ميراث ثقيل تسلمه الرئيس الفرنسى الجديد إيمانويل ماكرون من سلفه المنتهية ولايته فرانسوا هولاند، الذى غادر السلطة أمس بعد مراسم التنصيب الكرنفالية تخللها كلمة الرئيس الأولى لشعبه، والتى قال فيها إن مكافحة الإرهاب على رأس أولوياته فى ولايته الرئاسية التى تمتد لأربع سنوات مقبلة.
وفى أول يوم رئاسة، يواجه ماكرون العديد من الملفات العاجلة، فبخلاف الحرب على الإرهاب، يستعد الرئيس الشاب للقاء مرتقب يجمعه مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى 25 مايو الجارى فى بروكسل حاملا بين ملفاته هموم ومخاوف القارة الأوروبية من خطاب ترامب العدائى، الداعى لتهميش دور الاتحاد الأوروبى.
وبالتزامن مع بدء مهامه فى الإليزية، كشف مسئول كبير فى الإدارة الأمريكية إن ماكرون وترامب سيلتقيان فى "غداء طويل" فى بروكسيل للمقارنة بين آرائهما. وقال المسئول إنهما "آخر رئيسى دولتين وصلا إلى الساحة الدولية"، وأن الرئيس الأمريكى معجب بآراء ماكرون رغم ما يشاع عن أنه كان يفضل فوز اليمينية المتطرفة مارين لوبان.
وتسود دوائر السلطة ودواوين صناعة القرار داخل العواصم الأوروبية حالة من الهدوء بعد فوز ماكرون فى الانتخابات الأخيرة وهزيمة مارين لوبان التى كانت من أبرز دعاة الخروج العاجل من عضوية الاتحاد الأوروبى، وحل ارتباط فرنسا من كافة الاتفاقيات التجارية وبروتوكولات تنظيم حركة السفر بين دول القارة بما فيها تشنجن واتفاقية اليورو وغيرها.
وبخلاف لقاء ترامب المرتقب، يستعد ماكرون بحسب مراقبون لاتباع نهجا جديدا فى الحرب على الإرهاب يعتمد تعزيز دور الأجهزة الأمنية فى عمليات المراقبة وتوجيه الضربات الاستباقية دون مساس بالأقليات أو استهداف للمسلمين بشكل مجحف.
وفى خطاب التنصيب، قال ماكرون: "فى الأشهر الماضية تكبدت بلادنا محن بسبب الإرهاب.. ولكن سكان باريس تكاتفوا وتوحدوا فى مواجهة الأعمال العدائية وقدموا المساعدات". وتابع "قلب باريس لا يزال ينبض بقوة، لكن مستقبل العالم لا يزال على المحك".
وتعد الاخفاقات الأمنية والهجمات الإرهابية التى تعرضت لها فرنسا خلال السنوات القليلة الماضية أحد أبرز الأسباب التى دفعت الرئيس السابق فرانسوا هولاند إلى عدم خوض المنافسة على ولاية رئاسية ثانية، بعدما كشفت استطلاعات الرأى كافة تراجع شعبيته بشكل حاد.
ومن ميادين مكافحة الإرهاب، يستعد ماكرون إلى صراع جديد ساحته ميادين السياسة، قبل أسابيع من انتخابات الجمعية الوطنية (البرلمان) المقررة 11 يونيو، حيث يطمح الرئيس الشاب فى انتزاع أغلبية برلمانية تمكنه من تمرير قراراته ومشاريعه المختلفة فى شتى المجالات ومن بينها الإصلاح الاقتصادى وتعزيز الإجراءات الأمنية لمكافحة التطرف.
وفيما تكثف الأحزاب استعداداتها، يواجه ماكرون أزمة جديدة بعدما رفضت حركته "إلى الأمام" انضمام رئيس الوزراء السابق، السياسى الاشتراكى مانويل فالس إلى أعضاءها الأمر الذى رد عليه الأخيرة بالهجوم على ماكرون ووصفه بـ"الحاقد"، فى وقت كشفت فيه استطلاعات الرأى أن 52% فقط من الناخبين يرون أن الرئيس بإمكانه الحصول على أغلبية نيابية.
وبعد مؤشرات التصويت فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة التى كشفت تراجع دور الأحزاب الفرنسية القديمة، تستعد الأحزاب الاشتراكية واليسارية إلى إعادة ترتيب أوراقها على آمل استعادة قدر من ثقة الناخبين والفوز بمقاعد البرلمان.
وعلى الرغم من تعقد مهام ماكرون وجثامه التحديات التى يواجهها فى الانتخابات البرلمانية المرتقبة، إلا أن حالة من الاطمئنان تسود حركة "إلى الأمام" التى يتزعمها الرئيس الشاب فى ظل الانقسامات التى ضربت حزب الجبهة الوطنية الذى تتزعمه المرشحة الرئاسية الخاسرة مارين لوبان وذلك بعدما أعلنت ابنة شقيقتها ماريون ماريشال النائبة الأصغر فى البرلمان الاستقالة من الحزب.
وقالت الشابة اليمينية عن أسباب استقالتها إن قرارها له أسباب شخصية وسياسية، وتابعت : "أن يكون المرء قائدا جيدا، هذا يعنى أن يخوض تجارب أخرى غير النجاح الانتخابى"، الأمر الذى اعتبره مراقبون بمثابة تلميح لاعتزامها تشكيل حركة أو حزب جديد تعود من خلاله إلى الحياة السياسية.
من جهة أخرى، يجرى الرئيس الفرنسى مشاورات تشكيل الحكومة فى وقت قال مراقبون إلى عمدة بلدية هافر الفرنسية فيليب إدوارد هو الأقرب لرئاسة الوزراء خلفا لرئيس الوزراء فى حكومة تسيير الأعمال برنار كازنوف.