يومًا تلو الآخر تتزايد تعقيدات أزمة إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية "FBI" جيمس كومى، وسط مطالب متتالية بمحاكمة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لعرقلته سير تحقيقات قضية التأثير الروسى على الانتخابات الأمريكية الأخيرة التى كان يشرف عليها مدير المكتب المقال.
وقبل انطلاق ترامب فى أول جولاته الخارجية والتى تشمل المشاركة فى القمة الإسلامية بالعاصمة السعودية الرياض وزيارة آخرى إلى تل أبيب بخلاف زيارة الفاتيكان للقاء البابا فرانسيس، كشفت وسائل إعلام أمريكية نقلاً عن مصادر مقربة من جيمس كومى أن الرئيس ترامب حاول استمالة مدير مكتب التحقيقات المقال لإقامة علاقة شخصية معه ، الأمر الذى رفضه كومى.
وبحسب ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية فى تقرير لها الجمعة، حاول ترامب التودد لجيمس كومى وسأله مباشرة متى ستعلن السلطات أنه (ترامب) لا يخضع للتحقيق شخصياً ، وذلك وفق رواية شخصان كانا على علم بتفاصيل مكالمة هاتفية دارت بين الرئيس ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالية المقال.
وبحسب رواية الصحيفة الأمريكية، رد كومى على ترامب قائلاً إنه لو أراد التعرف على تفاصيل تحقيقات المكتب الفيدرالى فلا ينبغى عليه أن يطلب ذلك بشكل مباشر أو ودى، وإنما عليه اتباع الاجراءات الرسمية ومن بينها إرسال المستشار القانونى للبيت الأبيض ما يريد معرفته من استفسارات بشكل رسمى إلى وزارة العدل.
وقالت نيويورك تايمز: وضع جيمس كومى خطاً فاصلاً بينه وبين الرئيس ترامب بعد سلسلة من المواجهات مع الرئيس وغيره من مسئولى البيت الأبيض التى شعر أنها تقوض استقرار الـ"FBI"، حيث كان كومى يشرف فى هذا الوقت على التحقيق فى الصلات بين مساعدى ترامب وروسيا.
وشملت هذه المواجهات بحسب الصحيفة عشاء قال فيه مساعدة كومى إن ترامب طلب من الأخير التعهد بولائه، واجتماع فى المكتب البيضاوى قال فيه ترامب لكومى إنه يأمل أن يتم غلق التحقيق الخاص بمستشار الأمن القومى السابق مايكل فلين، وهو الأمر الذى نفاه ترامب.
وبعد يومين من المحادثة الخاصة بفلين، طلب رينيس بريبوس، رئيس موظفى البيت الأبيض، من كومى المساعدة صراحة فى دحض التقارير الإعلامية بأن مساعدى ترامب كانوا على صلة بمسئولى الاستخبارات الروسية خلال الحملة اانتخابية.
وتحدث كومى عن كل هذه الاتصالات مع الرئيس والبيت الأبيض فى مذكرات تفصيلية كتبها فى هذا الوقت وقدمها لمساعديه. وقد طلب محققو الكونجرس نسخ من تلك المذكرات.
وتحدث كومى أيضًا عن لقاءات أرقته مع ترامب، من بينها واحد حدث فى الثانى والعشرين من يناير بعد يومين من تنصيب ترامب. حيث استضاف الرئيس فى هذا اليوم احتفالا لتكريم مسئولى تنفيذ القانون الذين قدموا الأمن لحفل تنصيبه. ووفقًا لمصادر، قال كومى إنه لم يريد فى البداية الذهاب للاجتماع لأن مدير الإف بى أى لا يجب أن يكون له علاقة وثيقة بالبيت الأبيض. لكنه ذهب لأنه أراد أن يمثل الاف بى أى.
ووقع الاحتفال فى الغرفة الزرقاء بالبيت الأبيض حيث تجمع العديد من كبار المسئولين منهم مدير الخدمة السرية. وكان كومى الذى يبلغ طوله ستة أقدام و8 بوصة يرتدى بدلة زرقاء داكنة فى هذا اليوم، وقال لأحد المقربين منه، إنه حاول الاختباء خلف الستائر الزرقاء فى الجزء الخلفى من الغرفة على أمل ألا يلحظه ترامب.
من ناحية أخرى،قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن العديد من مستشارى البيت الأبيض والمقربين من ترامب قد حثوه على توظيف محامى محضرم من خارج البيت الأبيض لمساعدته فى التعامل مع القضايا التى أثارها الجدل المتصاعد حول ما إذا كان لحملته صلات مع روسيا، بحسب ما أفاد عدد من الأشخاص المطلعين على المحادثات.
وجاءت التوصيات حتى قبل تعيين محقق خاص يوم الأربعاء، لقيادة التحقيق حول ما إذا كان هناك أى تواطؤ بين حملة ترامب الرئاسية والمستشارين الروس.
وقيل إن مساعدى ترامب وحلفائه يشعرون بقلق على نحو خاص من الكشف عن أن جيمس كومى، مدير "إف بى أى" الذى أقاله ترامب، لديه مذكرات وخطابات تفصيلية حول المحادثات التى دارت بينه وبين الرئيس.
وأوضحت الصحيفة أنه فى حين مكتب الرئيس يمثله المستشار القانونى للبيت الأبيض، إلا أن الرؤساء فى الماضى لجأوا إلى محامين من الخارج عندما كانت هناك شكوك وتساؤلات حول تصرفاتهم الخاصة. وبحسب ثلاثة أشخاص رفضوا الكشف عن هويتهم، فإن ترامب أشار إلى أنه سيلجأ لمحامى جديد على الأرجح إلا أنه لم يتخذ قرارا بعد فى هذا الشأن.
وفيما يتعلق بتعيين محقق خاص لقضية "التدخل الروسى"، حذرت صحيفة "واشنطن بوست" من أن تعيين مدير الإف بى أى السابق روبرت مولر محققًا خاصًا يمكن أن يعقد التحقيقات الأخرى التى يجريها الكونجرس حول القضية نفسها.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن مولر سيكون لديه الموارد والسلطة التى يعرف أعضاء الكونجرس أنهم لا يستطيعون مطابقتها، وأنه وحده القادر على توجيه اتهامات، باستثناء ضد الرئيس نفسه. كما أن عدم الرد على مذكراته يمكن أن يحمل تهديدا حقيقيا بالملاحقة الجنائية.
ووصف الرئيس ترامب قرار تعيين محقق خاص بأنه أشبه بمطاردة الساحرات، ووصفها بأنها أكبر حملة اضطهاد فى التاريخ الأمريكى.