كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، فى تقرير لها اليوم، كواليس وأسراراً جديدة عن تفجيرات 11 سبتمبر، التى عرفت فى أوساط الجهاديين والتنظيمات الإرهابية بـ"غزوة منهاتن"، وكيف عاشت أسرة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أجواء تلك التفجيرات قبل حدوثها.
وقالت الصحيفة، إنه فى العاشر من سبتمبر 2001، تلقت زوجات أسامة بن لادن أوامر بتجهيز حقيبة واحدة لكل منهن، ولم تسأل واحدة لماذا، فقط أراد زوجهن أن ينقلهن وأبناءه الصغار بعيداً عن قندهار، بينما انضم الأبناء الكبار لوالدهم وإخوة آخرين فى مكان لم يتم الكشف عنه.
وكان الصبى الوحيد الذى تركوه، "لادن"، وعمره تسع سنوات، وكان طفلاً خجولاً يتأرجح على أصوات إطلاق النار، وصعد الطفل مع الأطفال والنساء الأخريات على متن حافلة تعود للحقبة السوفيتية، ولكنها ملطخة بالوحل، وسارت لأيام على طريق أشبه بطريق الحرير.
وأضافت الصحيفة، بعد ثلاثة أيام غير مريحة توقفوا على مشارف جلال آباد، المدينة التى تقع شمال غربى أفغانستان، بجوار حصن محاط بجدران ارتفاعها 4 أمتار وأبراج حراسة، وكان هذا الحصن معسكر تدريب للقاعدة فى قرية قريبة، وأطلق عليه أسامة بن لادن اسم "نجم الجهاد"، وهذا المكان المحاط بأكواخ أطلق عليها الابن الثالث لـ"بن لادن" سعد "حرب النجوم"، وقام سعد بتوزيع صناديق الذخيرة والمؤن الغذائية وزجاجات فارغة من المواد الكيماوية فى كل مكان، وقامت "خير"، المسئولة عن العائلة، بتنظيف المكان.
وأوضحت الصحيفة، فى تقريرها الذى نسبته لعدد من أفراد أسرة بن لادن وأعضاء فى تنظيم القاعدة لم تكشف عن أسمائهم، أن زوجات أسامة، اللاتى كن محافظات دينياً، بما يعنى أنهن لا يستطعن الحديث مع الحراس الرجال، حللن كل الأخبار التى سمعنها عن أحداث سبتمبر التى وقعت، بينما كن فى طريقهن. ففى الأشهر الأخيرة كانت قندهار تعج بالشائعات عن شىء يسمى بـ"عملية الطائرات"، ولكن أحداً من خارج المجموعة الأساسية لأسامة بن لادن لم يكن متفائلاً.
ومع عدم وجود أى قريب لهن من الرجال لحمايتهن، فقط حراس القاعدة الذين لم يكونوا قادرين على دخول نفس الغرفة، وكان زعيم القاعدة قد أمر زوجاته بنسف أنفسهن لو أصبح الموقف خطيراً، كما طالب الطفل البالغ من العمر 9 سنوات "دورا" أن يرقد على ظهره ويحدق فى السماء ويكشف طائرات العدو، بعدما أصبحت الحرب مع أمريكا لا مفر منها.
وأضافت الصحيفة البريطانية، فى تقريرها، "فى الليل، كانوا يتجمعون تحت غطاء من الكلاشينكوف والقنابل اليديوية، ويتساءلون عن الأصدقاء والأسر الذين تركوهم فى المدن، ومتى سيرون أزواجهن وأبنائهن".
وأشارت الجارديان إلى أنها، من خلال المقابلات التى أجرتها مع أفراد الأسرة الذين أرادوا أن يظلوا مجهولين، وكبار أعضاء القاعدة الذين لم يتحدثوا من قبل، تمكنت من بناء صورة للحياة التى يعيشون فيها، وكذلك فى الأشهر والسنوات التى تلت أحداث سبتمبر.
وأكدت الصحيفة أن "عمر"، نجل بن لادن، الذى كان يتدرب على خلافة والده، الذى يشبهه إلى حد كبير، لم يشارك أبداً والده ولعه بالحرب، وبعدما علم خططه بشأن عملية الطائرات القادمة أصبح عازماً على الرحيل، فذهب إلى والدته "نجوى" يرجوها أن تذهب معه، لكنها لم تعص زوجها أبداً، لذا هرب وحده، وقال إن الطريق العنيف الذى سلكه والده فرّق بينهم إلى الأبد.
وبنهاية أغسطس 2001، حدث تغيير كبير لدى "نجوى"، فمع تردد كلمات نجلها "عمر" فى عقلها، طلبت العودة لوالديها فى سوريا، وهو ما كان يشبه العصيان من سيدة ظلت ملازمة لزوجها طوال 26 عاماً أنجبت منه 11 طفلاً.
ولم تكن "نجوى" تريد أبداً أن تكون "عروسا جهادية"، وكانت من عائلة سورية مثقفة، نشأت فى اللاذقية، حيث كانت النساء ترتدين البكينى، وتزوجت أسامة عام 1974 وهى فى عمر السادسة عشرة قبل أن يتحول إلى تطرفه، وبينما كان لا يزال شاباً ثرياً. وتقول زوجة شقيق بن لادن، إنها تتذكر أن نجوى كانت حاملاً دائماً، وكانت تبدو كأنها غير مرئية تقريباً، ولكن نجوى لم تعتقد أبداً أن الحال سينتهى بها فى قندهار، ترتدى البرقع الأفغانى وتطبخ على موقد عين واحدة داخل كوخ صغير، وفيما بعد قالت، "لم أتوقف أبداً عن الصلاة لكى يكون كل شىء فى العالم سلمياً، وأن تعود حياتنا طبيعية".