تدخل البرازيل أزمة سياسية جديدة فى أعقاب فضائح الفساد المتهم بها الرئيس البرازيلى ميشيل تامر، حيث من المتوقع أن يكون منصب الرئيس فارغ بعد قرار المحكمة العيا بتقديم تامر استقالته بعد اتهامه رسميا شراء صمت الرئيس السابق لمجلس النواب إدواردو كونيو فى قضية "بتروبراس" النفطية الوطنية، إلا أنه رفض الاستقالة.
وقال تامر فى كلمة ألقاها أمس الخميس: "لن أستقيل، سأبرهن فى المحكمة العليا أنه ليست لى أية صلة بالوقائع المذكورة"، مطالبا بإجراء تحقيق شامل فى تهم الفساد الموجهة إليه بحيث يتضح الأمر للشعب البرازيلى، مشددا: "ليس لدى ما أخفيه".
ووفقا لمحلة السياسية البرازيلية كاميلا رودريجيز دا سيلفا فإن بموجب القانون البرازيلى، فقد يتمتع رئيس البلاد بالحصانة الجزئية من الملاحقة الجنائية ولا يمكن إطلاق تحقيق معه إلا بإذن من هيئة قضائية عليا.
وأوضحت فى تقرير لها نشرته بصحيفة أريينا البرازيلية فإنه بموجب الدستور، إذا تم عزل نائب الرئيس، الذى يحل محله هو رئيس مجلس النواب، ثم مجلس الشيوخ، وأخيرا رئيس المحكمة الاتحادية العليا، ولكن المشكلة الآن هو أن الرئيس الحالى لمجلس النواب رودريجو مايا يتم التحقيق معه بقضايا تتعلق بالكسب غير المشروع، حيث إنه طالب بدعم مادى غير قانونى من شركة أودبريشت لتمويل حملته الانتخابية، ولذلك فإن لديه ما يمنعه من توليه المنصب.
كما هو الحال بالنسبة للرئيس الحالى لمجلس الشيوخ أونيكو أوليفيرا الذى تولى منصبه فى فبراير، وأيضا متهم أيضا بثلاث خيانات لشركة جاتو، ولذلك فإن البرازيل يتمر بأزمة سياسية معقدة، خاصة وأن الانتخابات المقبلة ستكون فى عام 2019.
ولذلك فإنه من المرجح أن خليفة رئاسة الجمهورية هى كارمن لوسيا رئيسة المحكمة العليا البرازيلية، ثم يتم انعقاد انتخابات خلال 30 يوما، وفقا لأحكام المادة 81 من الدستور البرازيلى، وبالتالى فإن هناك احتمالية لانعقاد انتخابات رئاسية خلال العام الجارى.
وآخر التسجيلات، التى بثتها شبكة جلوبو البرازيلية، كشفت عن تورط الأمين العام لمجلس الوزراء الحالى، جيديل ليما، فى تلزيمات غير قانونية بإيعاز من تامر، والأخير قبل استقالة وزير الثقافة السابق مارسلو كاليرو، بسرعة، بعد اعتراضه على تجاوزات فريق تامر، كما كشفت التسجيلات، ووراء تسريبها كاليرو، عن مقايضة أجراها تامر مع رئيس البرلمان المعزول، إدواردو كونيا، ومضمونها صمت الأخير مقابل حريته وتبرئته من تهم الفساد التى يقضى بموجبها عقوبة تصل إلى السجن 15 عاما.
وبعد دقائق على بث التسجيلات الأولى، ظهرت تسجيلات أخرى طاولت الزعيم اليمينى والمرشح السابق للرئاسة أيسيو نيفيز الذى طلب من رئيس كبرى شركات الدواجن (JBS) رشوة بمليونى دولار مقابل خدمات ضريبية وجمركية، الأمر الذى استدعى تدخلا سريعا للقضاء الأعلى، الذى علق عضوية نيفيس والنائب اليمينى رودريجو لوريس، ثم توجهت قوة من الشرطة الفيدرالية إلى مكاتبهما داخل مقرى مجلس الشيوخ والبرلمان لإغلاقهما.
وكان لبث التسجيلات وقع الصاعقة على القطاع الاقتصادى، إذ انخفض سعر صرف الريال البرازيلى بحدة وفقد أكثر من 12% من قيمته فى مدة لم تتجازو اليوم، ما استدعى تدخلا طارئا من البنك المركزى الذى أوقف تدهور أسعار الأسهم، وواكب ذلك ارتدادات فى الوسط الشعبى، أبرزها مطالبة "منظمة البرازيل الحرة" الرئيس بالاستقالة الفورية، مهددة عبر المتحدث باسمها، روجيرو شقير، بأن التيار الشعبى الذى حاسب الرئسية العمالية السابقة الآن بصدد درس الخيارات ضد تامر.
ومن جهته، رفض الرئيس تامر الاتهامات الموجهة إليه بمحاولة تقديمه رشوة لكونيا، قائلا فى بيان إنه لم يشارك ولم يعط الموافقة على "أية أفعال تهدف إلى عرقلة التعاون بين كونيا والقضاء".
وأصبح تامر، الذى شغل منصب نائب رئيس البرازيل أثناء فترة رئاسة ديلما روسيف، رئيسا للبلاد بعد إقالة روسيف بتهم تتعلق بالفساد أيضا، فى 31 أغسطس الماضى ، وكان من المفترض أن يدير تامر البلد حتى الأول من يناير من العام 2019، موعد انتهاء فترة روسيف الرئاسية.