"لا يكتفوا بسرقة الأرض فقط، بل يسعون أيضا للسطو على التاريخ والتراث لينسبوه إلى أنفسهم"، هذا هو لسان حال كل من رأى ميرى ريجيف وزيرة الثقافة الإسرائيلية فى حكومة بنيامين نيتنياهو، وهى على السجادة الحمراء أثناء مشاركتها فى فعاليات افتتاح مهرجان كان السينمائى فى دورته الـ70، وتظهر فيه وهى ترتدى فستانا مرسوما عليه صورة القدس.
إسرائيل لم تكتف بعملياته الوحشية ضد الشعب الفلسطينى وحركة الاستيطان على الأراضى العربية، فكان التراث والهوية الفلسطينية مطمعا هى الأخرى بدءاً من الأوانى الفخارية ذات الطابع الفلسطينى التى تسوق للسياح الأجانب على أنها تراث إسرائيلى، مرورا بمدينة القدس الشريف وأماكنها الدينية المقدسة، فى تعبير يتناسب مع كلمة المستشرق الأمريكى من أصول لبنانية "فيليب حتى"، حيث يقول: "اليهود شعب همجى بلا حضارة، وكلما احتلوا منطقة سرقوا تراث أهلها ونسبوه إليهم".
"انفراد" استطلع آراء عدد من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين حول واقعة ارتداء "ريجيف" فستانها المثير للجدل وكان ضمن تعليقاتهم:
قالت الكاتبة والروائية الفلسطينية فدى جريس: "إسرائيل لا تفعل شيئًا دون تخطيط ورسالة، ومن الممكن أن هذه رسالة موجهة للعالم على إثر الذبذبة الأخيرة فى موقف الولايات المتحدة وتعليق قرار نقل سفارتها إلى القدس، فإسرائيل تريد أن تثبت ملكيتها للمكان".
وتابعت صاحبة المجموعة القصصية "حياتنا الصغيرة"، قائلة: "وفى أى حال هجمتها الشرسة على القدس متواصلة من استيطان وخنق السكان العرب وجعل توسعهم فى المدينة مستحيلًا والسيطرة على أملاكهم أحيانًا بالقوة، غير قوانينها اللإنسانية فى سحب المواطنة للمقدسيين فى حال غيابهم عن المدينة لعدة سنوات".
بينما قالت الكاتبة والروائية الفلسطينية صونيا خضر: "ليس مستغربا أو غريبا على من تحث المستوطنين واليهود على اقتحام ساحات الحرم القدسى الشريف فى يوم ما يسمى بـ يوم توحيد القدس، وشكرها لشرطة إسرائيل التى سمحت لهم بدخول جبل الهيكل، ودعوتها لهم باصطحاب أبنائهم لإحياء هذه الذكرى، أن ترتدى فستاناً عليه صورة القدس فى مهرجان كان السينمائى، لتأكيد وقاحة هذا العدو".
وتابعت "خضر" لـ"انفراد": "أولاً استغلالها لهذا الحدث الفنى الكبير لتوجيه رسالة استفزازية للأوروبيين، ثانيا لو أنهم صادقون فى ادعاءاتهم عن انتماء القدس لهم لما أهانوها بهذا الشكل، وما فعلته هذه الوزيرة لا يشكل استفزازاً للفلسطينيين فحسب بل للكثير من الأوروبيين المناصرين لفلسطين وحركة المقاطعة العالمية ضد الاحتلال الصهيونى".
وفى سياق ذاته قال الشاعر الفلسطينى موسى حوامدة، إن الواقعة تمثلالوقاحة فى أبشع تجلياتها ومحاولة سخيفة للالتفاف على قرارات اليونسكو الأخيرة، باعتبار الأماكن المقدسة فى القدس عربية تحت الاحتلال،واعتبار الأقصى تراثا إسلاميا".
وتابع "حوامدة": "إن كانت وزيرة الثقافة الصهيونية تحترم الأقصى فعليها أن ترحل عنه هى وكيانها العنصرى"، مضيفا: "هذه الحركات الصبيانية ما هى إلا لعبة إسرائيلية مبتذلة،حيث إن الأرض الفلسطينية تقع تحت سيطرة كيان استيطانى غاصب،ولن تقنعنا كل حكومات إسرائيلأن أى جزء من فلسطين ليس عربيا فلسطينيامهما حاولوا تزوير التاريخ والحقيقة بغطاء أوروبا الرسمى سوا معادى لنا أو منحاز".
فيما صرح المترجم والروائى الفلسطينى عصمت منصور مقتضبا "هذا تصرف صبيانى استفزازى يعكس مستوى ثقافتها المتدنية وعنصريتها ومحاولتها كسب ود المتطرفين وتسجيل نقاط فى ماراثون المزايدة الاسرائيلى اليمينى الداخلى".