسانية، وتطلع جمهورية مصر العربية لأن يسهم الاتفاق الأخير فى استئناف مباحثات جنيف السياسية فى أسرع وقت تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما شدد بيان وزارة الخارجية على الموقف المصرى الثابت القائم على ضرورة إيجاد حل سياسى ينهى الأزمة السورية، ويحافظ على وحدة الأراضى السورية واستقلالها، وينهى وجود التنظيمات الإرهابية بها، ويحقق تطلعات الشعب السورى الشقيق وآماله، استنادا إلى مخرجات مسار جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.